جوارديولا وطرق أخرى للفوز - عودة بيب.. برشلونة تحت السيطرة

  • 1/17/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

حينما بدأ بيب إجازته الصيفية في 2007 بمدينة بيسكارا مع صديقه البطل الأوليمبي مانيل استيراتي، كان دون عمل. لكنه في الوقت نفسه حصل على رخصة التدريب وسافر للأرجنتين وتعلم الكثير والكثير من الأمور من اجتماعاته مع بييلسا ومينوتي. كان الثنائي بيب واستيراتي يسير على أحد شواطىء المدينة الإيطالية حينما دار هذا الحوار: - بيب: هل تعلم؟ تلقيت عرضا للعمل في برسا؟ - مانيل: هل تمازحني! برسا؟ - بيب: لا أمازحك، يرغبون في أن أتولى منصب المدير الرياضي لقطاع الناشئين. - مانيل: هذا أمر جيد. أنت تحب تنظيم الأشياء، أليس كذلك؟ وقلت لي سابقا أنك ترغب في العمل مع الأطفال. -بيب: هذا صحيح ولكن.. ما أرغب فيه هو التدريب، أرى نفسى مؤهلا للقيام بهذا الأمر، أرغب في تدريب الفريق الثاني. -مانيل: الفريق الثاني؟ ولكن ألم يهبط برسا (ب) للدرجة الثالثة مؤخرا؟ -بيب: هذا هو ما أرغب فيه. ذهبت كرة القدم بجوارديولا منذ أن بدأ بركلها في ذلك الميدان الصغير بقرية سانتبيدور لكل أنحاء العالم. كانت رحلة طويلة من التأهيل بدأت بدموع في لاماسيا مرورا بمواجهة الانتقادات والهزائم والأحلام التي لم تتحقق وأيضا لحظات لا تنسى، وصولا لدراسة عميقة ورحلات طويلة في الأرجنتين من أجل التعلم. ولكن بيب كان يدرك في تلك اللحظة تماما ما يرغب فيه، لم يكن يرى نفسه كمدير رياضي، بل كمدرب. لم يكن تشيكي بيجرستاين المدير الرياضي لبرشلونة في تلك الفترة يفكر بنفس الطريقة. كان بيرجستاين يرى جوارديولا كمنسق وشخص لديه القدرة على نقل نموذج تفكير وفلسفة برسا لقطاع الناشئين حيث كانت الوظيفة التي عرضها عليه تتعلق بتنظيم كل البرنامج التأهيلي الخاص بهم واختيار الخامات الجديدة ومراقبة أساليب التدريب والاشراف عليها. الحقيقة أن بيجرستيان كان يفكر في الرحيل عن النادي هذا الصيف، أي قبل عام من نهاية عقده ولكن حينما طرحت أمامه فكرة عودة جوارديولا كذراعه الأيمن وخليفته المستقبلي غير رأيه وأبدى استعداده للبقاء حتى نهاية عقده. لم يكن الأمر سهلا قبل وصول هذا العرض لجوارديولا حيث لا يمكن نسيان أن بيب وقف بجانب مرشح آخر أمام المجلس الحالي. هذا بخلاف أن كرويف كان يشعر ببعض الاستياء من جوارديولا لأنه لم يقف في وجه لويس فان جال حينما استغنى عن عدد من أبناء النادي مثل ألبرت سيلاديس وروجير جارسيا على الرغم من كونه القائد وتلميذه. طبيب الأسنان تحلى الجميع بالمرونة اللازمة ووصل العرض لجوارديولا بشكل غير رسمي ولكن الأخير نقل رغبته الحقيقية في تدريب البرسا (ب) لبيجرستاين عن طريق طبيب الأسنان ايفاريست مورترا، أحد أعضاء مجلس الادارة والذي يعد صديقا شخصيا لبيب. اجتمع بيب مع بيجرستاين في فندق (برينسيسا صوفيا) القريب من الكامب نو للحديث بخصوص الأمر حيث بدأ الطرفان الحديث الذي سار كالتالي: جنون - جوارديولا: شكرا على العرض ولكن أرغب في أن أكون مدربا. - بيجرستاين: أين؟ لا يوجد أي منصب فارغ لك في الفريق الأول، ولا حتى كمساعد لريكارد. - جوارديولا: أعطني برسا (ب) في الدرجة الثالثة. - بيجرستاين: ما الذي تقوله؟ هل أصبت بالجنون؟ هذا الفريق ليس له مستقبل.. الفوز بالليجا مع الفريق الأول أسهل من الصعود بـ برسا (ب) . - جوارديولا: أعطني برسا (ب) أعرف ما الذي يتوجب علي فعله معه. - بيجرستاين: ولكن المنصب الذي نعرضه عليك أفضل بكثير من أن تكون مدربا للفريق الثاني حتى على الصعيد المالي. أن تتولى مسؤولية الأكاديمية منصب له هيبة، أما برسا (ب) فهو في الدرجة الثالثة. -بيب: حسنا، امنحنى أي فريق في قطاع الناشئين، أنا مستعد حتى للعمل مع الأشبال ولكن كمدرب، ما أرغب فيه هو التدريب. -بيجرستاين: أنت مجنون بكل تأكيد، ستحرق مستقبلك اذا ما حاولت تغيير الأمور في برسا (ب)، وشيء أخر ما الذي ستفكر بها الجماهير اذا منحنا بيب جوارديولا، أيقونة النادي، فريقا في الدرجة الثالثة؟ هذا أمر ليس له معنى. بدأ بيب بعدها في شرح أفكاره لتغيير الأمور في الفريق الثاني لبرسا بالتفصيل وشكل حصص التدريب والنظام الذي يرغب في تطبيقه ثم أضاف أرغب في العمل مع هؤلاء الفتية، أعرف أنهم لا يطلبون شيئا وفي المقابل يقدمون كل شيء، سأجعل الفريق يصعد. اقتنع بيجرستاين في النهاية وعقب نهاية الاجتماع في الفندق بدأ يستمع لأراء أخرى بخصوص الموضوع مع مسؤولي النادي وأعضاء الأكاديمية الذين درسوا مع جوارديولا في نفس دورة إعداد المدربين وأيضا مدرسيه. أجمع الكل على أنه كان واحدا من ألمع الطلاب الذين عملوا معهم، لهذا لم يتأخر كثيرا في الموافقة على هذه المغامرة. أنا لا شيء لم أتلق أي عرض من أي فريق، لم يتصل بي أي أحد سوى برشلونة، ولهذا السبب أنا ممتن جدا للنادي، لأن تدريب برشلونة (ب) يعد فخرا بالنسبة لي.. كانت هذه هي الكلمات الأولى التي قالها جوارديولا للصحفيين في حفل تقديمه بمنصبه الجديد. ذلك الموسم بمثابة أول اختبار حقيقي لمهارات جوارديولا كمدرب. لم يحضر يوان كرويف حفل تقديم جوارديولا في ذلك المنصب، ولكن هذا لم يكن يعني عدم موافقته على تعيينه، بل كان هذا أحد أساليبه لمعاتبة بيب على ما فعله بالوقوف في الانتخابات مع مرشح أخر غير خوان لابورتا الذي كان يسانده الأسطورة الهولندي. كان بيب يدرك حجم المخاطرة الذي أقدم عليها ولكنه قال خلال المؤتمر: كمدرب أنا لا شيء. وتابع لهذا أتعامل مع هذه الفرصة بحماس، أعتقد أنني مستعد للمساعدة في كل ما هو ضروري، أعرف النادي جيدا، وأنا على استعداد لتعزيز فكرة كرة القدم التي يقدمها برسا عن طريق هؤلاء اللاعبين. بعدها بأيام قليلة التقى بيب بلاعبي الفريق الثاني لأول مرة واختار مجموعة من الأفكار التي كانت تمثل فلفسته الكروية حيث قال لهم: يمكنني تحمل أن تلعبوا سيئا مرة وأخرى، ولكن يجب أن تقدموا كل ما لديكم في كل مباراة، يجب أن يكون هناك تنافس. وتابع جوارديولا حديثه مع اللاعبين الشباب قائلا هدفنا هو الصعود ولكي نفعل هذا الأمر يجب أن نفوز ولن نتمكن من تحقيق هذا الأمر دون بذل كل ما لديكم من جهد. فلسفة بيب شدد بيب على أن المهاجمين يجب أن يصبحوا أفضل مدافعين، فيما أن المدافعين يجب أن يكونوا خط الهجوم الأول، بالانطلاق من الخلف في ظل السيطرة على كل مجريات المباراة. وكانت أهم نقطة شدد عليها بيب في خطابه أن أسلوب اللعب لا يمكن النقاش بخصوصه، الجميع يعرف ما هي فلسفة برشلونة وأنا لست فقط مؤمنا بها بل أشعر بها. وأضاف أتمنى أن أكون قادرا على نقلها لكم جميعا، علينا أن نتحلى بالطموح لكي نصعد، لا توجد طريقة أخرى غير هذا، يجب أن نسيطر على اللعب ونقرر ما الذي يحدث داخل الملعب. أحاط جوارديولا نفسه بفريق من المساعدين الذي كان يعرف أن بإمكانه الثقة بهم، وهم مجموعة من الأشخاص الذين تعرف عليهم منذ أيام لاماسيا: تيتو فيلانوفا كذراعه الأيمن وايميلي ريكارت كاخصائي علاج طبيعي وأوريلي التاميرا كمعد بدني. عمل جوارديولا سريعا على إدخال مجموعة من العادات وتطبيق أنظمة وأساليب اكتسبها من تجربته الطويلة مع المدربين. يقول الصحفي دافيد ترويبا المقرب للغاية من بيب والذي كان يتابع بداياته كمدرب: كان يولي اهتماما كبيرا للتفاصيل، بداية من التحكم في النظام الغذائي للاعبين مرورا بأوقات الراحة والتعافي حتى تحليل الفرق المنافسة بتسجيل مباراياتها واللجوء لمساعديه وباقي الجهاز الفني لمناقشة التقارير بخصوص مباراياتها. وتابع كل هذا وهو يدرب في الدرجة الثالثة، بل وأنه اذا ما كان يشعر بعدم حصوله على المعلومات الكافية حول فريق بعينه، فإنه كان يذهب بنفسه لمشاهدة إحدى مباراياته. أصبح بيب متطلبا للغاية مع نفسه كما هو الحال مع لاعبيه وباقي الجهاز الفني عن طريق العمل بصورة يومية، ولكنه في الوقت نفسه كان يصر على شرح أسباب قراراته، بخلاف كونه أول الواصلين لملعب التدريب وأخر الراحلين عنه. كان أي شيء يتعلق بالفريق باختصار تحت سيطرته، حيث كان يطالب بتقرير يومية حول تطور حالة الفريق بأكمله، فلم يكن يترك أي تفاصيل حتى ولو بدت تافهة تهرب من تحت يديه. مدرب قوي اتخذ بيب بعض القرارات الجريئة مثل ترك مارك فالينتي أحد قادة الفريق في المدرجات خارج القائمة فقط لأنه خرج من صالة الألعاب الرياضية مبكرا بخمس دقائق فقط عن الموعد المقرر حيث برر قراره بقوله: بكل بساطة اذا لم ترفع الأوزان كما قلت، لن توجد مشاركة. كان بعض لاعبي برسا (ب) ينضمون من حين لآخر للفريق الأول تحت قيادة ريكارد سواء في التدريبات أو في قوائم بعض المبارايات، وهذا هو ما شجع جوارديولا على العمل بجدية أكثر. كان يقول للاعبيه بفخر: هذا ليس دوري الدرجة الثالثة، هذا هو الفريق الثاني للبرسا، وهذا الفريق لا يلعب فيه أي شخص. كان تشيكي بيجرستاين شاهدا على تطور برسا (ب) تحت قيادة بيب على مدار الموسم، حيث تابع مبارايات الفريق الثاني في مينيستادي تحت قيادة بيب أكثر من متابعته للفريق في السنوات الأربع السابقة، إذ أصبح مؤمنا بجوارديولا وبأن ما يقدمه من مكونات كروية يمكن استخدامه بسهولة في الفريق الأول. من ضمن تلك الأشياء يظهر التنويع في خطة اللعب بين 4-3-3 و3-4-3 ، وهو الأمر الذي لم يكن يحدث منذ أيام الـ(دريم تيم) وبعض المرات القليلة مع فان جال. الفريق الثاني كان يلعب تحت قيادة بيب بمهاجم وهمي أحيانا. في تلك المرحلة جوارديولا في بعض الأحيان لعب بسرجيو بوسكيتس كرأس حرب صريحة خلف أربع صانعي ألعاب، على الرغم من كونه في الأساس لاعب وسط مدافع. -- يستعرض FilGoal.com كتابا جديدا.. طريقة أخرى للفوز الذي يحكي حياة المدرب الإسباني بيب جوارديولا منذ طفولته وحتى رحيله عن برشلونة. هو واحد من انجح الكتب الرياضية في السوق الإسباني وترجم لعدة لغات، ويقدم الكثير من القصص والحكايات عن مسيرة جوارديولا ولاعب والصعوبات التي واجهها بجانب شرح الكثير من الجوانب الفنية والتكتيكية في مسيرته التي قادته ليصبح واحد من أبرز المدربين في الوقت الحالي، هذا بجانب حوارات مع المدرب نفسه وعدد من لاعبيه ومنافسيه. وألف الكتاب الصحفي الإسباني المخضرم جييم بالاجيه، صاحب الخبرة الكبيرة في المجال الرياضي بالعمل مع كل من (سكاي سبورتس) و(آس) و(تيليجراف) و(بليتشر ريبورت). اقرأ الحلقة الأولى.. (اضغط هنا) اقرأ الحلقة الثانية.. (اضغط هنا) اقرأ الحلقة الثالثة.. (اضغط هنا) الحلقة الرابعة.. (اضغط هنا) الحلقة الخامسة.. (اضغط هنا) الحلقة السادسة.. (اقرأ هنا) اقرأ الحلقة السابعة (اضغط هنا)

مشاركة :