جاء قرار مملكة البحرين بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وإغلاق بعثتها الدبلوماسية لدى طهران وسحب جميع أعضاء بعثتها بعد أن بلغت ممارسات نظام الملالي حدا لا يمكن السكوت عليه، فقد واصلت إيران وبتعنت شديد التدخل في شؤون مملكة الحبرين ودول مجلس التعاون الخليج ودول المنطقة، وتصدير الإرهاب إليها وتسبب النظام الإيراني برعونته وضيق أفقه وأحلامه التوسعية في إيقاع المنطقة في فتن ونزاعات طائفية طالت جل دولها وتسببت في اشتعال الصراعات والحروب التي ما زال عالمنا العربي يكتوي بنارها. ولقد حددت مملكة البحرين بوضوح وصراحة كسمة دائمة في سياستها الخارجية الأسباب التي دفعتها لاتخاذ قرارها بقطع العلاقات مع إيران، ومن أولى هذه الأسباب استمرار وتفاقم التدخل السافر والخطير من إيران ليس في شؤون مملكة البحرين فحسب، بل وفي شؤون دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وكذلك الدول العربية الشقيقة، دون أدنى مراعاة لقيم أو قانون أو أخلاق، أو اعتبار لمبادئ حسن الجوار أو التزام بمبادئ الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي. فقد قامت إيران وعلى مدى 37 عاما هي عمر نظام الملالي الحاكم بالتدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية تصدير الإرهاب لمملكة البحرين منذ تولي نظام الخوميني السلطة عام 1979، حيث تبنى النظام الإيراني شعارات طائفية مقيتة ومنها شعار "تصدير الثورة" وهو يعني في الحقيقة تصدير الطائفية والإرهاب وإشاعة الفوضى والاستقرار، في محاولة منها للهيمنة على المنطقة وبذر بذور الطائفية فيها، فقامت بذرع خلايا في العديد من الدول العربية لا سيما الخليجية واستنفرت العامل الطائفي لتجنيد وتحشيد أتباع لها يقتادون لأمرها باسم الدين. لم يكن هدف إيران من وراء هذه الخلايا خلق اتباع لها فقط بل إن هناك مخطط إيراني لإشاعة الخراب والدمار وإثارة الاضطرابات والفتنة في المنطقة عبر توفير الحماية وتقديم الدعم للإرهابيين والمتطرفين وتهريب الأسلحة والمتفجرات لاستعمالها من قبل الخلايا الإرهابية التابعة لها في إزهاق الأرواح وقتل الأبرياء كما أكد بيان الخارجية البحرينية، فقد قامت إيران باستقبال الإرهابيين وتوفير المأوى لهم والدعم المادي واللوجستي وتدريبهم على استخدام الأسلحة والمتفجرات القاتلة، ومن ثم إرسالهم بعد ذلك إلى دولهم بعد دعمهم بالأسلحة والمتفجرات ليتحولون إلى قنبلة موقوتة تفجرها طهران في أي وقت، وقد تم كشف العديد من القوارب المحملة بالأسلحة والمتفجرات التي تم إرسالها من إيران أو عن طريق أتباع طهران في العراق وكانت وجهتها البحرين ودول الخليج الأخرى، كما اعترف المتهمون بتقديم حكومة طهران الدعم المادي واللوجستي لهم، ومن أبرز هذه النماذج ما يلي: 1ـ ضبط خلية إرهابية في فبراير عام 2013 تم تأسيسها كنواة لما يسمى "جيش الإمام" لممارسة نشاط إرهابي كتنظيم عسكري مسلح، وكانت تستهدف مواقع حساسة مدنية وعسكرية وشخصيات عامة، ووفقًا لاعترافات المتهمين اتضح أن من يدير العملية أحد أفراد الحرس الثوري الإيراني، ويتم تجنيد العناصر بواسطة شخصين بحرينيي الجنسية مقيمين في إيران. ومن ضمن التدريبات التي تدربت عليها الخلية استخدام السلاح والمتفجرات شديدة الانفجار وطرق جمع المعلومات وتصوير وكتابة إحداثيات المواقع والتجنيد وشملت مواقع التدريب مواقع الحرس الثوري الإيراني في إيران ومواقع تابعة لحزب الله العراقي في كربلاء وبغداد، وبلغ إجمالي الدعم المالي للخلية الإرهابية 80 ألف دولار تقريبا من الحرس الثوري الإيراني . 2ـ تمكن قوات الأمن العام البحرينية خلال يومي (28 و29 ديسمبر2013)، من ضبط وإحباط 4 عمليات نوعية الأولى تمثلت في إبطال مفعول سيارة مفخخة، والثانية إحباط محاولة تهريب عدد من المطلوبين إلى خارج البحرين، والثالثة إحباط محاولة إدخال متفجرات وأسلحة وذخائر إلى البحرين، والرابعة ضبط مستودع متفجرات وذخائر في منطقة القرية، وثبت تورط إيران في هذه العمليات الإرهابية، وبتحليل ومقارنة نتائج فحص جميع الأدلة المادية ثبت أن إيران والعراق مصدر جميع المتفجرات والذخائر. 3ـ في يونيو 2015 تمكنت أجهزة الأمن البحرينية من القبض على عناصر من تنظيم إرهابي يدعى سرايا الأشتر مسؤول عن تنفيذ سلسلة من الأعمال الإجرامية الخطيرة، وهذا التنظيم تقيم قياداته في إيران، وتخطط لأعمالها الإرهابية من هناك".كما تم ضبط مستودع أسلحة ومتفجرات بقرية دار كليب وقد أسفرت التحريات التي تم مباشرتها وإفادات المقبوض عليهم عن قيام متهمين هاربين في إيران بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني بتشكيل وتجنيد مجموعة إرهابية تستهدف أمن مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية من خلال تدريب العناصر الإرهابية عسكريا وتهريب المتفجرات والمواد التي تدخل في صناعتها، وذلك بعد تسهيل سفرهم للعراق وإيران والخضوع لتدريبات مكثفة على كيفية صناعة واستخدام المواد المتفجرة والأسلحة النارية وتدريبات خاصة بالغوص وزراعة الألغام والمتفجرات في البحر، وذلك في معسكرات تابعة لكتائب حزب الله العراقي والحرس الثوري الإيراني واللذين وفرا دعما لوجستيا وماديا للمجموعة الإرهابية المذكورة. وحسب تقديرات خبراء المتفجرات، فانفجار المواد المخزنة تعادل ما مجموعة 222 كيلو جرام من مادة (TNT) ولو وقع انفجار، فإن المدى القاتل والمؤثر قد يصل إلى مئات الأمتار مما كان سيتسبب في وقوع العديد من الضحايا لا قدر الله -. وتبين تطابق المواد المتفجرة مع تلك المواد والأدوات التي تم إحباط تهريبها من قبل على جسر الملك فهد وعن طريق البحر ومستودع للمتفجرات والذخائر بمنطقة "القرية". 4 ـ أحبطت وزارة الداخلية يوم 15/7/2015 عملية تهريبِ عن طريق البحر لكميةٍ من الموادِ المتفجرةِ شديدةِ الخطورة، بجانب عددٍ من الأسلحةِ الأوتوماتيكية والذخائرِ، تمت بواسطة قاربين حاولا دخول المياه الإقليميةِ للبحرين من الجهةِ الشمالية، وأظهرت التحقيقات أن المتهمين تدربوا مع سعوديين في إيران على تهريب الأسلحة والمتفجرات، والتخطيط لعمليات استهداف رجال الأمن في السعودية والبحرين، ووفقًا للتحقيقات والتحريات، تلقى المتهم الأول تدريباتٍ عسكريةً في أغسطس 2013 بمعسكراتِ الحرسِ الثوري الإيراني على كيفيةِ صناعةِ الموادِ المتفجرة (C4) وطرقِ تنفيذِ عملياتِ التفجيرِ، وتم تجنيد المتهم الثاني من قبلِ الأول لمساعدتِه في عمليةِ التهريب عبرَ البحر، واعترف المتهمان بتنسيقهما مع إيرانيين، وقاما باستلامِ أربعِ حقائبَ في عرضِ البحرِ، بهما مضبوطاتِ غاية في الخطورة تمثلت في: - 43,8 كيلوجراما من مادة الـC4 المتفجرة. - 8 أسلحة أوتوماتيكية من نوعِ كلاشينكوف. - 32 مخزناً لطَلْقاتِ الرشاش كلاشينكوف. - كمية من الطَلْقاتِ والصواعق. 5 ـ تورط إيران في التفجير الإرهابي الذي وقع في قرية سترة بتاريخ 28 يوليو 2015 وأسفرَ عن استشهادِ اثنين من رجالِ الأمن وإصابةِ ستةٍ آخرين بإصابات متفرقة.فقد توصل المختبر الجنائي إلى أن المادة المستخدمة في عملية التفجير، هي ذات المادة شديدة الخطورة التي كانت قادمة من إيران وتم إحباط تهريبها إلى البلاد يوم 15 يوليو 2015. وارتباط المخططين الرئيسيين والممولين لهذه العملية الإرهابية تنظيميًّا وتمويليًّا بالحرس الثوري الإيراني. 6ـ في 28 أغسطس 2015 استشهد أحد رجال الشرطة إثر تفجير عن بُعد لقنبلتين محليتي الصنع في قرية كرانة وتبين من التحقيقات أن المواد المستخدمة في التفجير مشابهة للمواد التي تم ضبطها في عرض البحر خلال عملية إحباط تهريب مواد متفجرة شديدة الخطورة وأسلحة لها علاقة بإيران في 15 يوليو 2015. 7ـ ضلوع إيران وحزب الله في دعم خلية العبدلي تسليحا وتدريبا في الكويت والتي تم كشفها في سبتمبر 2015، حيث جنَّد وسلَّح وموَّل ودرَّب جهاز الاستخبارات الإيراني أعضاء خلية العبدلي اعتبارا من عام 1988 حتى عام 2015 في انتظار ساعة الصفر، ومولهم بكميات كبيرة من المواد المتفجرة عن طريق البحر. وبالتوازي مع هذه المخططات الإجرامية الخطيرة والمتعددة وتغذية الإرهاب، ارتفعت وتيرة التصريحات الصادرة عن المسؤولين الإيرانيين ضد مملكة البحرين ودول الخليج والدول العربية والتي شملت كبار المسؤولين بدءًا بالمرشد الأعلى علي خامنئي ومساعديه ومستشاريه ومجلس الخبراء مرورًا بكبار مسؤوليها في وزارات الخارجية والدفاع والحرس الثوري ورئيس وأعضاء مجلس الشورى وصولا إلى توجيه وسائل الإعلام بتوجيه أكاذيب وافتراءات بحق الدول العربية واختلاق قصص ومزاعم ما أنزل الله بها من سلطان عبر حملات إعلامية مضللة، مما يعني أنها سياسة منظمة ولها أهداف محددة في محاولة شق الصف الوطني وإذكاء الطائفية في المملكة. إن ما سبق دفع البحرين إلى اتخاذ إجراءات حازمة تجاه إيران منها تخفيض التمثيل الدبلوماسي معها والتقدم بشكاوى ضدها في المنظمات الدولية والإقليمية وعلى رأسها الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية تبين فيها تجاوزاتها المستمرة في حق مملكة البحرين، ولكن عندما يتم الاعتداء بشكل آثم وجبان على سفارة المملكة العربية السعودية الشقيقة في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، إزاء ذلك لم يكن أمام مملكة البحرين إلا قطع العلاقات الكامل مع إيران فمثل هذه السلوكيات الهمجية تشكل انتهاكا صارخا لكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. إن إثارة إيران لحكم قضائي في دولة مجاورة هي المملكة العربية السعودية وبحق أحد مواطنيها وليس مواطني إيران والتضخيم من ذلك يأتي ضمن السياسات الطائفية التي تتبناها إيران لزعزعة أمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية. وكان وقوف مملكة البحرين مع المملكة العربية السعودية وقوف مع الحق ومع الأخوة فقد أعلن تأييدها لكافة الإجراءات التي تتخذها المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين صاحب الجلالة الملك سلمان بن عبد العزيز ال سعود لحماية أمنها واستقرارها ورفض التدخلات الأجنبية في شأنها الداخلي. إن مملكة البحرين قد اتخذت القرار الصائب بقطع العلاقات الدبلوماسية مع هذا الكيان الإجرامي وقد اتخذت عدد من الدول الخليجية والعربية خطوات دبلوماسية مشابهة لردع إيران، فلا يمكن أن تكون هناك علاقات دبلوماسية ودية مع كيان يصدر الموت إلى المنطقة سعيًا وراء أوهامه في الهيمنة وتصدير الثورة، كما لا يمكن التفريط أو التهاون فيما يتعلق بالأمن الوطني أو الخليجي والعربي فالأمن عماد التنمية والرخاء والازدهار. المصدر: بنا
مشاركة :