جوارديولا وطرق أخرى للفوز – (3) كرويف لـ بيب: أنت أبطأ من جدتي!

  • 1/5/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

اضطر بيب جوارديولا في مايو 1989 حينما كان عمره 18 عاما لترك كل شيء حتى تلك الفتاة التي كان بدأ في مواعدتها. كل هذا من أجل السفر لخوض مباراة ودية أمام فريق بانيوليس، تلك كانت باكورة مشاركاته الفريق الأول لبرشلونة. لم يرق مستوى بيب في البداية للهولندي يوهان كرويف مدرب الفريق حيث قال له بعد المباراة مباشرة: لقد لعبت أبطأ من جدتي. لاحقا بدأ بيب في تفهم أساليب كرويف حيث يقول: بمرور الزمن عرفت أن مثل هذه العبارة وأشياء أخرى كانت جزء من استراتيجية يفضل اتباعها، إنه يحب خفض كل توقعاتك حينما يرى هذا الأمر مناسبا، ويدافع عنك بضراوة أمام الجميع حينما تستدعي الحاجة. البداية لا تحدد دائما النهاية وهذا أمر حقيقي، فمن كان يتخيل أن واحد من أكثر العلاقات استمرارية ونجاح على مر التاريخ كان من الممكن أن تبدأ بعبارة أنت أبطأ من جدتي؟ استغرق الأمر 18 شهرا منذ تلك المباراة الودية أمام بانيوليس قبل أن تتاح لجوارديولا مجددا فرصة اللعب مع الفريق الأول. خلال تلك الفترة كان جوارديولا يؤدي بشكل جيد مع الفريق الثاني لبرسا. وفي صيف 1990 تعرض لاعب الوسط رونالد كومان لإصابة وكان برشلونة ليقترح كرويف التعاقد مع جان مولبي لاعب ليفربول الإنجليزي. جاء الرد من الإدارة بالبحث عن خيارات أخرى، فطرح تشارلي ريكساش مساعد كرويف في تلك الفترة فكرة تصعيد جوارديولا. وقتها لم يتذكر كرويف الاسم جيدا، لذا قرر الذهاب لمشاهدة مستواه على الطبيعة لإنعاش ذاكرته. سوء حظ يواصل سوء الحظ لعبته ويتصادف أن اليوم الذي ذهب فيه كرويف لمشاهدة جوارديولا لم يكن فيه الأخير أساسيا بل جالسا على الدكة. عاتب الهولندي ريكساش تقول إنه جيد للغاية؟ كيف وهو لم يلعب حتى؟ سألتك من هو الأفضل في الفريق الثاني وأنت والجميع قلتم جوارديولا ولكنه حتى لم يقم بالإحماء!. ريكساش أقنع كرويف بأن يستدعي بيب ليتدرب مع الفريق الأول لبضعة أيام لأنه كان مؤمنا بأن الهولندي سيعجب به خاصة وأنه كان أول من طبق قاعدة أن اللاعب الجيد لا يحتاج لبنيان قوي في النادي الكتالوني. يحب كرويف دائما التوضيح وتقديم الأمثلة والمشاركة في التدريبات وإلقاء التعليمات وإيقاف المبارايات المصغرة والتصحيح وشرح كل نقطة حول كل تمريرة ولماذا يجب أن تصل الكرة إلى ذلك اللاعب في ذلك التوقيت؟ وما السبب وراء ضرورة لعب الكرة بهذه الطريقة وليس الأخرى في هذا الموقف؟ إنه ذلك الأسلوب الذي تشبع به بيب وطبقه مستقبلا بأسلوبه الخاص. الرعب في أحد أيام التدريبات الأولى لجوارديولا مع كرويف كاد الهولندي يصيب لاعبه الشاب بالرعب.. استعمل كلتا قدميك استعمل كلتا ساقيك ذلك الهتاف الصارخ لم يتوقف كلما كانت الكرة تصل لبيب لأن كرويف كان يرغب في أن يتخلى جوارديولا عن خوفه من استخدام ساقه اليسرى. لقد كان كرويف مهنيا واحترافيا واحد من أكثر الأشخاص تأثيرا في تكوين جوارديولا الذي لعب تحت امرته ست سنوات كاملة، لذا ليس غريبا كم الاحترام والتقدير الهائل الذي يكنه بيب له. بمرور الوقت أمن كرويف بأن بيب كان سيصل إلى اللاعب الذي يرغب في كونه: ذلك الرجل القادر على أن يصبح منصة للتنظيم وبدء الهجمات والتعامل مع ضعفه البدني عن طريق استغلال قصور الفنيات الذي ربما يكون موجود لدى منافسيه الأقوى والأكبر حجما. أول مباراة خاض جوارديولا أول مباراة رسمية له مع الفريق الأول لبرشلونة في 16 ديسمبر 1990 حينما كان عمره 19 عاما وكانت في الليجا أمام قادش نتيجة لاصابة رونالد كومان وإيقاف مثله الأعلى جييرمو أمور. كان التوتر في قمته بالنسبة لجوارديولا قبل المباراة حيث شعر كما لو كان قلبه سيقفز من قفصه الصدري من سرعة ضرباته، ولكن على الرغم من هذا فإن جسده لم يخنه حيث قدم أداء جيد في المباراة التي انتهت لصالح برشلونة بهدفين نظيفين. يمكن القول بإن مشاركة جوارديولا الأولى كانت بمثابة نقطة فاصلة بالنسبة لبرشلونة بل وحددت بداية ونهاية مرحلة في تاريخه، لقد كان الأمر تأكيدا على فلسفة كرويف في ضرورة الاعتماد على أبناء النادي وأفكاره الجديدة المتعلقة بخط الوسط. رقم 4 كان جوارديولا الأول في سلسلة لاعبي الوسط حاملي الرقم 4 الذين بخلاف واجباتهم الدفاعية يعملون على تنظيم الهجوم، صحيح أن لويس ميا لعب هذا الدور في بداية حقبة كرويف ولكن بيب كان من ذهب به إلى مستوى آخر. خلال موسمه الأول في البرسا لم يلعب جوارديولا سوى ثلاثة مبارايات ولكن في ذلك الثاني كان تأثيره كبيرا جدا، حيث قرر كرويف أن يضع جوارديولا قائدا لمنطقة أوركسترا خط الوسط لذلك الفريق التاريخي. كان الأمر أشبه بإرساء نموذج للعب. فمنذ ذلك الحين فإن صنف اللاعبين رقم 4 لم يتوقف عن التطور متجاهلا الموضات السائدة في كرة القدم التي تتطلب أن تكون من ضمن خصائص من يحمل هذا القميص القوة البدنية، لذا لم يكن غريبا ما فعله بعد ذلك كل من شابي هرنانديز وإنيستا وسيسك فابريجاس وميكيل أرتيتا في ذلك المركز. يقول كرويف عن تلك الفترة: كان يجب على جوارديولا التحلي بالذكاء، لم يكن أمامه سوى هذا الخيار، كان يشبهني كثيرا فهو لم يتحل بالقوة الجسدية ولكن فنياته وسرعته في تحريك الكرة وتجنب التصادم ورؤيته عالية جدا، يمكن القول أن عيوبه جعلته لاعب ومدرب أفضل. النصيحة تعلم جوارديولا كثيرا في تلك الفترة ولكن أقيم نصيحة تلقاها كانت من كارليس ريكساش مساعد كرويف حينها لذا لا يتوقف عن تكرارها أمام لاعبيه وهي حينما تتلقى الكرة، يجب أن تكون متواجدا في مكان يسمح لك بالتمرير لأي من باقي زملائك العشرة.. إنه التمركز!. كان بيب جريئا للغاية لذا لم يجد مانعا من تقديم النصح لنجوم الفريق اذا ما شاهد شيئا لا يعجبه وهذا ما فعله في يوم من الأيام مع مايكل لاودروب حينما حاول مراوغة أكثر من ثلاثة لاعبين بالقرب من منتصف الملعب وأخبره بـألا يعقد الأمور. بعد مرور سبعة شهور فقط على مباراته الأولى أصبح بيب لاعبا استثنائيا لا يمكن الاستغناء عنه في هذا الفريق الذي فاز مع كرويف بالدوري أربع مرات متتالية بين 1991 و1994 ووصل لنهائي كأس الأندية الأوروبية البطلة مرتين. خلال الموسم الثاني لجوارديولا مع الفريق الأول (1991-1992) تمكن الفريق من الوصول لنهائي كأس الأندية الأوروبية البطلة حيث واجه سامبدوريا في النهائي بملعب ويمبلي وكانت تعليمات كرويف قبل المباراة بسيطة اخرجوا واستمتعوا. لم يقل أكثر من هذه العبارة التي تمثل الفلسفة الكروية للنادي ولكنها في نفس الوقت بالنسبة للبعض وأمام مباراة بهذا الحجم والأهمية قد تشكل أحد أنماط الغباء، كما قال مدرب ما لا يجب ذكر إسمه، ولكن على أي حال احتفل برشلونة في النهاية بلقبه الأوروبي الأول بعد الهدف الذي حمل توقيع كومان. يقول جوارديولا حول ذكرياته بخصوص المباراة تلك الليلة في ويمبلي كانت لا تنسى، أفضل ذكرى في حياتي، لقد كانت حفلة واستمرت في بقية مبارايات الليجا، حيث توج الفريق بعدها بأيام بالدوري بشكل غير متوقع بعد خسارة الريال من تنيريفي في الجولة الأخيرة بالمسابقة ليذهب اللقب لبرشلونة. -- يستعرض FilGoal.com كتابا جديدا.. طريقة أخرى للفوز الذي يحكي حياة المدرب الإسباني بيب جوارديولا منذ طفولته وحتى رحيله عن برشلونة. هو واحد من انجح الكتب الرياضية في السوق الإسباني وترجم لعدة لغات، ويقدم الكثير من القصص والحكايات عن مسيرة جوارديولا ولاعب والصعوبات التي واجهها بجانب شرح الكثير من الجوانب الفنية والتكتيكية في مسيرته التي قادته ليصبح واحد من أبرز المدربين في الوقت الحالي، هذا بجانب حوارات مع المدرب نفسه وعدد من لاعبيه ومنافسيه. وألف الكتاب الصحفي الإسباني المخضرم جييم بالاجيه، صاحب الخبرة الكبيرة في المجال الرياضي بالعمل مع كل من (سكاي سبورتس) و(آس) و(تيليجراف) و(بليتشر ريبورت). اقرأ الحلقة الأولى.. (اضغط هنا) اقرأ الحلقة الثانية.. (اضغط هنا)

مشاركة :