من تقاليد السياسة في إيران استهداف البعثات الدبلوماسية للدول الأجنبية والتي تعتبر وحسب القوانين الدولية أرضاً تتبع لتلك الدولة لذا فإن صيانتها وأمن منسوبيها مسؤولية الدولة المضيفة مسؤولية كاملة. ولإيران تاريخ عريق في استهداف السفارات فمنذ الثورة الخمينية استمرأت طهران التعدي على البعثات بدءًا من احتلال السفارة الأميركية واحتجاز رهائنها لمدة 444 يوماً واقتحامات أخرى قامت بها مجموعات تجاه عدد من الدول مثل بريطانيا والمملكة. هذه الاعتداءات تسيء لإيران وتظهرها كدولة منفلتة يقود رأيها العام مجموعة من المشاغبين «والهولجنز»، وتعجز السلطات عن لجمهم ومنعهم من ارتكاب تلك الأفعال التي في واقعها لا تحمل أي دلالة على قوة أو سلطة وإن كان الهدف إيصال أي رسائل سياسية فإن التقاليد الدبلوماسية تقول إن السفارات وُضعت لهذه المهمة، وليس لشيء آخر. تاريخياً لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تمت فيها مهاجمة السفارة السعودية، لكن الحادث الأبرز الذي نستعيده هنا هو إحراق سفارة المملكة عام 89م، ومقتل الدبلوماسي السعودي مساعد الغامدي، وفي التاريخ الحديث نجد أن وزير الخارجية عادل الجبير كان مستهدفاً إبان وجوده في واشنطن كسفير للمملكة في الولايات المتحدة، وقادت التحقيقات يومها إلى الوصول لشخص إيراني يحمل الجنسية الأميركية يدعى منصور عرب بسيار وتم اتهامه بالتآمر لاغتيال السفير السعودي أثناء وجوده على الأراضي الأميركية، وقد أقرّ المتهم بعد توقيفه بأنه شارك في مخطط لاغتيال السفير، وأنه تلقى المال وأدير من مسؤولين كبار في «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الإيراني. إن تبرؤ القيادة في إيران وإدانتها للاعتداء الذي طال -أمس الأول- سفارتنا في طهران وقنصليتنا في مشهد لا يخرجها من المسؤولية ولا يعفيها منها بل إنه يلزمها ويدينها أمام الدول الإسلامية والأسرة الدولية، وأن ما لحق بالسفارة إنما يعود جزء كبير منه إلى التحريض الذي يُمارس من قبل المسؤولين الإيرانيين والشخصيات الدينية والعسكرية هناك من خلال التصريحات التي أدلي بها بعد تنفيذ الأحكام الصادرة بحق الإرهابيين وقبلها أيضاً، إذ لا يكف أولئك عن التعرض للمملكة في تصريحاتهم وخطبهم. إن معرفتنا بسطوة الأجهزة الأمنية في طهران حيث العاصمة يجعلنا على يقين أن اقتحام السفارة وحرقها تم تحت نظر النظام الإيراني الذي يجب أن يدرك أن هذه الأفعال لا تقوم بها دول.
مشاركة :