في ليلة عيد الشكر من كل عام، كنا نحتشد خلف أبي بينما يجر بدلة سانتا إلى الطريق، ثم يقوم بإلباسها على صليب كان قد صنعه من عمود فولاذي في الساحة. وفي أسبوع السوبر باول كان العمود يكتسي بحلة جرسي وخوذة رود، وكان على رود أن يتحدث مع أبي ليخلع الخوذة. وفي الرابع من يوليو، يصبح العمود هو العم سام، وفي يوم المحاربين القدماء يكون العمود جندياً، وفي يوم القديسين شبحاً. كان العمود هو مصدر سعادة أبي الوحيد. كان أبي يسمح لنا بأخذ طبشورٍ واحد من نوع كاريولا من العلبة في كل مرة. وفي إحدى ليالي الكريسماس زعق في وجه كيمي لإسقاطها شريحة تفاح. كان ينحني فوقنا ونحن نسكب الكاتشاب قائلاً: - «يكفي.. يكفي.. يكفي.. !!». كانت حفلات أعياد الميلاد تحتوي على الكعكات فقط، لا بوظة هنالك. وفي أول مرة أحضرت صديقتي إلى المنزل، قالت لي: - «ما قصة أبوك مع هذا العمود..!؟»، وكنت أنا هاجداً أرمش بعيني. غادرنا المنزل، وتزوجنا، وصار لدينا أطفال، ثم إننا وجدنا أن بذور البخل كانت قد أزهرت فينا أيضا. أخذ أبي يغطي العمود بطريقة أكثر تعقيداً، وبأقل منطقٍ مفهوم. كان قد ألقى على العمود نوعاً من الفراء في يوم عيد فأر الأرض، ثم انتزع كشاف ضباب ورماه ليتأكد من حصول تأثير ظلال. وعندما ضرب زلزال تشيلي، قام ببطح العمود على جانبه، ورش صبغا راسماً شكل صدع في الأرض. ماتت أمي، وقام هو بإلباس العمود كالموت، وعلق بعض صور أمي وهي طفلة على عارضة العمود. كنا نتوقف أحيانا أثناء مرورنا، لنجد طلاسم غريبة من أيام شبابه مرتبة حول قاعدة العمود، قلادات عسكرية، تذاكر مسارح، قمصان قديمة، قناني مساحيق تجميل تخص أمي. وفي أحد فصول الخريف قام بطلاء العمود بلون أصفر براق. قام بتغطية العمود بفوط قطنية في ذلك الشتاء للتدفئة، ثم عمد إلى توفير ذرية للعمود، عن طريق غرس ست عصي متقاطعة في أرجاء الساحة، ثم جهد بتوصيل أسلاك تربط هذه العصي مع العمود وعلق رسائل اعتذارٍ، اعترافات بذنوبٍ، دعواتٍ للتفهم، كلها كانت قد كتبت بخطٍ مسعور على بطاقات. قام بتعليق لافته تقول: «حب» خلف العمود، ولافته أخرى تقول: «مغفرة». وفي يوم، مات في الصالة، وكان المذياع مشغلاً. لقد بعنا المنزل لزوجين يافعين، اللذان انتزعا العمود والعصي ورموها في قارعة الطريق، وكان هذا في يوم القمامة. *جورج ساندرز هو كاتب قصص قصيرة وروائي أمريكي معاصر ولد في عام 1958. فاز بجوائز عديدة كانت آخرها جائزة مان بوكر عن روايته ( لينكولن في البرزخ) عام 2017.
مشاركة :