تحت إشراف البنك المركزي ورابطة المصارف الخاصة العراقية، وبدعم مالي من صندوق تمكين الذي تموله المصارف الخاصة وشركات الصرافة العاملة في العراق، تجري الآن عملية إعادة تأهيل "ساحة الحسنين" في منطقة الكرادة ببغداد، على غرار إعادة تأهيل وتطوير شارع المتنبي (شارع الثقافة العراقية، وكذلك مشروع إعادة تأهيل وتطوير تطوير 20 ساحة التي تم إنجازها ضمن المحور الأول من مبادرة ألق بغداد التي أطلقها الموسيقار نصير شمة بإشراف البنك المركزي ورابطة المصارف الخاصة وتمويل تبرعات المصارف الخاصة، وأضفت لمسات جمالية وعمرانية وسياحية وترفيهية على العاصمة بغداد وبأحدث المواصفات التي شملت مختلف المرافق الحيوية من منظومات إنارة وكهرباء وماء ونافورات وحدائق وغيرها، من خلال التعاون مع الأمانة العامة لمجلس الوزراء وأمانة بغداد ووزارة الثقافة والسياحة والآثار، وتتواصل هذه المبادرات من لدن صندوق تمكين لإنجاز العديد من المشاريع وتطوير البنى التحتية ليس في بغداد وحدها بل شملت مناطق عدة في معظم محافظات العراق. وفي هذا الصدد أعلنت دائرة الفنون العامة في وزارة الثقافة والسياحة والآثار عن عملية إتمام نقل نصب "النخلة – دجلة الفرا" الذي أنجزه النحات العراقي الشهير الراحل اسماعيل فتاح الترك، من مكانه القديم داخل مركز بغداد للفنون إلى ساحة الحسنين في بغداد. وقال مدير عام دائرة الفنون العامة فاخر محمد لوكالة الأنباء العراقية (واع)، إن "نصب النخلة من أعمال الفنان إسماعيل فتاح الترك ونفذ عام 1982 وكان موجوداً في ما يسمى قصر المؤتمرات، ونقل بعدها إلى وزارة الثقافة - دائرة الفنون العامة لأكثر من 30 عاما". وأضاف، أن "الحكومة وجهت امانة بغداد باستبدال مكان النصب من وزارة الثقافة الى ساحة الحسنين في بغداد لاظهار العمل لعامة المواطنين"، مبيناً أن "الوزارة كلفت فريق عمل من دائرة الفنون لنقله". وأشار إلى أن "تفكيك النصب ونقله لم يكن سهلاً على اعتبار أن النصب تم تشييده سابقاً من قبل شركة ايطالية، واستغرق النقل 8 أيام"، لافتاً الى أن "النصب عبارة عن قطع مرمرية كبيرة تتألف من 32 قطعة اساسية، وقطع أخرى تتركب على شكل نخلة، فيما يبلغ طوله قرابة 5 أمتار و60 سم." نصب النخلة سيتوسط ساحة الحسنين التي تتواصل فيها عمليات التأهيل والتطوير الشاملة وفق أحدث المواصفات العالمية الفنية والعمرانية الحديثة تقوم بها شركات متخصصة، وتشمل مختلف منشآت الساحة من ومنظومات الإنارة وشبكات الكهرباء تحت الأرض والماء والسقي والتشجير وخزانات الماء تحت الأرض ومن أحدث المناشيء العالمية وغيرها، بإشراف الدائرة الهندسية في رابطة المصارف العراقية الخاصة، التي تضم كوادر هندسية متخصصة كان لها دور مشرف في انجاز مختلف المشاريع في بغداد ومعظم المحافظات، التي قام بدعمها صندوق تمكين في البنك المركزي العراقي ورابطة المصارف العراقية الخاصة وبتمويل من المصارف العراقية الخاصة وشركات الصرافة الخاصة. الجدير بالذكر أن الفنان اسماعيل فتاح الترك، يعد من أشهر نحاتي العراق والعرب، ولد في البصرة عام 1934، وسبق أن اقام ستة معارض للنحت وخمسة معارض للرسم في روما، بغداد، بيروت، وشارك في بعض معارض جماعة بغداد، ومعارض جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، وهو عضو جماعة بغداد 1957، وتجمع الزاوية 1966، ونقابة الفنانين العراقيين، وجمعية الفنانين التشكيليين العراقيين.. حصل الفنان اسماعيل فتاح الترك على الكثير من الشهادات في مجال اختصاصه من دول مختلفة منها دبلوم فنون جميلة قسم الرسم عام 1956، دبلوم فنون نحت 1958، ودبلوم عالي من أكاديمية الفنون الجميلة في روما 1963، ودبلوم عال في النحت والخزف من روما.وأقام الترك العديد من المعارض الفنية في مختلف الدول منها : 1961-1963 معارض الفنون في روما،1963 معرض الفنون المعاصرة في روما، وفي روما متحف الفن الحديث ، كاليري الواسطي ، غاليري ون في بيروت، كاليري غرافيك بغداد، غاليري لامتور في بيروت، غاليري الكوفة في لندن. وخلال حياته الفنية الحافلة حصل الترك على العديد من الجوائز منها: جائزة النحت في الفنون الجميلة بغداد ،1956 وجائزة النحت الأولى في معرض الفنانين الأجانب في ماركتا في إيطاليا 1963، وجائزة الدولة للفنون الجميلة بغداد 1989 .وترك الراحل الكبير وراءه أعمالاً فنية خالدة من النصب والمنحوتات منها : الشاعر معروف الرصافي – برونز 3.5 متر – بغداد، جدارية الطب العربي القديم – برونز ورخام 2’8 متر – مدينة الطب بغداد، جدارية برونزية على جدار شركة إعادة التـأميم في بغداد -3’5 متر، الفارابي – حديقة الزوراء – بغداد، الواسطي – برونز – مركز الفنون في بغداد -1972، أبو نواس – برونز – شارع أبو نواس- 1972، عبد المحسن الكاظمي – برونز- 1973 – مدينة الكاظمية بغداد، النخلة دجلة والفرات – رخام – 1982 – وزارة الثقافة – شارع حيفا بغداد، نصب الشهيد -1983 بغداد. ولعل من أهم وأبرز الأعمال الفنية التي صممها الفنان العراقي الراحل "نصب الشهيد" الضخم، وعد نقاد عالميون زاروا النصب العمل غاية في العبقرية المعمارية والتصميم الفني، لأنه مبني على شكل قبة مفتوحة بشكل يباعد بين نصفيها غير المتقابلين.أما عبقرية التصميم فتكمن في الخداع البصري الذي جسده الترك في النصب المقام على أرض مفتوحة مترامية الأطراف، إذ يشاهد المار بالسيارة حول النصب أن شطري القبة التي تبدو مغلقة عند بداية الشارع، ويبدآن بالابتعاد أحدهما عن الآخر وكأن بوابة تنفتح أمامه تمهيدا لخروج شيء ما. وعندما يدخل الزائر موقع النصب يلاحظ أن هذا الشيء هو العلم العراقي الذي يرتفع إلى الأعلى تجسيدا لارتقاء روح الشهيد إلى السماء.ويرمز النصب الذي أقيم عام 1986 إلى تضحية الشهيد في سبيل وطنه ومبادئه. وأبرز معالمه المعمارية القبة العباسية المفتوحة والراية التي ترتفع بطول خمسة أقدام فوق الأرض وثلاثة أمتار تحت الأرض حيث تشاهد على شكل ثريا، والينبوع الذي يتدفق ماؤه إلى داخل الأرض ليرمز إلى دم الشهيد.توفي النحات الكبير إسماعيل فتاح الترك عام 2004 عن 70 عاماً بعد صراع مع المرض. الجدير بالذكر أن اللجنة العليا لمبادرة "تمكين" التي يمولها عدد من المصارف وشركات الصرافة العاملة في العراق ويشرف عليها البنك المركزي العراقي قد صادقت على دعم عدد من المشاريع في مناطق مختلفة من العراق إضافة الى مساعدات عينية لعدد من المواطنين، وتأتي هذه الخطوة انطلاقاً من دعم المشاريع المجتمعية والخدمية والإنسانية.
مشاركة :