تحل علينا خلال هذه الأيام، ذكرى عزيزة على قلب كل مواطن سعودي، أو مقيم عاش بين أبناء هذا البلد المعطاء. إنها ذكرى اليوم الوطني، ذكرى اليوم الذي توحدت فيه أجزاء هذا الوطن، وتماسكت أطرافه المترامية بوحدة الدين والمليك، وتعاضد شعبه، ليمضوا مع القائد الموحد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- ويصنعوا من المستحيل تاريخًا فارقًا لدولة عظيمة. ومازالوا كذلك، حتى ارتقت هذه البلاد مطالع الحضارات، ورفرف علمها عاليًا في مصاف الدول المتقدمة، وقدمت للآخرين دروسًا تنموية هائلة. وها هي المملكة اليوم، تحكي قصتها، معتزة بإرثها الثقافي الهائل، وقصة مجدها التي كتبها الملك عبدالعزيز، حين شق الصفوف، وجاء ليكتب ملحمته التاريخية التي ظلت نبراسًا للأبطال، وقصة ملهمة يتناقلها الأجيال، جيلًا بعد جيل، وأنفسهم تنتشي بالعزة والفخر. لقد اعتادت الشعوب أن تحفظ في ذاكرتها المناسبات التي تواكب هويتها ووحدتها. وذاكرتنا كسعوديين، تحفظ الثالث والعشرين من سبتمبر كذكرى نستعيد منها ذكرى أمجاد الأجداد، ونستلهم من هذه الذكرى قوة وطاقة نضيء بها مستقبلنا. فتوحيد هذه البلاد انفلقت بعدها مسيرة رائدة من التنمية والإنجازات الشاملة بدأها المؤسس -طيب الله ثراه- واستكملها من بعده أبناؤه البررة وصولا إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله ورعاهما- ففي هذا العهد الميمون استمرت مسيرة الخير بمشاركة أبناء الوطن التي تمثل نموذجا للتلاحم بين القيادة والشعب. إن ما يزيد من فرحتنا وبهجتنا بذكرى اليوم الوطني هذا العام، هو ما تشهده بلادنا العزيزة من توجهات استراتيجية أسهمت في التحول نحو الاقتصاد المتنوع الدخل المُحقق للاستدامة المالية التي تُمكِن حكومتنا الرشيدة من وضع الخطط المتوسطة والطويلة الأجل ومواجهة كافة التحديات والأزمات، والاستثمار الأمثل لرأس المال البشري والكفاءات الوطنية، التي تمثل رأس المال الحقيقي، فضلًا عن بقية المقومات والإمكانات السياسية، والدينية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية. وها نحن نشهد في إطار رؤية السعودية 2030 وبرامجها التنفيذية قفزات حضارية واقتصادية كبيرة في المجالات كافة، حيث يعمل الجميع بجد واجتهاد وجهود متضافرة لتحقيق الأهداف التنموية المرسومة. وفي مجال القطاع غير الربحي، فقد تأسس المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي في سياق هذه الرؤية الطموحة، التي أدركت منذ البداية أهمية العمل التنموي في بناء الحضارات، وصناعة النهضة الشاملة والتحول فكريًا واقتصاديًا واجتماعيًا ورياضيًا وصحيًا وتعليميًا وثقافيًا، بما يسهم في تعزيز مكانة المملكة على المستويات الإقليمية والعالمية، ويتلاءم مع مركزها المحوري الهام في صناعة القرارات الدولية والتأثير عليها، وبما يتواكب مع تلك المكانة. في ذلك الإطار تأسس المركز، بهدف تنظيم دور منظمات القطاع غير الربحي وتفعيله وتوسيعه في المجالات التنموية، والعمل على تكامل الجهود الحكومية في تقديم خدمات الترخيص لتلك المنظمات، والإشراف المالي والإداري والفني على القطاع، وزيادة التنسيق والدعم. وها نحن بفضل الله، ثم بدعم وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين نمضي في تحقيق الغايات الطموحة التي أنشئ المركز من أجلها، إذ يحظى القطاع غير الربحي بأكمله، باهتمام الدولة وعنايتها، آملين أن نكون جزءًا من قصة حضارتنا، التي أسست مجده وعزه ومكانته. ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أعبر عن مدى فخري بما وصلت إليه بلادنا على وجه العموم من تقدم حضاري، واعتزازي على وجه الخصوص بما يحققه القطاع غير الربحي من إسهامات في التنمية، فسعادتي غامرة وأنا أرى هذه المنظومة من كيانات غير ربحية تصطف إلى بعضها البعض وتشارك مع القطاعين العام والخاص في دعم تحقيق مستهدفات الرؤية الطموحة، كما أعبر عن امتناني لزملائي وزميلاتي العاملين في المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، و في كل الكيانات والمنشآت والأعمال غير الربحية على ما يقدمونه من جهد في سبيل رفعة هذا الوطن العظيم وعلو شأنه. أحمد بن علي السويلم الرئيس التنفيذي المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي
مشاركة :