جوارديولا وطرق أخرى للفوز – (11) كيف يفكر بيب

  • 1/22/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كان مكتب جوارديولا في كامب نو بمثابة مساحته الخاصة للتخطيط واستحضار الأفكار. لدى برشلونة مكتبا ضخما موجودا في المدينة الرياضية ومزودا بنوافذ كبيرة. لكن مكتب بيب كان صغيرا ولا تتخطى مساحته 20 مترا، دون أي نوافذ ويحتوي على مجموعة من الكتب وشاشة عرض من الحجم المتوسط سدد المدرب ثمنها بنفسه لتحليل مباريات فريقه وباقي الخصوم. يؤمن جوارديولا بأن كرة القدم بها سر واحد فقط إما أن أمتلك الكرة أو لا أمتلكها، وبرسا تاريخيا اختار الاستحواذ عليها ومحاولة استردادها فور خسارتها، حتى ولو كان مفهوم الاستحواذ ليس مفضلا بالنسبة للبعض. ما كان بيب يرغب في نقله حقا للاعبين هو أن ضرورة كون الفريق منظما ومتسقا عن طريق الكرة، لذا فإنه كان يتحدث للاعبيه عن التمركز والتوازن وخلخلة قوام الخصم وتدوير الكرة، حيث كان مقتنعا بأن تفهم وتطبيق هذه الأمور سيجعلهم الأفضل. يقول فيكتور فالديز حارس برشلونة الذي عايش تلك الفترة: جوارديولا كان يصر كثيرا على المفاهيم التكتيكية ونظام اللعب، فلسفته كانت واضحة: أولا استحوذ على الكرة وسيعاني المنافس ونحن نسيطر على الوضع. وتابع وثانيا يجب محاولة عدم فقدان الكرة في المناطق الحاسمة لأن هذا قد يولد خطورة، اذا ما انتزع الخصم الكرة منا، لا بد أن يكون نتيجة مجهوده وليس بسبب أخطاء ارتكبناها، أما المفهوم الثالث فهو الضغط على الخصم، كنا نفعل هذه الأمور مع ريكارد. وحكى لكن جواريولا أصر بصورة أكبر عليها وأضفى لمسته الخاصة، فأصبح لكل لاعب منطقته الخاصة التي يمارس فيها الضغط. يضيف فالديز أثناء الهجوم لا يجب أن يجد الخصم مركزا فارغا، إذا ما فقدنا الكرة، سيصعب على المنافس شن مرتدة علينا لو حافظنا على النظام والمراكز التي اتفقنا عليها. 5 ثوان وتعامل جوارديولا مع الشأن الدفاعي من زاوية مختلفة وهو الأمر الذي جعل لعب الفريق أكثر قوة وجاذبية: اذا ما فقدت الكرة فعليك استعادتها في أقل من خمس ثوان، إنه مبدأ بسيط وله جذور من حقبة الهولندي فان جال. يقول المبدأ إنه بعد فقدان الكرة يوجد هامش مدته خمس ثوان لاستعادتها، اذا لم يحدث هذا الأمر يبدأ انتشار الخصم لتنفيذ المرتدة. لذا يصر بيب على الضغط العالي واقناع الفريق بأنه عند فقدان الكرة يصبح الأمر خطرا ولكنه في نفس الوقت ضروريا. يشرح الصحفي والمدرب لويس لاينز رؤيته للموضوع بقوله خلال الموسم الأول طور جوارديولا مفاهيم مثل صناعة اللعب من الخلف باستخدام قلبي الدفاع كأول صانعين للعب. في الحقيقة كان بيب يعرف جيدا كيف يدير عنصري الزمان والمكان تكتيكيا بكل سهولة بشكل جعل الكثير من المراقبين يتولد لديهم انطباعا بأن ما يفعله الفريق كان سهلا، ولكن الحقيقة تقول إنه لا يوجد شيء أصعب من كرة القدم الحديثة. ثورة بيب يمكن القول بإن جوارديولا صنع ثورة في كرة القدم لأنه انطلاقا من فكرة كرويف حول الاستحواذ صنع أسلوبا. يجب أن تتفوق عدديا على خصمك منذ بداية اللعبة لتكون صاحب المبادرة، المبدأ سهل وهو وجود ثلاثة لاعبين بالقرب من الكرة اذا ما كان الخصم لديه اثنين. يكون لديك أربعة لو امتلك الخصم ثلاثة.. يكون لديك خمسة أمام أربعة وهكذا. ثنائي قلب الدفاع كان محميا بلاعب وسط منظم يساعد في بناء اللعب من الخلف وأيضا في حمايتهما عند تقدم الظهيرين، وهو الدور الذي تشاركه كيتا وسيرجي بوسكيتس حتى ظهر جليا أن الأخير كان ولد لهذا المركز. ينظر المشجع التقليدي لبرشلونة على أساس أنه رمز لكرة القدم الهجومية، وخلال فترة طويلة كان من أكثر الأفكار الخاطئة الشائعة أن برشلونة بيب كان يركز فقط على التسجيل على حساب الدفاع ولكن فلسفة جوارديولا الحقيقية في هذا الشأن ربما تدهش هؤلاء، لأن الخطوط الخلفية كان لها دور كبير في فلسفته. على سبيل المثال حينما كان برسا يفشل في التسجيل فإن أول شيء كان ينظر له جوارديولا هو كيف يدافع فريقه وهو أمر يتعارض تماما مع المنطق التقليدي. يقول الفرنسي اريك ابيدال حول هذا الأمر قبل وصولي للبرسا كانت تعليمات المدربين لي كمدافع تقتصر على استعاة الكرة، ولكن بعد انتقالي لبرشلونة تعلمت ما الذي يجب فعله بعد استعادة الكرة لأنني تعلمت كيفية تفسير الملعب. بعد عرض طريقة تفكير بيب يجب العودة للمباراة الرسمية الأولى له كمدرب للفريق الأول وما تلاها في فترة البداية الصعبة، حيث كانت المواجهة الرسمية الأولى أمام فيسلا كراكوف البولندي في الدور التمهيدي بدوري الأبطال حيث فاز بها برباعية نظيفة في المباراة الأولى وخسر في الثانية بهدف نظيف. في الليجا كانت المواجهة الأولى مع نومانسيا المتواضع الصاعد حديثا حيث خسر برسا بهدف نظيف من ذلك النادي الذي لم تكن ميزانيته السنوية تزيد عن 14 مليون و400 ألف يورو فقط، مقارنة بـ380 مليون يورو لبرشلونة في ذلك الحين. استياء كبيرا يقول إنييستا إن الفريق بعد تلك المباراة كان يشعر باستياء كبيرا بعد الخسارة ولكن بيب تولى إدارة الموقف بمهارة حيث أقنع اللاعبين بأنه لا يوجد حاجة لتغيير أي شيء في الأسلوب بل تجنب بعض الأخطاء التي ارتكبت. خلال الأيام التالية كان بيب دقيقا للغاية في التدريبات حيث عمل على تصحيح الأخطاء التي ارتكبت في اللعب التموضعي واستقبال التمريرات والضغط على الخصم وعشرات التفاصيل، ولكنه لم يعنف أحدا، كان بكل بساطة يسعى للتعرف على الأخطاء وإيجاد الحلول. كانت المباراة الأولى لبرسا في كامب نو بالليجا تحت قيادة بيب أمام راسينج سانتاندير، أي فريق متواضع آخر هدفه في ذلك الموسم هو تجنب الهبوط. أشرك جوارديولا بيدرو وبوسكيتس في التشكيل الاساسي، بما أن هنري كان مصابا فيما ترك يايا توريه على دكة البدلاء ولكن المباراة انتهت بالتعادل بهدف لمثله. كان الفريق تحسن في الحقيقة أمام راسينج عما كان عليه الأمر أمام نومانسيا، ولكن الصحافة وقطاع من الجماهير كان يشعر باستياء كبيرا حيث بدأت الشكوك والانتقادات ولكن بيب تعامل بهدوء مع الأمر وساعده في هذا أن أحدا من داخل النادي لم يدعو للاطاحة به مبكرا. اجتمع النادي مع كرويف لسؤاله عن رأيه، وكان رد الهولندي أن الفريق يسير على الطريق الصحيح. شكلت المباراة الثالثة أمام سبورتينج خيخون على ملعب مولينون الأسطوري الانطلاقة الحقيقية لبرسا بيب حيث تمكن الفريق من الفوز 6-1 في تلك المباراة التي لعبها الفريق بصبر وذكاء. إحصائيات ممتازة في اليوم التالي وخلال الحصة التدريبية سلم أحد مساعدي بيب نسخة من بعض إحصائيات المباراة التي أسعدته كثيرا. فبخلاف ميسي الذي سجل هدفين فإن كل المهاجمين كانوا تمكنوا من استعادة الاستحواذ على الكرة في وقت ما بالمباراة مما تسب في خنق سبورتنج خيخون. برسا سدد 22 كرة تسعة منها على المرمى وحصل على 14 ركنية، وكل هذا أمام خمس محاولات من صاحب الأرض. كان أكثر ما أسعد بيب حينها هو أداء الشاب بوسكيتس الصاعد حديثا حيث كان أفضل لاعب في المباراة، حيث استعاد الكرة 10 مرات. ومن أصل 50 تمريرة حققت 48 منها هدفها. والأهم أن المباراة شهدت مشاركة سبعة من أبناء أكاديمية النادي وهم (فالديز وبويول وشابي وإنييستا وبوسكيتس وميسي وبويان)، أي ما يزيد عن المباراة السابقة باثنين، فيما أن شابي كان تدخل في كل الجمل التي سبقت التسجيل. -- يستعرض FilGoal.com كتابا جديدا.. طريقة أخرى للفوز الذي يحكي حياة المدرب الإسباني بيب جوارديولا منذ طفولته وحتى رحيله عن برشلونة. هو واحد من انجح الكتب الرياضية في السوق الإسباني وترجم لعدة لغات، ويقدم الكثير من القصص والحكايات عن مسيرة جوارديولا ولاعب والصعوبات التي واجهها بجانب شرح الكثير من الجوانب الفنية والتكتيكية في مسيرته التي قادته ليصبح واحد من أبرز المدربين في الوقت الحالي، هذا بجانب حوارات مع المدرب نفسه وعدد من لاعبيه ومنافسيه. وألف الكتاب الصحفي الإسباني المخضرم جييم بالاجيه، صاحب الخبرة الكبيرة في المجال الرياضي بالعمل مع كل من (سكاي سبورتس) و(آس) و(تيليجراف) و(بليتشر ريبورت). اقرأ الحلقة الأولى.. (اضغط هنا) اقرأ الحلقة الثانية.. (اضغط هنا) اقرأ الحلقة الثالثة.. (اضغط هنا) الحلقة الرابعة.. (اضغط هنا) الحلقة الخامسة.. (اضغط هنا) الحلقة السادسة.. (اقرأ هنا) اقرأ الحلقة السابعة (اضغط هنا) اقرأ الحلقة الثامنة.. (أضغط هنا) اقرأ الحلقة التاسعة.. (اضغط هنا) اقرأ الحلقة العاشرة (اضغط هنا)

مشاركة :