مارلين سلوم يمكنك أن تسميه خيالاً، لكنه الخيال اللذيذ الذي تحب أن تشاهده من أجل المتعة البصرية أولاً، وحب المغامرات المشوقة ثانياً، والتحليق في عالم الفضاء والابتكار مع عائلتك دون أن تخشى الآثار الجانبية والمؤذية في الصغار ثالثاً. إنه حرب النجوم الذي لم يعد مجرد فيلم نذهب إلى الصالات لمشاهدته، بقدر ما هو سلسلة من الإبداع السينمائي نحرص على متابعتها وننتظرها مهما تأخرت في الوصول، ونتوارث متعة مشاهدتها منذ عام 1977، وحتى ولادة الجيل الجديد من أبنائنا وأبناء أبطال حرب المجرّات الآتي على متن Star Wars: The Force Awakens. في عالم الفن السابع مجموعة من وسائل الإبهار القادرة على التأثير في المشاهدين، إن امتلك الموهوبون من صناع هذه المهنة مفاتيحها، وصلوا إلى القمة وتربعوا فيها لسنوات طوال، ودخلوا التاريخ ليسجلوا أسماءهم وأعمالهم في سجلاته التي لا تمحوها الأيام ولا تؤثر فيها تطورات وابتكارات تتوالى. ومن المؤكد أن المخرج جورج لوكاس هو أحد هؤلاء الذين وصلوا إلى قلوب وعقول الملايين من الجماهير حول العالم، بفضل أعماله المميزة، وهو أول من ابتكر سلسلة حرب النجوم عام 1977، وقدم منها ستة أجزاء تفوق في بعضها بينما جاء بعضها الآخر أقل من المتوقع. لوكاس، كما هو معروف، ليس الأب للجزء السابع والأخير من حرب النجوم، حيث قامت شركة ديزني بشراء حقوق السلسلة عام 2012 من صاحبها جورج لوكاس مقابل 4 مليارات دولار، وبالتالي لم يعد له الحق في التصرف بها ولم يعد مالكها وقائد معاركها، لكنه ما زال مستشاراً لفريق العمل. ويبقى اسم لوكاس عالقاً في ذاكرتنا، خصوصاً أن ديزني أوكلت مهمة قيادة الحرب الجديدة إلى المبدع جي جي أبرامز إخراجاً وكتابة (وشاركه في الكتابة لورنس كاسدان)، الذي بقي وفياً للأجزاء السابقة، ومشى على نفس النهج، وأعاد ثلاثة من النجوم المؤسسين للسلسلة، هاريسون فورد بنفس دوره دور هان سولو المغامر الشجاع والمرح، ومعه صديقه تشوباكا الشمبانزي الذي يفكر ويتصرف مثل البشر، ومارك هاميل بدور لوك سكاي وولكر والذي بنيت عليه سابقاً كل أحلام وآمال فرسان الجيداي وهو حامل قوة الخير والمنتظر عودته كي تعود القوة للسيطرة على الشر، وتواصل المقاومة رحلتها في وجه الإمبراطورية. وكان لا بد من وجود العنصر الثالث الفاعل والمهم في حرب النجوم، شقيقة لوك وحبيبة وزوجة هان سولو، الأميرة ليا أو كما رأيناها في الجزء السابع الجنرال ليا أوريغانا والتي تؤدي دورها النجمة كاري فيشر. لافتة عودة الأبطال الأساسيين للسلسلة، وقد تقدم بهم العمر، لكنهم ما زالوا نجوماً متألقين، وما زال الجمهور يحبهم ويستمتع بمشاهدتهم على الشاشة، وهم يسلمون راية حرب المجرّات والحركة والتشويق فيها إلى الأجيال الشابة، فيدعمون ويسندون، ويعطون التعليمات والصغار ينفذون ويقودون حربهم الجديدة على طريقتهم. ومهم أن تنطلق القصة هذه المرة من عند أحد الكبار، لوك سكاي ووكر وتنطلق الأحداث منذ البداية في رحلة البحث عن لوك الذي هجر الكواكب ولا أحد يعلم مكانه، لإصابته بنوع من اليأس والحزن بعد اكتشافه أن ما بناه تحول إلى خراب، والشر يسود وينتشر. لذا تجد الأبطال الحقيقيين لهذا الجزء هم الشرير كايلو رين يجسده آدم درايفر المرشّح الأكيد لوراثة دارث فيدر)، وراي تقوم بدورها البريطانية دايزي ريدلي والتي أثبتت تفوقها وقدرتها على أداء دور بطولة بجدارة وتحمل مسؤولية فيلم بهذا الثقل والحجم، وفين (جون بوييغا). هذان الأخيران يمثلان الجانبين الآخرين من معادلة حرب النجوم الأثيرة. البطلة التي تمتلك قوى الجيداي بداخلها (أي القوّة) والبشري العادي الذي لا يمتلك إلا شخصيته وشجاعته الكبيرة. بماذا يتميز حرب النجوم عن غيره من أفلام الإثارة والتشويق والخيال العلمي؟ من المؤكد أن السلسلة عرفت كيف تقدم المعادلة السهلة والتي نراها في كل الأفلام المبنية على التشويق، وهي فكرة الصراع بين القوي والضعيف والخير والشر وغالباً ما تكون مجسدة باللونين الأبيض والأسود. لكن حرب النجوم أضاف لمسة خاصة بجمعه بين كل الكائنات الحقيقية والخيالية، والقوة والعنف دون مشاهد دموية مؤذية ورعب مجاني لا مبرر له. وترى في كل جزء الإنسان يتفاهم مع المخلوقات الغريبة العجيبة الجامعة بين الحيوانات في الشكل والبشر في التفكير والتصرفات: ضفادع وشامبانزي وسحلية.. كما يتحاور مع الروبوت ويمشي معه، والروبوت هنا ليس آلة تنفذ الأوامر بقدر ما هي جزء فاعل تتحرك بذكاء ولها مشاعر ووفية لأصحابها، ولاسيما الروبوت بي بي 8 الذي أضفى على هذا الجزء الجديد روحاً طريفة، ولا يمكن للمشاهد إلا أن يحبه ويخاف عليه، ويشعر به وكأنه طفل صغير ذكي يحتاج إلى رعاية وحماية. كما تطل وسط حرب الكواكب لمسة كوميدية تجبرك على الضحك والاسترخاء وأنت في عز المعركة التي تقودها مع الأبطال وكأنك واحد منهم. ومن مميزات الجزء السابع صحوة القوة، أنه يعطي الأكشن حقه دون أن يغفل جانب القصة المشوقة التي تشدك لمعرفة مسار الأحداث ومصير الأبطال. تنتقل معها من حيث انتهت القصة لترى وبعد مرور 30 عاماً، المقاتلة راي على كوكب جاكو، تعيش بين المخلوقات العجيبة وتعمل وتقتات من أجل أن تحقق هدفها الوحيد، العودة إلى أهلها الذين خُطفت منهم وهي صغيرة، وهم من المقاومة الأخيار. وفي النهاية تكتشف أن اسم الجزء مرتبط بهذه الفتاة، فهي التي ستعيد القوة إلى المقاومة، وبإصرارها وذكائها غير العادي، تعيد الحياة إلى المركبة الراكضة والتي كان يقودها هان سولو، لتنطلق في حرب جديدة ضد الإمبراطورية. علماً بأن القوة هي واحدة، ولكن من يستعملونها للخير هم فرسان الجيداي، بينما يستغلها للشر الفريق الآخر السيث. تغوص معها في معركة البقاء بين الإمبراطورية التي يقودها الإمبراطور الشرير دارث فيدر ومعاونه صاحب القناع الأسود كايلو رين، والذي سيكون وارث فيدر، وهو في نفس الوقت ابن ليا وهان سولو المخطوف في طفولته، والذي تربى على يدي فيدر ليكون قائد السيث. ويتمكن رين من محو كل ذرة خير في قلبه ونفسه، ليثبت لمعلّمه أنه شرير بجدارة، ويستحق أن ينال ثقته. لذا يبحث رين عن لوك سكاي ووكر للقضاء عليه فيقضي معه على آخر مستعملي القوة لتسود إمبراطورية الشر، لكن ظهور الفتاة الغريبة راي على كوكب جاكو، دون علمها بأنها تملك نفس قوة لوك، يقلب المعايير من جديد. وتتمكن راي من الوصول إلى حيث عزلة لوك، ليختم حرب النجوم: صحوة القوة أحداثه على أمل جديد لحكاية تستمر ولا تنتهي. بورصة البلايين ما زالت هوليوود وعالم الصحافة وعشاق السينما يراقبون بورصة حرب النجوم ويراهنون على قدرته على كسر الأرقام القياسية التي حققتها أشهر أفلام الأكشن والخيال العلمي عالمياً، بل هناك من يقارن بين الأجزاء السبعة من نفس السلسلة لمعرفة أيها الأكثر جذباً للجمهور على شباك التذاكر. ووفق صحيفة هوليوود ريبورتر، فإن الجزء السابع صحوة القوة استطاع أن يتجاوز بإيراداته وهو مازال في الصالات، حدود 1.39 بليون دولار، بينما الجزء الأول عام 1977 والذي أحدث وقتها ضجة كبيرة، حقق بمجمله 775.4 مليون دولار. في حين استطاع حرب النجوم: أمل جديد من الوصول إلى 2.825 بليون دولار كرقم إجمالي بعد انتهاء عرضه. فهل يتمكن صحوة القوة من كسر الرقم، وهو الذي استطاع إلى الآن التفوق على ما حققه أفاتار خصوصاً في بداية انطلاقته؟ سحر الصحراء جميل وأنت جالس تستمتع بمشاهدة حرب النجوم هذا الإحساس الذي تعيشه حين ترى الصحراء، وأنت تعلم أن المشاهد هذه تم تصويرها في أبو ظبي، وترى في كوكب جاكو سحر الصحراء الرائع، وجمال الصورة.. والأجمل أن تشعر أنت المقيم في الإمارات وكأن الفيلم ينتمي إليك وأنت موجود فيه بشكل من الأشكال، لمجرد أنه اتخذ من هذه الأرض قطعة من مسرح أعماله، واستطاعت أن تلفت صناع الفيلم العالمي الضخم إلى ربوعها، فيجدون فيها كل ما يتوفر لهم ويسهل مهامهم. ظاهرة يعرفها الكبار والصغار لا تستغرب أن يتحول الفيلم إلى ظاهرة يعيش أحداثها ويتحدث عنها الكبار والصغار، وما زال الإقبال على الفيلم شديداً، وقد سبق أن تحول العمل إلى ملهم للكتّاب وصدر في كتب مصورة وفيديو وألعاب كمبيوتر، فضلاً عن السوق التجاري الضخم الذي يستغل حب الجمهور للشخصيات فتنتشر كإكسسوارات وألعاب وزينة وملابس، وتروج لها كبرى المحال عالمياً، لا سيما أن هذا النهج تبرع فيه ديزني التي تحول شخصياتها سريعاً من قلب الشاشة إلى مجسمات وأشكال في متناول الأطفال وتملأ بها الأسواق.
مشاركة :