«المرأة الحديدية».. تراس رئيسة للوزراء في بريطانيا

  • 9/6/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تعهدت ليز تراس بالمضي قدماً في تعهدها بخفض الضرائب ومواجهة أزمة الطاقة المتنامية، عقب فوزها في السباق على زعامة حزب المحافظين الحاكم، أمس، لتصبح رئيسة وزراء بريطانيا المقبلة. وبعد أسابيع من التنافس، الذي كان في أغلبه مثيراً، تغلبت تراس وزيرة الخارجية الحالية على وزير المالية السابق ريشي سوناك، في تصويت أعضاء حزب المحافظين، وحصدت 81326 صوتاً مقابل 60399 لسوناك. وقالت تراس، بعد إعلان النتيجة: «سأقدم خطة جريئة لخفض الضرائب وتنمية اقتصادنا، وسأعالج أزمة الطاقة، وسأتعامل مع فواتير الطاقة التي يعاني منها الناس، سأعالج أيضاً المشكلات طويلة الأمد لدينا بشأن إمدادات الطاقة». وتتولى تراس زمام الأمور في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة غلاء المعيشة واضطرابات صناعية وركوداً وحرباً في أوروبا، بريطانيا من الداعمين الرئيسيين لأوكرانيا فيها، وتستبعد على ما يبدو إجراء انتخابات وطنية أخرى خلال العامين المقبلين، قائلة: «إنها ستحقق انتصاراً كبيراً لحزبها في عام 2024». وتحل تراس محل بوريس جونسون، الذي أُجبر على تقديم استقالته في يوليو الماضي، بعد أشهر من فضيحة أدت إلى تراجع شعبية إدارته. وسيتوجه جونسون إلى أسكتلندا للقاء الملكة إليزابيث، اليوم الثلاثاء، لتقديم استقالته رسمياً. وستتبعه تراس، وستطلب منها الملكة تشكيل الحكومة. وستصبح تراس، التي كانت المرشحة الأوفر حظاً لخلافة جونسون، الرابعة التي تتولى رئاسة الحكومة من حزب المحافظين منذ انتخابات عام 2015. خلال تلك الفترة، انتقلت البلاد من أزمة إلى أخرى، وتواجه الآن ما يُتوقع أن يكون ركوداً طويلاً ناتجاً عن ارتفاع معدل التضخم الذي بلغ 10.1 في المئة في يوليو. وتعهدت تراس، وزيرة الخارجية في حكومة جونسون، والبالغة من العمر 47 عاماً، بالعمل سريعاً لمعالجة أزمة غلاء المعيشة، قائلة إنها ستضع خطة في غضون أسبوع لمعالجة ارتفاع فواتير الطاقة وتأمين إمدادات الوقود في المستقبل. تحديات متنوعة، تنتظر الزعيمة الجديدة لحزب «المحافظين»، عندما تدخل للمرة الأولى إلى مقر رئاسة الحكومة في 10 داوننج ستريت بوسط لندن، رئيسةً للوزراء لا وزيرةً للخارجية، كما كان عليه الحال، على مدار الشهور الاثني عشر الماضية، منذ أن اختارها سلفها بوريس جونسون، لتكون رئيسة للدبلوماسية في المملكة المتحدة، منتصف سبتمبر من العام الماضي. ويمثل إعادة ترتيب البيت الداخلي للحزب، التحدي الأول الذي يتعين على تراس، أن تواجهه الآن، بعد أن تولت قيادته، بما يجعلها كذلك تتقلد رئاسة الحكومة البريطانية، كثالث سيدة، تصل إلى هذا المنصب الرفيع، بعد مارجريت ثاتشر (1979 - 1990)، وتيريزا ماي (2016 - 2019). فنسبة الأصوات التي تغلبت بها تراس على منافسها على قيادة «المحافظين» ريتشي سوناك، الوزير السابق للمالية، لم تتجاوز 57 في المئة تقريباً، وهو أقل بكثير مما كانت تشير إليه استطلاعات الرأي، التي سبقت حسم المنافسة بينهما، وهو ما يبرز، حسبما قالت بيث ريجبي محررة الشؤون السياسية في شبكة «سكاي نيوز» الإخبارية البريطانية، الانقسام العميق، الذي يضرب الحزب الحاكم في المملكة المتحدة. وأشارت ريجبي، إلى أن الرئيسة الجديدة للحكومة، كانت تأمل في الحصول على دعم أوسع نطاقاً من أعضاء حزبها، لكي يتسنى لها التعامل بثقة أكبر، مع المشكلات التي تواجه بريطانيا في الوقت الحاضر، والتي تُوصف بالأكثر تعقيداً من نوعها منذ نصف قرن تقريباً، وعلى رأسها تبعات الأزمة الأوكرانية وتداعيات وباء كورونا، على صعيديْ الاقتصاد والطاقة، بجانب ارتفاع تكاليف المعيشة، وتصاعد معدلات التضخم لأعلى مستوياته في 40 عاماً، وتسارع وتيرة الاحتجاجات العمالية. ويرجح مراقبون أن تعمل تراس على أن تضم حكومتها الجديدة، عدداً من الشخصيات المحافظة البارزة، التي أبدت دعمها لغريمها سوناك، وذلك لضمان أن تحظى بقاعدة تأييد أوسع بداخل الحزب، الذي يقود المملكة المتحدة منذ عام 2010، وشهد خلال السنوات القليلة الماضية تقلبات وانقسامات، أدت إلى أن يتعاقب عليه ثلاثة رؤساء خلال أقل من عقد من الزمان، وذلك بعد أن استقال ديفيد كاميرون عقب تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي عام 2016، لتخلفه ماي ومن ثم جونسون. من جهة أخرى، وعلى صعيد السعي لكسب دعم قطاع أكبر من الناخبين البريطانيين بمختلف انتماءاتهم، فربما ينبغي على رئيسة الوزراء الجديدة، تبني لهجة تصالحية بشكل أكبر من سلفها جونسون، ذي النهج التصادمي، الذي أجبرته إخفاقات متتالية، على أن يتخلى عن زعامة الحزب الحاكم ورئاسة الحكومة في وقت سابق من العام الجاري. ومن شأن خروج تراس المحتمل من عباءة جونسون، دحض نظرية من يتوقعون أن تصبح الرئيسة الجديدة للحكومة «نسخة أخرى من جونسون»، الذي لا يزال يحظى بتأييد في أوساط صقور «المحافظين». ومن بين الأسئلة التي يتوجب على «المرأة الحديدية الجديدة»، كما يحلو لأنصارها تلقيبها، الإجابة عنها سريعاً، ما إذا كانت ستدعو لإجراء انتخابات مبكرة، على غرار ما فعل جونسون، حينما اختير زعيماً لـ «المحافظين» خلفاً لـ «ماي» في صيف عام 2019، وهو ما قاد في ذلك الوقت، إلى أن يحقق حزبه فوزاً كاسحاً على غريمه «العمال»، كان الأكبر من نوعه منذ ثمانينيات القرن الماضي. ولكن تراس ألمحت في الكلمة التي ألقتها أمس بعد إعلان فوزها بزعامة «المحافظين»، إلى أنها لا تعتزم اللجوء إلى هذا الخيار، الذي يطالب به حزبا «العمال» و«الأحرار الديمقراطيين» المعارضان، بعدما قالت إنها تعتزم قيادة حزبها، لتحقيق «نصر عظيم» في عام 2024، مشيرة بذلك إلى موعد الانتخابات العامة المقرر من الأصل في ذلك العام.

مشاركة :