أطلقت السلطات المصرية بالتعاون مع منظمة اليونسكو ، ومعماريين مصريين ، مشروعا لإحياء عمارة قرية حسن فتحي التاريخية في غرب مدينة الاقصر / 721 كم جنوب القاهرة./ ويهدف المشروع إلى الحفاظ على ما تبقى من تراث معماري وإنساني بالقرية التي شيدها المهندس المصري العالمي الراحل حسن فتحي في منطقة القرنة الغنية بمعابد ومقابر ملوك وملكات الفراعنة ، وتحويل القرية إلى مزار سياحي يقدم لزواره واحدا من أهم فنون وأنماط العمارة المصرية . وقال محمد بدر محافظ الأقصر لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ ) اليوم الأحد إن مخطط تنفيذ المشروع الذى تم إطلاق المرحلة الأولى منه ، سوف ينتهى بنهاية العام الجاري ، وذلك بمشاركة نخبة من خبراء العمارة التاريخية وأساتذة الفنون الجميلة بمصر . وأشار إلى أن المرحلة الأولى من المشروع تتضمن وضع رؤية معمارية وثقافية وعمرانية لإعادة استخدام المباني الواقعة في نطاق القرية ، وترميم منزل المهندس العالمي الراحل حسن فتحي ، ومنطقة السوق ، وتنظيم ورش عمل للمشاركين بالمشروع ،حول لوائح حماية الميراث المعماري والأثري ، والتدريب حول طرق الترميم وسبل الحفاظ على المنشئات التراثية . ولفت إلى أن المرحلة الثانية تتضمن تنفيذ مشروع للصرف الصحي يهدف لخفض منسوب المياه الجوفية ، أسفل القرية ، وأعمال تنسيق حضاري خارجي وترميم وتطوير المسجد والمنطقة المحيطة به ، وترميم المسرح ، فيما تتضمن المرحلة الثالثة من المشروع ، ترميم منطقة الخان ، وإقامة مبنى جديد للمشرفين على القرية وحماية تراثها المعماري المتميز . وقال المحافظ إن شهر كانون ثان / يناير من العام المقبل سيشهد إقامة أول أنشطة فنية وثقافية على مسرح حسن فتحي التاريخي ، وفى مقدمتها إقامة مؤتمر دولي حول عمارة حسن فتحي ، وتنظيم مهرجان للسينما والموسيقى التقليدية . وجاء المشروع بعد قيام معماريين وفنانين مصريين بإطلاق حملة لإنقاذ ما تبقى من التراث المعماري للمهندس الراحل حسن فتحي وتحويل منزله الى متحف يعرض مقتنيات المعماري الكبير ويروى مسيرته في التأسيس لنمط معماري متفرد ، وضم المباني ذات الملكية العامة من تراث قرية حسن فتحي مثل منزله و الخان و السوق و المسرح و المسجد الى ادارة كلية الفنون الجميلة بالقاهرة . وترجع قصة إقامة قرية حسن فتحي الى عدة عقود مضت حين كان يوجد ما يزيد على سبعة آلاف مواطن كانوا يعيشون في منطقة القرنة الأثرية الغنية بمئات المقابر الفرعونية وقد احتشدوا في خمس مجموعات من البيوت المبنية فوق وحول هذه المقابر وكان من الطبيعي أن تحدث سرقات لمحتويات تلك المقابر الفرعونية لعل أكثرها تهورا سرقة نقش صخري - مشهور - ومصنف بالكامل من أحد القبور الفرعونية بعدها قفزت فكرة ترحيل سكان القرية لمكان آخر إلى أذهان عدد من المسؤولين الذين قاموا بالاتصال بحسن فتحي لبدء مشروع القرنة الجديدة تسبقه سمعة كبيرة وإنجازات منها تصميمه لبيوت الملكية الزراعية والهلال الأحمر ,وقد تأثر المسؤولون بإمكانات مادة البناء التي استخدمها ورخص تكاليف إقامتها . ولم يتجاهل حسن فتحي التراث المعماري الخاص بالقرنة القديمة , وعمل على وجود أبراج الحمام - مثلا- و"المزيرة" مكان توضع فيه جرة المياه "الزير"والأقبية التي توفر ظلالا قاتمة , وأضاف إلى هذه التنظيمات حلى مفرغة أشبه بمشربيات من الطوب اللبن لتعمل كمرشح طبيعي للهواء . ويعد المعماري المصري الراحل الدكتور حسن فتحي هو أحد ابرز وجوه الهندسة المعمارية العالمية الحديثة وصاحب رؤية خاصة اقتربت من النظرية المتكاملة في التفاعل مع البيئة المحيطة وجمعت تصميماته بين الجمال الفني واقتصاد التكاليف وكان اعتماده على الخامات المحلية في البناء فكان الطمي -الطين - هو المادة الخام الأساسية لقدرته على احتواء قسوة التغيرات المناخية صيفا وشتاء كما حرص على إضافة القباب والأقبية ذات التهوية الجيدة في مبانيه . ورغم نشأة حسن فتحي في أسرة ثرية فقد كرس كل عبقريته وفنه وحياته في العمل على أن يتمكن أفقر الفقراء في الريف من الحصول على مسكن صحي رخيص مع الحرص على أن يكون هذا المسكن متينا وواسعا وفوق ذلك جميلا.
مشاركة :