طهران - اعتقلت إيران عدة أشخاص في قضية اغتيال عقيد بالحرس الثوري في مايو/أيار الماضي في حادث اتهمت فيه طهران إسرائيل وحلفاءها الغربيين بتنفيذه، وفق ما أعلن الثلاثاء المتحدث باسم السلطة القضائية مسعود ستايشي. وقال الحرس الثوري الإيراني إن قيام شخصين على دراجة نارية بإطلاق النار على حسن صياد خدائي في العاصمة طهران كان من تدبير "جماعات إرهابية مرتبطة بالقمع العالمي (الغرب) والصهيونية (إسرائيل)". ونقلت وسائل إعلام رسمية عن ستايشي قوله في مؤتمر صحفي "عدة أشخاص اعتقلوا في قضية اغتيال الشهيد خدائي وصدرت الأوامر القانونية اللازمة بحقهم والقضية قيد التحقيق". ورفض مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يشرف على جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد)، التعليق على الأحداث في العاصمة الإيرانية. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن خدائي كان يترأس وحدة في فيلق القدس، ذراع الحرس الثوري في الخارج، خططت لشن هجمات على إسرائيليين في الخارج. وقالت إيران إن خدائي كان "أحد مدافعي العتبات المقدسة" في إشارة إلى العسكريين أو المستشارين الذين تقول إنهم يقاتلون نيابة عنها لحماية المواقع الشيعية في العراق أو سوريا ضد الجماعات السنية المتشددة مثل تنظيم الدولة الإسلامية. ولعبت القوات الإيرانية دورا رئيسيا في دعم الرئيس السوري بشار الأسد، حليف طهران، ضد تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من الجماعات المتشددة والمعارضة في الحرب الأهلية السورية. وجاء مقتل خدائي في وقت تسود فيه الشكوك حول إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 مع القوى العالمية بعد تعثر المحادثات لشهور. وقُتل ما لا يقل عن ستة علماء وأكاديميين إيرانيين أو تعرضوا لهجمات منذ عام 2010، وسقط العديد منهم على أيدي مهاجمين يستقلون دراجات نارية، في ضربات يُعتقد أنها تستهدف برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني الذي يقول الغرب إنه يهدف إلى تطوير القدرات اللازمة لصنع أسلحة نووية. وتقول إيران إن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية فقط. ونددت بعمليات القتل باعتبارها أعمالا إرهابية نفذتها وكالات المخابرات الغربية والموساد. ورفضت إسرائيل التعليق على مثل هذه الاتهامات. وفي يونيو/حزيران الماضي أعفى قائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي رئيس دائرة الاستخبارات حسين طائب الذي شغل هذا المنصب لأكثر من 12 عاما، في قرار يأتي في خضم أزمة أمنية تعاني منها إيران في الفترة الأخيرة بعد تعرض عدد من كبار الضباط للاغتيال وكان آخرهم صياد خدائي القيادي في فيلق القدس برتبة عقيد وكان من كوادر فيلق القدس ومعروف في سوريا حيث تؤكد طهران تواجد "مستشارين عسكريين" في مهام دعم لقوات الرئيس بشار الأسد. وهزت سلسلة الاغتيالات صورة التشكيل العسكري شبه النظامي والذي يعتبر يد السلطة الدينية الطولى في الداخل في قمع المعارضين للنظام والاحتجاجات التي تشهدها البلاد من حين إلى آخر وكذلك العمليات الخارجية التي توصف بـ"القذرة" والتي تسميها دول خليجية وغربية بأنشطة مزعزعة للاستقرار في المنطقة وخارجها. واستبدال طائب الذي لعب دورا مهما في التواصل والتنسيق مع الميليشيات العراقية في ذروة الأزمة السياسية بعد تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الوزراء، يأتي على ما يبدو لإبعاده عن دائرة الضوء على خلفية الاغتيالات التي طالت عددا من ضباط الحرس الثوري. وربما أيضا لضخ دماء جديدة في جهاز الاستخبارات بعد الاختراقات الأمنية التي هزت صورة الثوري الإيراني "حامي الثورة الإسلامية". وفي الفترة القليلة الماضية قضى ضابط في فيلق القدس موكل بالعمليات الخارجية في الحرس الثوري وهو العقيد علي إسماعيل زاده "بعد سقوطه من شرفة منزله التي لم تكن تتوافر فيها الحماية الكافية" وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا". ويحقق الحرس الثوري في هذه الحادثة على هذا الأساس، بينما لم تستبعد مصادر محلية فرضية الاغتيال، فيما أشارت مواقع إخبارية تابعة للمعارضة الإيرانية إلى أنها عملية تصفية. و في 13 من الشهر ذاته قتل علي كماني العضو في الوحدة الجو-فضائية التابعة للحرس الثوري. وقالت السلطات إنه مات "شهيدا خلال مهمة في مدينة خمين" في محافظة مركزي في وسط البلاد. وفي 22 مايو/ايار قتل خدائي العقيد في فيلق القدس التابع للحرس الثوري أمام منزله في شرق طهران برصاص أطلقه مهاجمون كانوا على دراجة نارية. وقدم الحرس الثوري خدائي كأحد "المدافعين عن المراقد المقدسة" ("مدافع حرم")، وهي العبارة المستخدمة رسميا للإشارة إلى أفراد الحرس الذين أدوا مهاما في نزاعي سوريا والعراق، حيث العديد من المراقد المقدسة لدى الشيعة. وحمّل الثوري الإيراني "الاستكبار العالمي"، وهي العبارة التي تستخدمها الجمهورية الإٍسلامية للإشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، وفي مقدمهم إسرائيل، مسؤولية هذه الجريمة "الإرهابية" وتوعدت الانتقام. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020 تم اغتيال محسن فخري زاده الضابط في الحرس الثوري الإيراني وأستاذ الفيزياء بجامعة الإمام الحسين بطهران وهو العالم النووي الأرفع في إيران. ويوصف بأنه "رأس البرنامج النووي". وإلى جانب تلك الاغتيالات، تعرضت منشآت نووية ومنشآت للطاقة لعمليات تخريب في هجمات الكترونية كمال تعرضت منشآت حيوية أخرى لحرائق غامضة، فيما نسب الحرس الثوري الإيراني معظم تلك الحوادث إلى جهاز الموساد الإسرائيلي. وتشير التصفيات المتواترة إلى اختراقات أمنية في الوقت الذي يقدم فيه الحرس الثوري نفسه كحصن منيع إزاء ما يسميها تهديد الأمن القومي الإيراني وتحدث مرارا عن مؤامرات خارجية.
مشاركة :