يقول شيخ المعماريين الراحل حسن فتحى فى كتاباته عن قريته التى أنشأها بغرب الأقصر: "كان أملى أنه قد يكون من القرنة إشارة فحسب للطريق إلى بدء إحياء التراث فى البناء، بحيث يواصل التجربة فيما بعد آخرون ويوسعون نطاقها، بحيث يرسون فى نهاية الأمر متراسًا حضاريًا يوقف الانزلاق إلى المعمار الزائف الخالى من المعنى والذى يتزايد بناؤه بسرعة فى مصر، ومن المهم أن يُفهم أن البحث عن الأشكال المحلية لتضمينها في القرية الجديدة لم يكن مبعثه رغبة عاطفية للاحتفاظ ببعض تذكار من القرية القديمة، فقد كان هدفي دائمًا أن استعيد لأهل القرنة إرثهم من تراث البناء المستلهم محليًا استلهامًا قويًا، ما يتطلب تعاونًا نشطًا بين العملاء ذوي المعرفة والحرفيين ذوي المهارة". تاريخ إنشاء قرية حسن فتحى بالأقصربدأ حسن فتحى العمل فى عام 1946 وكانت لها شهرة عالمية بسبب كتاب "عمارة الفقراء"، وقد أنشئت لاستيعاب المهجرين من مناطق المقابر الفرعونية بالبر الغربى لإنقاذها من السرقات والتعديات عليها، خاصة بعد اكتشاف سرقة نقش صخري بالكامل من أحد المقابر الملكية، فصدر قرار بتهجيرهم وإقامة مساكن بديلة بتكلفة قدرها مليون جنيه فى ذلك الوقت، وتم اختيار الموقع ليكون بعيدا عن المناطق الأثرية وقريبا من السكك الحديدية والأراضى الزراعية.بدأ فتحي المرحلة الأولى من مشروع بناء القرية بإنشاء 70 منزلا معتمدا فى تصميم المنازل على الخامات والمواد المحلية وظهر تأثره بالعمارة الإسلامية من خلال القباب ذات التصميم الفريد، والتي استخدمها بدلا من الأسقف التي تعتمد على الألواح الخشبية أو الأسياخ الحديدية المعتادة، واهتم بالجانب الديني بإنشاء مسجد كبير في مدخل القرية حمل أجمل الطرز المعمارية في تصميمه، حيث تأثر فيه بالفن المعماري الطولوني ممتزجا مع الفن الفاطمى وإنشاء قصر ثقافة حمل اسمه ومسرحًا مبنيًا على الطراز الرومانى.مشروع إعادة تأهيل مركز قرية القرنـة الجديـدةأعلن محافظ الأقصر محمد بدر عن بدء تطوير وترميم قرية حسن فتحى بمنطقة القرنة الجديدة بغرب المحافظة، وذلك بالتعاون مع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، ومنظمة اليونسكو مكتب القاهرة، ومكتبة الكتب النادرة بالجامعة الأمريكية، ومركز طارق والي للعمارة والتراث، ويتضمن التطوير أعمال تجديد ورفع كفاءة القرية التاريخية، فى مبنى الخان "سوق القرية"، وترميم البازارات والمحلات والمسجد والمنطقة المحيطة بالمبنى، مشددًا على ضرورة الحفاظ على الطابع التراثى للقرية.وقال بدر إن عملية التطوير تأتى على ثلاث مراحل: المرحلة الأولى تشمل تطوير الخان والجامع، والمرحلة الثانية تطوير المسرح والسوق وبيت حسن فتحى، أما المرحلة الثالثة تعمل على تطوير دار العمدة والفراغات العامة البينية لتشكيل مركز ثقافى وسياحى حضارى، بالإضافة إلى ترميم المساكن المسجلة فى قائمة المبانى ذات القيمة المتميزة.قصة أقدم منزل أول منزل يقطنه المعمارى حسن فتحى يقول الحاج أحمد عبد الرضي إنه عاصر هو ووالده بناء القرية وكان عمره 10 سنوات، حيث بنى حسن فتحى منزله الأول الذى يقطن هو وأولاده الآن، مشيرا إلى أن والده كان يعمل حارسا للقرية وكان الراحل حسن فتحى يستأمنه على كل شيء وترك له منزله وقام ببناء منزل آخر له. ويضيف "عبد الراضي" أن منزله هو المنزل الوحيد بالقرية الذى حافظ على التراث المعمارى به، حيث قام بجهوده الذاتية بعمل ترميمات بالمنزل شبيه بالنموذج الأصلى له، لافتا إلى أنه رفض أن يقوم مثل أهالى القرية ببناء المنزل بالمسلح والأسمنت وأصبح منزله خلال سنوات قبلة لجميع المشاهير الذين يزورون القرية ليستمتعوا بأصالة البنيان. وأوضح أن إعادة تأهيل القرية وترميمها تأخرت كثيرا، حيث إن القرية كانت تضم 70 منزلا والكثير منها انهار ومنها منزل الراحل حسن فتحى، والمتبقي فقط 13 منزلا جميعها أطلال، فيجب الإسراع فى إنقاذ القرية. وأكد "عبد الراضي" أنه قام بعمل دعاية بجميع القنوات عن القرية، واستضافت الكثير من الجامعات البريطانية والألمانية والفرنسية، وأنه يحارب منذ سنوات، مطالبا وزارة الآثار والثقافة والمحافظة بضرورة وضع القرية على الأجندة السياحية.
مشاركة :