معجزات.. قصة قصيرة من الأدب الأمريكي للكاتبة: لوسي كورين

  • 12/17/2022
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

راقبنا‭ ‬أبانا‭ ‬بترقب،‭ ‬وهو‭ ‬يخرج‭ ‬الإناء‭ ‬من‭ ‬فناء‭ ‬المنزل‭. ‬كنا‭ ‬بانتظار‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬منذ‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬فيها‭ ‬العنكبوت‭ ‬مع‭ ‬كيس‭ ‬بيضها‭ ‬داخل‭ ‬الإناء‭. ‬كانت‭ ‬عنكبوت‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬الذي‭ ‬يسمى‭ ‬الأرملة‭ ‬السوداء،‭ ‬أدركنا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬لمسها‭ ‬قط‭ ‬في‭ ‬حديقة‭ ‬المنزل،‭ ‬وكنا‭ ‬نتعرف‭ ‬عليها‭ ‬برؤية‭ ‬الخط‭ ‬الأحمر‭ ‬على‭ ‬بطنها‭. ‬كنا‭ ‬قد‭ ‬انتقلنا‭ ‬للعيش‭ ‬في‭ ‬الريف‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬فقدت‭ ‬أمنا‭ ‬عقلها‭. ‬ أبي‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬يستلقي‭ ‬في‭ ‬الحديقة‭ ‬واضعاً‭ ‬إناء‭ ‬العناكب‭ ‬بجانبه،‭ ‬دائما‭ ‬ما‭ ‬يعرفنا‭ ‬على‭ ‬أشياء‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الحديقة‭. ‬كان‭ ‬أبي‭ ‬قد‭ ‬ترك‭ ‬لحيته‭ ‬تنمو،‭ ‬وكان‭ ‬دائماً‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬متعبا‭ ‬لكنه‭ ‬صبور‭. ‬كان‭ ‬لدينا‭ ‬اسطبل‭ ‬في‭ ‬الحديقة‭ ‬بداخله‭ ‬حصان‭ ‬نعتني‭ ‬به‭. ‬تحدث‭ ‬أبي‭ ‬كثيراً‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬الاعتناء‭ ‬بالآخرين‭ ‬كجزء‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬النضوج،‭ ‬وكنا‭ ‬نتابع‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬بشغف‭ ‬بعيون‭ ‬متسعة‭ ‬لا‭ ‬تكاد‭ ‬تجد‭ ‬مجالاً‭ ‬في‭ ‬رأسها‭ ‬لكي‭ ‬تتسع‭ ‬أكثر‭.‬ نتكدس‭ ‬أمام‭ ‬الإناء‭ ‬محاولين‭ ‬دس‭ ‬أنفنا‭ ‬بالقرب‭ ‬منه‭ ‬بالتوالي،‭ ‬لكي‭ ‬نتأمل‭ ‬حركة‭ ‬كيس‭ ‬البيض‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬أبونا‭ ‬قد‭ ‬أخبرنا‭ ‬عنها‭. ‬كنا‭ ‬أحيانا‭ ‬ما‭ ‬نشعر‭ ‬بالملل‭ ‬من‭ ‬مشاهدة‭ ‬الحركة‭ ‬البطيئة‭ ‬لخروج‭ ‬صغار‭ ‬العنكبوت،‭ ‬تماماً‭ ‬كما‭ ‬شرح‭ ‬لنا‭ ‬أبونا‭. ‬كانت‭ ‬العناكب‭ ‬صغارا‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬يصدق،‭ ‬وكان‭ ‬يبدو‭ ‬على‭ ‬العنكبوت‭ ‬الأم‭ ‬أنها‭ ‬لا‭ ‬تبالي‭ ‬كثيراً‭ ‬بصغارها‭. ‬ أخذت‭ ‬صغار‭ ‬العنكبوت‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬الكيس‭ ‬لتملأ‭ ‬الإناء،‭ ‬كانت‭ ‬معجزة‭ ‬الحياة‭. ‬تجد‭ ‬طريق‭ ‬الخروج‭ ‬للهواء‭ ‬عبر‭ ‬ثقوب‭ ‬في‭ ‬الكيس،‭ ‬وكان‭ ‬أبونا‭ ‬يراقب‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬ويعلق‭ ‬بين‭ ‬الفينة‭ ‬والأخرى‭ ‬ليزيد‭ ‬من‭ ‬اهتمامنا‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭. ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المرات‭ ‬وضع‭ ‬عصى‭ ‬داخل‭ ‬أحد‭ ‬الثقوب‭ ‬وشاهدنا‭ ‬صغار‭ ‬العنكبوت‭ ‬وهي‭ ‬تتسلق‭ ‬العصى‭. ‬العناكب‭ ‬تقضي‭ ‬حياتها‭ ‬بأكملها‭ ‬في‭ ‬التسلق‭.‬ نشاهد‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬ولكننا‭ ‬أحياناً‭ ‬ما‭ ‬يتشتت‭ ‬تركيزنا،‭ ‬فقد‭ ‬كنا‭ ‬جدد‭ ‬على‭ ‬الريف‭. ‬حياة‭ ‬جديدة‭ ‬تحيط‭ ‬بنا‭. ‬أنا‭ ‬الآن‭ ‬أتذكر‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬الريف‭ ‬غير‭ ‬موضوع‭ ‬العناكب‭. ‬ بعد‭ ‬حدوث‭ ‬الكارثة،‭ ‬قال‭ ‬لي‭ ‬أخي‭ ‬ذات‭ ‬مرة‭:‬ ‭- ‬‮«‬هل‭ ‬تتذكر‭ ‬قط‭ ‬أي‭ ‬شعور‭ ‬بالتوتر‭ ‬وأنت‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬العناكب‭ ‬السامة‭ ‬الخارجة‭ ‬من‭ ‬الإناء؟‮»‬،‭ ‬هل‭ ‬تذكر‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لدينا‭ ‬أي‭ ‬مبيد‭ ‬حشرات‭ ‬للعناكب‭ ‬لأننا‭ ‬كنا‭ ‬قد‭ ‬انتقلنا‭ ‬الى‭ ‬الريف‭ ‬لتونا‭ ‬؟،‭ ‬لكنه‭ ‬كان‭ ‬لديه‭ ‬علبة‭ ‬من‭ ‬رش‭ ‬الشعر‭ ‬يبثه‭ ‬على‭ ‬العناكب‭ ‬لجعلها‭ ‬تهرب‭. ‬لماذا‭ ‬كان‭ ‬لديه‭ ‬علبة‭ ‬رش‭ ‬الشعر؟‭ ‬هل‭ ‬كانت‭ ‬العلبة‭ ‬تخصها؟‮»‬‭.‬ لورين‭ ‬كورين‭ ‬هي‭ ‬روائية‭ ‬وقاصة‭ ‬أمريكية‭ ‬من‭ ‬مواليد‭ ‬1988‭. ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أعمالها‭ ‬المجموعات‭ ‬القصصية‭: (‬مائة‭ ‬كارثة‭ ‬وكوارث‭ ‬أخرى‭)‬،‭ ‬و‭(‬المأزق‭ ‬برمته‭). ‬والرواية‭: ‬قتله‭ ‬تراهم‭ ‬كل‭ ‬يوم‭: ‬تاريخ‭ ‬للفتيات‭. ‬حازت‭ ‬لورين‭ ‬كورين‭ ‬على‭ ‬جوائز‭ ‬أدبية‭ ‬أهمها‭: ‬جائزة‭ ‬الجمعية‭ ‬الأمريكية‭ ‬للفنون‭ ‬عام‭ ‬2012،‭ ‬وجائزة‭ ‬روما‭ ‬عام‭ ‬2012‭. ‬

مشاركة :