اقترح أحد المثقفين تقديم ملخص لمشروع برنارد لويس الاستشراقي وبمعنى أدق الكولونيالي للقارئ العربي من مختلف المستويات التعليمية، فهو كان سباقاً إلى استخدام خياله في إعادة تقسيم الوطن العربي خصوصاً في مصر التي قد لا تستجيب لمخطط التفجير الطائفي، وذلك بعد أن قرأ ما كتبه اللورد كرومر الذي كان حاكماً لمصر والسودان أثناء الاحتلال البريطاني، فالوطن العربي حسب تصور لويس ينقسم إلى نمطين من الدول، منها ما لا يمكن تقسيمه وفق خطوط طول وعرض طائفية ومذهبية إلا بالغزو من الخارج، ومنها ما يؤدي الغزو إلى التئامه الوطني ووحدته كم حدث في مصر أثناء الاحتلال البريطاني. وهذا النمط من الدول الأكثر تماسكاً حُدًّدت له وصفة تفكيك هي تجريفه من الداخل أو ما سُمي سياسية قضم الأحشاء! وفي كتابه الشهير أين الخطأ؟ استخدم برنارد لويس بوصلة من طراز استشراقي مُثقل بحمولة عنصرية، فهو يبتعد متعمداً عن الخطأ الذي يبحث عنه ألف ميل، ليقدم تشخيصاً يضاعف من الالتباس، ما دام الهدف هو الخلط بين حابل الديمقراطية أو بمعى أدق الليبرالية الجديدة وبين نابل الفوضى غير الخلاقة! ويبدو أن ثنائية الخطأ والصواب ليست نسبية فقط، بل هي أحياناً نقيضان، فالخطأ لدى مؤرخ مثل أرنولد توينبي هو الجريمة التي اقترفها الغرب الاستعماري في فلسطين وبالتحديد وعد بلفور، والسباق الماراثوني بين الدول الكبرى للاعتراف بالدولة العبرية فور إنشائها! لكن الخطأ بالنسبة لبرنارد لويس هو صحوة الشعوب على واقعها وعلى ما خُطط لها كي تأكل نفسها، ومن يزعمون أنهم سادة المنطق ومحتكرو العقل، يقعون في الفخ الذي نصبوه لسواهم، فالتاريخ ذاته تولى الرد على أطروحات مُصنعة بعناية استعمارية فائقة لأنه لم يقبل التدجين أو التحكم في مجراه. فالوطن العربي لم يخرج من عباءة سايكس- بيكو ليدخل في معطف برنارد لويس وبرنارد ليفي - وعقارب الساعة لا تدور إلى الوراء إلا لدى من توقف الزمن بالنسبة إليهم عند القرن التاسع عشر! والمفارقة هي أن صانع الخطأ يَدّعي البحث عنه!
مشاركة :