قال الرئيس الروسي فلادمير بوتين "إن روسيا تتغلب بثقة على الضغط الخارجي والعدوان المالي والتكنولوجي من جانب بعض الدول". وبحسب وكالة "بلومبيرج" للأنباء، أكد بوتين خلال اجتماع بشأن قضايا اقتصادية أمس، أن التغيرات الشهرية للمؤشرات الرئيسة تظهر أن الاقتصاد يستقر بصورة تدريجية ويدخل مسار النمو. وأشار إلى أن الشركات تعود إلى وتيرة العمل الطبيعية، مبينا أن انخفاض التضخم سيستمر. وذكر بوتين أن معدل البطالة سجل انخفاضات تاريخية، لكن الأشخاص المعرضين لخطر البطالة في تزايد. وقال الرئيس الروسي "إن الأولوية هي الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي". وأوضح أن معدل التضخم سيبلغ في روسيا إجمالا نحو 12 في المائة في 2022. وأضاف "هناك كل الأسباب التي تجعلنا نتوقع أن التضخم سيبلغ إجمالا نحو 12 في المائة هذا العام". وأضاف الرئيس الروسي أن "بلاده نجحت في إحداث استقرار سريع لوضع التضخم، بعد بلوغ ذروته 17.8 في المائة في نيسان (أبريل)، وتراجعه إلى 14.1 في المائة بحلول سبتمبر الجاري". وخفض البنك المركزي الروسي توقعاته للتضخم للعام الجاري في تموز (يوليو) من 14 و17 في المائة إلى 12 و15 في المائة، وأبقى على توقعاته عند 5 و7 في المائة للعام المقبل و4 في المائة لـ2024، بحسب ما نقلته "الألمانية". يأتي ذلك في وقت نظم فيه مجلس دائنين مزادات علنية أمس على ديون روسيا، يكرس تخلف موسكو عن السداد، وهو الأول على الديون الخارجية الروسية منذ 1918، في حدث رمزي لكنه يعكس أثر العقوبات على موسكو بعد ستة أشهر من بدء الحرب في أوكرانيا. ينظم هذا المجلس المعروف باسم CDDC "لجنة تحديد مشتقات الائتمان" غير المعروف لدى العموم، هذه المزادات بهدف التعويض على المستثمرين الذين تسلحوا بعقد تأمين ضد تخلف روسيا عن السداد أو ما يعرف بمقايضات التخلف عن السداد "سي دي إس". وبحسب "الفرنسية"، فإن هذا الأمر يكرس تخلف روسيا عن السداد الذي لم يعلن رسميا أبدا، لكن كان يعد أمرا حاصلا من قبل أغلبية الأطراف الاقتصاديين رغم غياب تقييم وكالات التصنيف الائتماني الذي منع بموجب العقوبات الغربية. هذا لا يغير كثيرا على أرض الواقع، لأن روسيا مقطوعة بمطلق الأحوال عن أسواق رؤوس الأموال الدولية منذ تدخلها عسكريا في أوكرانيا نهاية فبراير. وإضافة إلى ذلك فان موسكو غير مدينة كثيرا بالعملات الأجنبية، وتبلغ ديونها الخارجية نحو 40 مليار دولار. من جانب آخر فان حجم دينها العام يشكل 20 في المائة فقط من إجمالي الناتج الداخلي لديها. في موازاة ذلك كانت عائداتها النقدية بفضل مبيعات المحروقات ضخمة منذ بدء العام بسبب ارتفاع الأسعار. لكن هذا لم يمنع الكرملين من الاعتراض منذ أشهر على تخلف "غير شرعي" لأن العقوبات سببته. تقنيا، تجرى عملية المزاد على الديون الروسية على مرحلتين. الأولى هي تحديد سعر أساسي لثمانية سندات تم طرحها في المزاد، فيما تستند المرحلة الثانية المفتوحة بشكل أوسع أمام المستثمرين إلى المرحلة الأولى لتحديد سعر نهائي للسندات. كتب المصرف الأمريكي "جي بي مورجان" في مذكرة حديثة حددت كل عقود التأمين على التخلف عن السداد الروسي، بنحو 2.37 مليار دولار، أن "السعر النهائي لهذه المزادات سيحدد قيمة الاسترداد من خلال مقايضات التخلف عن السداد". المزادات هذه اعتيادية في حالات التخلف عن السداد، والفرق الوحيد هو أن المهل كانت طويلة جدا في الملف الروسي ما أحدث حالة عدم يقين على مدى عدة أسابيع في مسألة التعويض على المستثمرين. وقال خبير اقتصادي "إنه من اللحظة التي أقر فيها مجلس الدائنين بأن روسيا تخلفت عن سداد دين مستحق، التي يطلق عليها اسم حدث ائتماني، إلى تنظيم المزاد أمس، مر أكثر من ثلاثة أشهر في مقابل نحو 30 يوما في الأوقات العادية". هذه الفترة الطويلة تفسر بالجمود الحاصل في النظام المالي الروسي تحت تأثير العقوبات، حيث لم يعد للمستثمرين الدوليين الحق منذ الربيع في مبادلة الأسهم الروسية، فيما أن نظام المزايدات يفرض القيام بمبادلات حول هذه الأسهم. بهدف تسهيل هذه المزادات، سمحت السلطات الأمريكية بشكل استثنائي بمعاملات على السندات الروسية الثمانية الموضوعة بالعملات الأجنبية بين 8 و22 سبتمبر. بحسب "جي بي مورجان" فإن جاذبية الدين الروسي للمستثمرين في نهاية هذه المزادات باتت غير أكيدة بسبب تعذر مبادلة المنتجات المالية من هذه الدولة لأشهر. تخيم حالة من عدم اليقين أيضا على الموعد الدقيق الذي ستنتهي فيه عملية تعويض المستثمرين. وقال فرع "أوروبا/الشرق الأوسط/إفريقيا" التابع لـCDDC ومقره لندن، الذي ينظم المزادات، في الأيام الماضية "إن أيام العطلة بسبب جنازة الملكة إليزابيث الثانية قد تؤخر العملية بشكل طفيف". إلى ذلك، فقد المواطنون الروس أمس إمكانية الحصول على تأشيرات بموجب اتفاقية تسمح لهم بسهولة الوصول نسبيا إلى منطقة شنجن الأوروبية. وتبنى المجلس الأوروبي مقترحا لتعليق اتفاقية تسهيل إصدار تأشيرات الدخول مع روسيا الأسبوع الماضي.
مشاركة :