بموجب الاتفاق النووي الإيراني الذي تم توقيعه في يوليو العام الماضي، يُنتظر أن تُرفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، وحسب الاتفاقية فإن نهاية يناير الجاري سيكون اليوم الأخير في هذه العقوبات المفروضة مسبقاً على طهران. إلا أن إيران وقبل شهر من رفع العقوبات يبدو أنها في اتجاه خلق أزمة جديدة بشأن برنامج صواريخ باليستية، إذ أعطى الرئيس روحاني أوامره لوزير الدفع حسين دهقان من أجل إنتاجها تحت ذريعة استمرار تهديد السياسات الأميركية لبلاده، وتأتي تلك الخطوة استباقية لما تم تسريبه إلى الصحافة الأميركية بأن البيت الأبيض يستعد لفرض عقوبات على إيران بسبب تطويرها برنامجاً للصواريخ الباليستية، علماً أن لدى طهران أضخم ترسانة للصواريخ الباليستية في الشرق الأوسط. المثير في هذا الأمر أن حالة الانفتاح الغربي، والزيارات التي قام بها مسؤولون غربيون إلى إيران والعكس، بعد الاتفاق النووي الذي يفترض أنه جاء على الأقل نتيجة لبوادر حسن ظن ونية غربيين، يجدر أن يدفع طهران لانتهاج مسار إيجابي في علاقاتها مع الغرب بوصفه الطرف الأبرز في هذا الاتفاق لكن ما يحدث هو العكس. إن إصرار إيران على اتخاذ تلك المسلكية نابع من شعورها بالتراخي والتراجع في ردعها عن تصرفاتها المثيرة للاضطراب في محيط لا تنقصه أي تطورات، ولذا فإن من الضروري التنبه والتأكد من جدية إيران في تعاملها مع الأمن الدولي ومراقبة برنامجها النووي عن كثب، وإن العودة إلى الوراء قليلاً تعطينا إشارة إلى التهاون الإيراني وعدم أخذه على محمل الجد التزامه مع الدول الكبرى، إذ قامت في أكتوبر الماضي وبعد توقيع الاتفاق النووي باختبار صاروخ باليستي في تحدٍ وتهديدٍ واضحين لجيرانها ومجموعة (5+1) التي يجدر بأعضائها مجتمعين أو منفردين النظر في إقرار حزمة عقوبات صارمة لوقف التهور الإيراني الذي يشجعه التراخي الأميركي. إن الرهان على استقامة السلوك الإيراني يثبت أنه رهان خاسر، والوقائع التي أمامنا وظاهرة لنا تثير الريبة عن تلك التي تتوارى في الخفاء، وإن من المزعج جداً أن يكون هذا التوجه العدائي لدى الزعامات الإيرانية تجاه الولايات المتحدة في وضح النهار بالرغم من أن أحد المبررات التي ساقها الرئيس أوباما بعد التوقيع على الاتفاق النووي هو إمكانية اعتدال المزاج السياسي في إيران كنتيجة لرفع العقوبات، وبدل أن تمتن طهران لهذه الثقة تذهب إلى خذلان سيد البيت الأبيض.
مشاركة :