شابنام ناديا هي كاتبة ومترجمة معاصرة من بنغلاديش، نشرت لها أعمال عديدة في مجلات وصحف مثل فلاش فكشن إنترناشيونال، ونورلد، الجزيرة أون لاين، بانك، أمازون داي ون، مجلة شيكاغو، ويبر، وغيرها. قامت بترجمة رواية (المرتزق) للكاتب مونيل إحسان سابر، ورواية (رنقومالا المحبوبة) للكاتب شاهين أختر، مقيمة حالية في كاليفورنيا. لم تغادر ديشا البيت وهي غاضبة، لم تفعل ذلك قط، انتظرت إلى أن مضى بعض الوقت، تلحفت بـ(الساري) بعناية، عقدت شعرها وسحبته للخلف، تأكدت من حمل كيس نقودها وتمتمت بشيء عن الذهاب لرؤية الخياط، لم يكلف زوجها نفسه أن يزحزح عينيه عن التلفاز. «لقد انتهى كل شيء يا شيش»، قالت ديشا بصوت عال. وكانت اهتزازة الريكاشة (1) قد جعلت صوتها يرتجف مع آخر كلمة، وكأنه كان لا يزال هناك تردد باقي ما في نفسها. عشر سنوات من الزواج، عشر، رقم جميل، عشر سنوات من دون أطفال، لم يدر أحد لم، وبغض النظر عن الإشاعات والشكاوى والاتهامات، فإن الإنجاب لم يكن خيارا مطروحا. وأثناء نزولها من الريكاشة، في إحدى الزوايا العشوائية من الشارع، أخذت في تذكر تهكمه الصباحي المعتاد، كان تهكما جديدا اليوم، لقد كانت ديشا عارفة بكل همزاته، كرشها المكتنز، وثدياها المترخيان، عقمها، بشرتها الداكنة، حياتها المنزلية المهملة، افتقارها لأي ميزات أو ممتلكات، ماذا كان نفعها؟ والآن هذا، كل الذي استطاع قوله هو (طلاق)، ثلاث مرات، وتكون ديشا مطلقة، مرمية خارج المنزل. لم تجرؤ على ذكر المقال الذي قرأته في الصحيفة، والذي ذكر أن قول طالق ثلاث مرات ليس كافيا، كان يتوجب على الرجل فعل أكثر من هذا لكي يخلص نفسه من امرأة، لم تجرؤ على ذكر دناءة الحياة العبثية التي تواجهها هنا لأحد، كان هذا شيء قد تسمعه خادمة من زوجها ولكن ليس ديشا التي تعيش في حي مكيف راق. وبينما هي تتهادى، تسللت إلى خياشيمها رائحة الدجاج المشوي، كانت الرائحة تتحدث إليها، وهي تنسل إلى رأسها عبر أنفها، تاركة رسائل مبطنة. سال لعابها وهي تنظر إلى الواجهة الزجاجية للمطعم، كان على يمين المقهى، بمحاذاة ممشى الشارع. كانت الدجاجات محشوات في أسياخ تدور بلا توقف، تطالعها، يتصبب الدهن منهن، وبجانبهن يقف فتى غر، وخلفه طاولة صغيرة، عليها زجاجات، وأدوات للتقطيع، وفي الأرض بجوار قدمه، كانت هناك علب بلاستيكية وأكياس ورقية، كل الأشياء المطلوبة لإعداد دجاجة مشوية ليأخذها الزبون من دون أن يكلف نفسه عناء دخول المطعم. رآها وهي تحدق وبدأ سرد أسطوانته: «هل أحضر لك واحدة، آبا (2)؟، إنها ناضجة الآن، سوف أضع عليها البهارات كما تحبين، لقد جئت هنا مسبقا، وجربت دجاجنا، أنا أذكرك، خذي واحدة ، سأضع معها سلطة إضافية.. ». *** جلست ديشا على سريرها، عارية، مزقت العلبة البيضاء المتسخة الموضوعة بين قدميها، وأخذت تحدق في الدجاجة البنية المنبطحة على ظهرها، قدماها مفلطحتان، ميتة، لكنها تدعو بإغراء. كانت شمس الظهيرة الآفلة تبث بقايا أشعتها هنا وهناك، وفاجأها الضوء الذهبي عندما هبط على فخذيها السمينين، كان طعم الدجاجة رائعا في فهمها، تتذوق الملوحة والحلاوة ولسعة الصلصة الحارة. لم يكن الشحم قد تساقط كليا أثناء الطهي وكان بعضه يتقاطر على ذقنها وبعضه يسيل على كرشها الآن، لكنها لم تبال أن تمسحه، بينما كان فكها يتحرك باستمرار. لم تكن ديشا قد طبخت شيئا، وقف زوجها أمام غرفة النوم، فاتحا فاه، مشدوها، مثبتا عينيه علة منظرها، كانت قد فرغت من أكل الدجاجة، وأخذت تحملق في قطع العظام الصغيرة المتبقية، تذكرت أمها وهي تأكل الدجاجة، كانت تحب أن تمضع العظام، «هذه أجمل عظام!»، كانت تقول لطفلتها، وهكذا كانت أمها تأكل العظام التي لا يريدها أحد، الرقبة، الذنب ـ القدم، الرأس، والآن سوف تأكل هي هذه العظام، أخذت إحدى العظام الكبيرة ولعقت النتوء عند أطرافها، سوف تأكلها كلها الآن، اليوم سوف تأكل العالم بأسره. —————————— (1) الريكاشة: هي عربة هندية. (2) آبا: أختاه باللغة البنغالية.
مشاركة :