إن الإنسانية تتجلى في رموزها البسيطة وأسمى معانيها هي الرحمة، صحيح أنه لا يمكننا أن نشفي العالم أجمع، ولكن يمكننا أن نجعل الرحمة منهجنا حتى يعم على هذا العالم الخير والسلام. إن حقيقتنا ليست في الأثواب التي تزيننا، ولا في الثروات التي نملكها، ولا حتى بأسمائنا ولا بأشكالنا، إن حقيقتنا تكمن في إنسانيتنا ورحمتنا، إن كل ما في الأمر أنه ستبقى لنا أعمالنا الصالحة، وسيرتنا الحسنة، كم طائراً رددناه إلى عشه، كم طفلاً مسحنا على رأسه، كم جائعاً أطعمناه، أو عطشاً رويناه، كم تائهاً أرشدناه للطريق، كم شمعةً أشعلناها، وكم قلباً جبرناه، وكم سعينا في قضاء الحوائج، وقلنا قولاً ليناً، وعبرنا بالخير سائلين الله عفوه ورضاه. إنني أؤمن بقدرة الإنسان اللامحدودة كمرآةٍ سألت رجلاً ذات مرة ما معنى ما تفعله من خير؟ إن كان قطرةً في محيطٍ واسع، فرد عليها وقال: وما البحر إلا قطرات، لذلك إنني أؤمن أنه إذا شعر كل فردٍ منّا بالمسؤولية أن ينشر رسالةً إيجابية، لكانت هذه هي اللحظة الفارقة التي نستطيع بها أن نصنع المعجزات. كل العظماء الذين خلدهم التاريخ تركوا على الأرض إرثاً عظيماً، لذلك عاشوا على الارض مرتين، مرةً وهم على قيد الحياة، ومرةً وهم تحت الثرى تشريفاً لهم؛ لأنهم فعلوا ما يستحق الحياة، بالخلق الحميد، ونشر العلم، والصفح والعفو، والعطاء والكرم، والتحلي بالصفات النبيلة نستطيع أن نصبح سيرةً تؤرخ على مَر التاريخ.
مشاركة :