شولتس لتصويب مسار العلاقة مع الرياض

  • 9/22/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يعلق المستشار الألماني اولاف شولتس، أهمية قصوى على مخرجات نتائج محادثاته في المملكة، خلاله زيارته لها مطلع الأسبوع القادم، والتي تعتبر الأولى له منذ تقلده منصب المستشارية مطلع العام، ضمن مسعى ألماني حثيث لتأمين بدائل عن مصادر الطاقة الروسية، مع اشتداد المعارك الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار الطاقة الجنوني في أوروبا. برلين في أزمة مصادر ألمانية أكدت لـ"الرياض" أن جولة المستشار الألماني لمنطقة الخليج، التي تستمر يومين، وسيزور خلالها السعودية وقطر والإمارات تكتسب أهمية استثنائية بالنسبة إلى برلين التي تواجه ظرفا عصيبا بسبب تفاعلات الأزمة الأوكرانية وتداعياتها الخطيرة على الوضع الداخلي، خصوصا ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والتضخم. ورجَّحت مصادر ألمانية أن يوقِّع المستشار أولاف شولتس على اتفاق لاستيراد الغاز الطبيعي المسال من الإمارات العربية المتحدة واتفاقيات أخرى مع منتجين آخرين في المنطقة لسد الثغرة التي خلفها نقص إمدادات الغاز الروسي". وبحسب مصادر ألمانية تحدثت لـ"الرياض" ان تعزيز الشراكة السعودية الألمانية وإيجاد حلول لأزمة الطاقة، ومناقشة الوضع الجيوستراتيجي في المنطقة والعالم ستكون من أبرز القضايا التي سيناقشها المستشار شولتز مع القيادة السعودية وسيجري الوزراء الألمان الذين يرافقون المستشار الالماني محادثات مستفيضة مع نظرائهم السعوديين في المجالات التجارية والصناعية والاستثمارية.. كما سيرافق المستشار الألماني وفد من كبار ممثلي عدد من القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية للمشاركة في المنتدي الاستثماري الذي سيعقد على هامش الزيارة الرسمية. تصدير الوقود السعودي المراقبون الألمان أكدوا لـ"الرياض" أن زيارة المستشار الألماني للسعودية هدفها الأول عقد صفقات كبرى تتعلق بتصدير الوقود السعودي. وتشكل المملكة المحطة الأولى في الجولة الخليجية التي يعتزم المستشار الألماني أولاف شولتس القيام بها. ونقلت قناة دويتشه فيله الألمانية عن متحدث باسم الحكومة الألمانية هشتيفن هيبشترايت القول إن زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس ستركز على أزمة الطاقة وانعكاسات غزو روسيا لأوكرانيا وجذب الاستثمارات السعودية والخليجية لألمانيا والوضع في اليمن والملف النووي الإيراني وأجندة أعمال قمة مجموعة العشرين المنتظر عقدها في نوفمبر المقبل في جزيرة بالي الإندونيسية، سوف تتصدر جدول مناقشات الوفدين. تعزيز العلاقات الاستثمارية وأضاف أن تعزيز العلاقات في مجال الاستثمارات المشتركة وفق رؤية 2030 السعودية وخاصة في قطاعات الصناعة والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية وعلوم الحياة والطاقة المتجددة ستحتل حيزًا مهمًا خلال المناقشات الثنائية بحسب القناة الألمانية. وتراهن ألمانيا على هذه الجولة لانطلاقة جديدة في العلاقات مع دول الخليج العربي، ولاسيما مع السعودية التي شهدت العلاقة معها نوعا البرود خلال السنوات الماضية. وهذه الزيارة الأولى لشولتس إلى المنطقة، منذ توليه منصب المستشارية في ديسمبر 2021، خلفا للمستشارة أنجيلا ميركل، وكان من المفترض أن تُجرى هذه الجولة قبل ذلك، لكن انشغال برلين بتفاعلات الأزمة الأوكرانية حال دون ذلك. وقال مصدر دبلوماسي في السفارة الألمانية بالرياض إن شولتس يعلق أهمية كبيرة على نتائج محادثاته المرتقبة مع ولي العهد كونها ستركز على أهمية تصحيح مسار العلاقات بين البلدين. وتعتزم ألمانيا إنشاء منصات للغاز الطبيعي المسال وتسارعت وتيرة تنفيذ تلك الخطط مع سعيها للاستغناء عن واردات الغاز الأرخص القادمة من روسيا ردا على غزوها أوكرانيا. وكان المستشار شولتس بحث في السابع عشر من شهر أغسطس الماضي، في اتصال هاتفي، القضايا الثنائية والإقليمية مع سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وسبق أن أوفدت المستشارية الألمانية وزراء إلى المنطقة، إثر نشوب الصراع الروسي – الأوكراني، على غرار وزير الاقتصاد روبيرت هابيك لبحث مسألة إمدادات الطاقة. وبعد نشوب الصراع الروسي – الأوكراني الذي ألقى بظلاله القاتمة على ألمانيا بات العديد من السياسيين، ومن بينهم منضوون ضمن الائتلاف الحكومي، يطالبون صراحة بضرورة مراجعة المواقف من المملكة. ولا يستبعد المراقبون أن يسجل تغيير في مقاربة برلين للعلاقة مع الرياض، وقد بدأت تبرز في هذا السياق بعض المؤشرات أبرزها استقبال المستشار الألماني مؤخرا لرئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي، ويعد هذا بمثابة رسالة دعم من برلين لهذا المجلس الذي تشكل برعاية سعودية في أبريل الماضي. ويقول المراقبون إن ألمانيا تجد نفسها مضطرة إلى التخلي عن أفكارها غير الواقعية في التعاطي مع بعض الملفات، وتبني سياسة واقعية، خصوصا وأنها لا تملك في ظل الوضع الدولي الراهن ترف الخيارات، حيث أنها على أعتاب شتاء قاس، في حال فشلت في إيجاد بدائل عن واردات الطاقة الروسية. ومن المتوقع أن يوقع شولتس خلال جولته الخليجية عقودا مع الإمارات بشأن الغاز الطبيعي المسال خصوصا ان معروض الغاز ينمو ببطء. ولا تملك برلين ترف الخيار سوى السعي للتوصل إلى اتفاقيات مع قطر والإمارات، لاسيما بعد أن أثبتت المحادثات مع موردي الغاز في أوروبا وأميركا الشمالية أنها معقدة أيضا. ويلتقي المستشار الألماني خلال جولته رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد قبل أن يجتمع مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وتبحث ألمانيا بدائل للغاز الروسي الذي كان يشكل 55 % من واردات الغاز في ألمانيا قبل الحرب في أوكرانيا. وحذر البنك المركزي الألماني بأن وضع الإمدادات بعد توقف الواردات من روسيا "سيكون صعبا للغاية في الأشهر المقبلة" مشيرا إلى احتمال تسجيل انكماش في أكبر اقتصاد أوروبي. وكان وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان قد صرّح بأن المملكة ترتبط تاريخيا بشراكة وصداقة وثيقة مع ألمانيا، قائمة على التعاون الصناعي، مؤكدا أن المملكة تعتزم توسيع التعاون أيضا في مجال الطاقة الخضراء. وقال سمو وزير الخارجية، في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية في وقت سابق، إن "الصناعة الألمانية نشطة بشدة في السعودية منذ خمسينيات القرن الماضي.. بيننا أيضا تعاون في مجال الآثار، إلى جانب برامج ثقافية، وهي مجالات تمثل لنا أولوية الآن في إطار برنامج رؤية 2030". وذكر الأمير فيصل أن البرنامج السعودي "رؤية 2030" الذي يستهدف على نطاق واسع المجال الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، يتيح فرصة مهمة للغاية للتعاون مع ألمانيا في التبادل الثقافي والتدريب المهني وأيضا في المجال البيئي. وفي السياق ذاته، أكد وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أن "ألمانيا شريك تجاري واستثماري رئيسي للمملكة، حيث كانت رابع أكبر مصدر للواردات إلى المملكة خلال العام الماضي، كما أن المملكة مقر عمل لعدد من الشركات الألمانية الرائدة" وأدى الغزو الروسي لأوكرانيا قبل ستة أشهر لزعزعة غير مسبوقة للعقيدة السياسية لألمانيا التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية. كما حطم عددا من القناعات السياسية مؤكدا على الحاجة لتغيير سريع وجذري لبوصلة برلين في عالم متحرك. وقبل 75 عاما بدأت الحرب العالمية الثانية التي أشعلت ألمانيا فتيلها، واليوم تحولت ألمانيا إلى عملاق اقتصادي، وهي في طريقها أيضا لتصبح فاعلا مؤثرا في السياسة العالمية. وهو دور غير مألوف للشعب الألماني الذي يتمنى لو كان "سويسرا خضراء"، غير أن زمن ذلك قد ولى. فاليوم أصبح العالم ينتظر من ألمانيا الاضطلاع بمهام قيادية على الصعيد السياسي في إطار تحالفي وتقديم مساهمات عسكرية مؤثرة، لكن مع الظهور أيضا بمظهر متواضع وأضحى التباهي بمظهر القوي ممنوعا على الألمان. بل قد تسببت حربان عالميتان ودكتاتوريتان خلال القرن العشرين في كسر الثقة بين المجتمع الألماني وكل ما له علاقة بالعسكر. وبالتالي لم يكن الجنود بزيهم العسكري جزءًا من المشهد العام حتى الآن. فبسبب الحرب في أوكرانيا ألمانيا في تطبيع العلاقة مع جيشها، استعدادا للصراعات المستقبلية. نقطة تحول أعد المستشار الألماني الأرضية لهذا التحول الجوهري. فبعد ثلاثة أيام فقط من الحرب في أوكرانيا وفي خطاب تأسيسي حظي باهتمام كبير. ولم يتحدث المستشار عن "نقطة التحول" فحسب، بل استخلص أيضًا عددا من الاستنتاجات، أهمها ضرورة إعادة الاعتبار للجيش الألماني المُهمل منذ عقود بإنشاء صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو لتمويل المشتريات العاجلة. المستشار وعد أيضا بالالتزام بما أكد عليه الناتو عام 2014 بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، ويتعلق برفع ميزانية دفاع الدول الأعضاء إلى ما لا يقل عن 2 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا ما جعل ميزانية التسلح الألمانية الأعلى في أوروبا. المستشار شولتس وعد أيضا في خطابه بالدفاع عن كل شبر من أراضي دول الحلف الأطلسي.

مشاركة :