أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه في لقائه مع سعادة الشيخ خليفة بن أحمد بن عبدالله آل خليفة رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار بتاريخ الرابع من اغسطس 2022 عدة مسائل في غاية الاهمية والضرورة للنهوض بقطاعات السياحة والثقافة والتراث والفن، وبما يعزز دورها التنموي ويوسع مساهمتها في استقطاب الموارد البشرية البحرينية، وتتطلب دراسة معمقة من الجهات الرسمية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وقد اشرنا في المقال السابق إلى مسألتين منها؛ الاولى تتمثل في ضرورة الحفاظ على الثقافة والتراث والمقومات الحضارية التي شكّلت ولا تزال تشكل ملامح وهوية المجتمع البحريني، والثانية ضرورة الاهتمام بتأصيل القيم الثقافية وربط الأجيال بتاريخ وطنهم ليكون الدافع لهم لصناعة إنجازات تكون مع مر الأزمان إرثاً حضارياً يحكي عن قصص نجاح أبناء البحرين. اما المسألة الثالثة التي اكدها سمو ولي العهد رئيس الوزراء فهي «أهمية مواصلة الاهتمام بالمشروعات التي تعزز موقع مملكة البحرين الثقافي والتاريخي والترويج لمقوماتها الثقافية لتنمية السياحة الثقافية في المملكة»، وخاصة ان السياحة الثقافية تهتم بأساليب حياة الناس، والعوامل التي اثرت في تشكيلها، وأن السياح الذين يبحثون عن هذا النمط من السياحة غالبا ما يكونون على مستوى مرموق من التعليم والثقافة، وأنهم يضعون برنامجا مسبقا لنوع المعالم السياحية التي يرغبون في الاطلاع عليها مثل المدن التاريخية، والقلاع، والقصور، والمدارس، والاسواق القديمة، والمتاحف، وقاعات العرض والبانوراما التي تجسد التطور الحضاري للدولة، فضلا عن القرى والمناطق الريفية التي حافظت على تقاليد وفلكلور ونمط البناء لمجتمعاتها الأصلية، ولم تبتعد كثيرا عن قيم الاباء والاجداد ونمط حياتهم وملابسهم وحرفهم ونشاطاتهم. الامر الذي دفع الكثير من دول العالم التي اندثرت معالمها الحضارية، والتي تهتم بالصناعة السياحية، وخاصة السياحة الثقافية، الى بناء قرى تراثية تحاكي الماضي وتبرز معالمه. وحيث ان مملكتنا الحبيبة تمتلك العديد من المعالم التاريخية التي لا تزال شاخصة وبعض القرى التي لم تفقد اصالتها، لذا ينبغي الاهتمام بها والحفاظ على طابعها التراثي والسعي لتسجيلها كجزء من التراث العالمي والتسويق العلمي المدروس لها كمناطق جذب سياحية ناطقة والتوسع في انشاء المحميات التراثية. والتنسيق والتعاون بين وزارة السياحة وهيئة الثقافة والتراث وجمعية تاريخ وآثار البحرين، وجامعة البحرين؛ لإقامة ملتقيات ثقافية وسياحية مشتركة، تقام في مخيمات موسمية في المحميات او القرى التراثية، تبحث وتؤصل المكانة التاريخية والحضارية للمعالم التراثية في المملكة، وتسعى الى نشر الوعي بهذه المعالم وطنيا وإقليميا وعالميا. كما ينبغي التعاون مع وزارة التجارة والصناعة وغرفة تجارة وصناعة البحرين في مجال جذب وتشجيع الاستثمارات التي تسهم في تنمية القرى والمعالم التراثية في البلاد، من خلال تقديم الحوافز والتسهيلات للمستثمرين في هذا القطاع. اما المسألة الرابعة التي اكدها سمو ولي العهد رئيس الوزراء الموقر فإنها تتمثل بأهمية الا تكون المشروعات التنموية وما تتطلب من بنية تحتية مدعاة للزحف وابتلاع المعالم التراثية في المملكة، فقد اكد سموه «أن تلبية متطلبات التنمية ومشاريع البناء والتطوير مستمرة، والتوجيه بأن يتم مراعاة الحفاظ على المعالم والإرث الحضاري للمناطق التاريخية». ولا ريب ان هذه ملاحظة ذكية مهمة، وخاصة ان التمدد العمراني قد اودى بالقطاع الزراعي فتراجع موقع المملكة على خريطة انتاج التمور، ومثل تحديا كبيرا للأمن الغذائي. وهو ايضا تحد كبير لقطاع السياحة الثقافية في البلاد. وهنا لا بد من دعوة المعنيين بالتخطيط العمراني والتنمية المكانية في البلاد الى ضرورة ادماج الموروث الحضاري والتراثي البحريني في العمارة البحرينية المعاصرة، بحيث تكون واجهات ومداخل المباني معبرة عن الاصالة البحرينية ودافعة لمن يراها الى البحث عن المواقع التراثية البحرينية الاصيلة، ومن ثم فإنها وسيلة فاعلة للترويج للتراث المعماري البحريني. وتتمثل المسألة الخامسة بتأكيد سمو الأمير سلمان «أهمية الفن كأحد العناصر الثقافية ودوره المؤثر في التواصل مع العالم»؛ اذ ان الفن يلعب دورا مهما ومؤثرا في ابراز الموروث الحضاري والثقافي والفلكلوري للشعوب، فمثلا الفن التشكيلي يعد اداة فاعلة في تدوين التراث الشعبي، وكذلك التصوير، والغناء والانشاد والتمثيل، وغيرها من مجالات فنية يمكن ان تبعث برسائل جاذبة للشعوب للاطلاع على التراث والثقافة التي يتحدث عنها الفنان، ومن ثم فإنها وسيلة حيوية للجذب السياحي. والمسألة السادسة التي أكدها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة رعاه الله «أهمية مواصلة الاهتمام بالفنان البحريني لما يضطلع به عبر أعماله الفنية من دور في نقل الصورة الحضارية والتطور التنموي لمملكة البحرين». وهذا الامر ليس جديدا على سموه الكريم فهو الراعي الامين للمخلصين والمبدعين الذين يسهمون في مسيرة البناء والتنمية المستدامة خدمة لحاضر البحرين ومستقبلها الزاهر بعون الله وتوفيقه، وإنفاذا امينا لتوجيهات ورغبات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المعظم والد الشعب وصمام أمنه وأمانه. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :