بذرة العنف التي لا تموت - شريفة الشملان

  • 7/10/2013
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

العنف لا يريد أن يموت، بذرته تتغلغل، وجدت من يسقيها فقامت وتشعبت. العنف الذي يتشبث بالفروق لا بالوشائج. قد تتنازع الدول على حد أو أرض وربما منبع ماء وتحارب بعضها ، لكنها بعد الحرب تجمع ذاتها وتفكر كثيرا وينتهي الأمر إما للتحكيم أو استرجاع بالقوة. وربما الصلح، أو بقاء الحال على ما هي عليه. الحروب الدينية هي أقسى أنواع الحروب لأن حطبها البشر وهي نار لا تخبو. وهي التي تأكل المجتمعات كأكلها بالهشيم. قد تبدأ الحروب لأجل هدف معين بذاته كالحركة والاستقلال. او ضد الدكتاتورية. ولكنها إن لم تكن سريعة وخاطفة وحاسمة تتحول لحرب طويلة تستنزف الكثير.. فيستعمل الدين لتجيش الشعور العاطفي نحو المثل العليا والثوابت لدى الشعب. من يقرأ كتب لمحات من تاريخ العراق للدكتور علي الوردي سيجد عنفا مهولا استعمله طرفان متحاربان والأرض العربية كانت ميدانه (العراق ) واحد تحت لواء العثمانيين. والآخر تحت لواء الصفويين . سارت هذه الحروب بعنف لا مثيل له دمرت وقتلت وتفاخرت كل منها بجبال الجماجم. لعلها اختفت او هدأت ولكن نارها كانت دوما تحت الرماد ما ان يتناساها جيل الا وتجد من يعيد النفخ عليها كي تتجدد. الكفاح من أجل الأشياء الجميلة كالحرية والسعادة والمساواة. سرعان ما تخطف لواءها البهي، أصوات همجية تسير بها عبر الدروب المظلمة. ومن هذه الدروب يتولد العنف بكل أشكاله. فيطال كل الحياة فيما حولنا. فرؤوس أطفال يطلب قطعها وقلوب جنود تؤكل نية.. يتخذ الدين غطاءً وحاشا الدين من ذلك دين يقول رسول الله الكريم الأمين :(إن الله عز وجل لا تحصى نعماؤه ولا يبلغ جزاء الأعمال، فله الحمد، قد جمع الله كلمتكم وأصلح .. أوصيكم بتقوى الله عز وجل، ولا تهدموا بيتًا ولا بيعة، ولا تقطعوا شجرًا مثمرًا، ولا... تَغلُل ولا تمثل ولا تغدر ولا تجبن و لا تقتلوا ولداً ولا شيخاً ولا امرأة ولا طفلاً، ولا ... على قوم في الصوامع رهباناً يزعمون أنهم تقربوا في الله، فدعوهم ولا تهدموا صوامعهم.) العنف السياسي والحروب ولدت عنفا آخر وسهلت طرق الموت وجهزته . تخرج علينا الصحف بحالات قد نظنها فردية اب قتل ابنته وابن أجهز على والده. ومظاهرة كسرت بعنف الممتلكات الخاصة والعامة. وغير تلك من حالات الانتحار التي تتوالد يوما بعد يوم. كل ذلك مرجعه لجذور العنف الذي لم تصقله الحضارة الحديثة بل ربما بما تملك تلك الحضارة من مستجدات علمية سخرتها لبناء الأسلحة وتطويرها. ومن ثم بيعها ليتقاتل الناس بعيدا عنها وتجلب المال لخزانتها. وأإن اصابها بعض رشاش ما فعلت كالقتل بالمدارس وعمليات السطو المسلح . ذاك العنف تلتقطه المسلسلات وتعيد انتاجه مرات ومرات ليكون محاصرا للصغار والكبار، وكأنما هي حرب نفسية تغلفنا من جميع الجهات.. نشرات الأخبار وأخبار الصحف، وما يذاع عبر مواقع التواصل الإجتماعي.. فحتى في لحظات الصفو مع فنجان قهوة تظهر لنا المسلسلات لتعيد إنتاجه مع حكاية جديدة وعنف جديد. رمضان يحل علينا لا يختلف عن رمضانات سبقته، تعكر حلاوة التمر مر الحدث وإحمرار الأرض بالدم، بدلا من اخضرارها ، وبدلا من زهر يتلقح فيعقد الثمر.. ولا ينشر القمح سنابله الذهبية ليطلب يدا للحصاد وماكنات تدار لطحنه، تدار أجهزة لتطحن أعصابنا قبل أجسادنا.. حقا وصلنا لمرحلة الكلمة تبدو غير معبرة عما يحاصرنا ليل نهار.. ولا ندري أي صورة أو صوت نحجبه عن صغارنا، بتنا نخاف عليهم من القادم.. رمضان وصوت التراويح وتلاوة القرآن، رمضان يعود لكن سعادتنا لم تكن كما كانت، ولا حلوى القرقيعان تفرح الأنفس الصغيرة، تفرح بعض الوقت لكن طاحونة العنف تأخذهم إلى حيث لا نعلم ولا ندري . ننتظر مستقبلا نتمنى أن يكون جميلا، وسعيدا ومنتجا.. نسمع به تغريد البلابل، ودفقات المطر، وهي تغسل تلك الآلام وتزيل لون الدماء لتتفتح الأرض عن جمال الزهر وألوانه من بنفسج ووردي وأصفر، وما بين قداح البرتقال، وعقد عناقيد لؤلؤ النخيل.. ويعود رمضان على الجميع بسلام وأمن وكرامة للجميع.. وعدل لا يكدره ظلم..

مشاركة :