في كثير من الأحيان لا نعرف قيمة الإنسان الشاعر والكاتب والباذل إلا عندما يفارقنا ويكون مع الله وتحت رحمته وعفوه. أهلنا في نجد لهم مقولة (الله لا يبين غلاك) للابن أو البنت أو الصديق، فكم نتألم عندما نفقد صديقاً أو قريباً، عندما كتبت الجوهرة الوابلي في قروب مشترك عن وفاة أخيها عبدالرحمن، للوهلة الأولى لم أتبين أنه د. عبدالرحمن الوابلي، ولكني شعرت بحرقة كبيرة فجرحي لازال حارقاً من فراق أخي فليس سهلاً أن يخلو مكان الأخ. بعد فترة وجيزة استرجعت في ذاكرتي الاسم، نعم هو ذاك الرجل المتكلم بهدوء والباحث بصمت، هو ذاك الذي شارك في نصوص جميلة عبر مسلسل سيلفي، وما سيلفي إلا صورة تقترب من الواقع. المفاجأة الجميلة والمرة بالوقت ذاته أن الكل يعرفه والكل يثني عليه والكل يتألم لفقده، ولكن كيف لم يكن تحت الأضواء إلا بعد وفاته، كلنا كنا نعرف هذا الرجل اللطيف والمتحدث والذي يتميز بمعلومات وفكر متدفق. سبب ذلك أن الرجل منطقي ومستقل وحيادي بأفكاره لا يرمي تهماً ولا يسفّه أحداً، وبالتالي كان حراً بقلمه وفكره، وكان كاتباً ذا رؤى متدفقة. رغم تخصصه بالتاريخ إلا أن التاريخ لم يكن قيده كما قيّد الكثيرين لكنه كان عالم التجربة نحو المستقبل. كتاباته عندما نعيد قراءتها نجد أنها تتطلع للمستقبل وبها روح شفافة. مع متعة نجدها في ثناياها كما وجدناها مع بعض حلقات طاش ما طاش التي كتبها. لاشك أنني انحزت كثيراً لمقالته (أنا أخو الجوهرة) والجوهرة أخته حملت على عاتقها النهوض بالمرأة في بريدة وعملت كثيراً، التقيتها لمرة واحدة في لقاء نسائي بجدة كان برعاية جمعية الفيصلية ربما قبل 30 عاماً أو أكثر قبل أن تمسكنا الصحوة فتنيم أجمل ما فينا، حدثتنا بشؤون وشجون المرأة في السعودية وفي القصيم تحديداً وعن جمعية بكر تخطو أول خطواتها. عندما كتب غفر الله له كانت آن ذاك مرشحة للمجلس البلدي ببريدة وللأسف لم تفز. (الأنثى البطلة حتى ولو كانت مغيبة عن ساحات الميادين إلا أن روحها حاضرة مع الرجال الأبطال، تنافس وتصارع معهم، والذين لا يسطرون البطولات دون استحضار روحها معهم، كسلاح معنوي، أمضى وأكثر خطورة من أسلحة المنافسة الميدانية). هو يشبه كل النساء والرجال الغيورين على هذا الوطن ووحدة ونقاء عروبته. من خلّف ما مات، هكذا تقول كل الأحداث، فالاسم يبقى متداولاً، فما بالنا بالكلمة واللقاء والأحداث التي يسطرها فكر الرجال فتبقى بيننا، فلم تعد الكلمة تطير في الهواء صار هناك سجل لها يبقى ويتدارس وحكايات لتروى. الكتابات لا تموت، فحتى الآن نتدارس ونحكي الكثير عمن كانوا على هذه الأرض منذ آلاف السنين وكتاباتهم على ألواح طين أو ورق البردى. أو كتب قدمت وتجددت. رحم الله عبدالرحمن الوابلي وأجزل له الرحمة والمغفرة، وصبّر أهله ومحبي قلمه وفكره على فراقة. shalshamlan@hotmail.com
مشاركة :