أكد المدير العام للهيئة العامة لـ«مستشفى الباسل» في طرطوس الدكتور إسكندر عمار، في تصريح أورده الإعلام الرسمي السوري، أنه تم السماح بخروج جميع الناجين من غرق مركب الهجرة اللبناني من المستشفى «بعد تحسن حالتهم الصحية». وجاء كلامه في ظل أنباء عن قيام الأجهزة الأمنية السورية باعتقال عدد من الناجين الفلسطينيين والسوريين من حادثة غرق المركب في مدينة طرطوس الساحلية السورية، وفق ما ذكرت «مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا» التي تقدّم نفسها بوصفها «منظمة حقوقية إعلامية متخصصة برصد أحوال اللاجئين الفلسطينيين في سوريا» ومقرها بريطانيا. وأشارت «مجموعة العمل» إلى أن اعتقال هؤلاء تم بحجة أنهم «مطلوبون أمنيون وللخدمة الإلزامية». وتقول مصادر طبية في «مستشفى الباسل» إن عدد الناجين الذين تلقوا العلاج في المستشفى في مدينة طرطوس بلغ نحو 27 شخصاً. وكانت «مجموعة الإنقاذ الموحد» المتخصصة بمتابعة أنباء المهاجرين الذين يلجأون إلى دول الاتحاد الأوروبي، قد حذرت من احتمال اعتقال الناجين من غرق القارب اللبناني أمام السواحل السورية، بهدف التحقيق معهم، سيما وأن أغلبهم من أبناء محافظة إدلب الخاضعة لسيطرة المعارضة بشمال غربي سوريا. وقالت المجموعة، في منشور لها على حسابها الرسمي في «فيسبوك»: «لا تجعلوا الناجي من غرق قارب لبنان يلعن ساعة النجاة». ولفتت إلى وجود مخاوف لدى الأهالي من «أن يتم نقل الناجين إلى الأفرع الأمنية في سوريا للتحقيق معهم، إذ من الممكن أن يكون بعض الشباب مطلوبين للخدمة الإلزامية، أو لجهات أمنية لأن غالبية الناجين من محافظة إدلب». وأطلق عدد من العائلات الفلسطينية مناشدات للمساعدة بمعرفة أي معلومات عن أبنائهم الذين فقدوا بعد غرق القارب الذي كان يقلهم قرب جزيرة أرواد بمدينة طرطوس السورية أثناء محاولتهم الهجرة إلى أوروبا. وبعد العثور، صباح الاثنين، على جثة جديدة على شاطئ مدينة طرطوس تم تسليمها إلى الهيئة العامة لمستشفى الباسل، ارتفع عدد ضحايا «قارب الموت» اللبناني إلى 99 شخصاً. وقال ناجون من غرق المركب إنه انطلق من منطقة المنية في طرابلس بشمال لبنان الثلاثاء الماضي، بقصد الهجرة إلى أوروبا، وكان يحمل أشخاصاً من جنسيات عدة. وليست الهجرة غير الشرعية ظاهرة جديدة في لبنان الذي شكّل منصة انطلاق للاجئين، خصوصاً السوريين والفلسطينيين باتجاه دول الاتحاد الأوروبي، بحسب ما جاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية التي أشارت، في الوقت ذاته، إلى أن وتيرتها ازدادت على وقع الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد منذ نحو ثلاث سنوات، والذي دفع بلبنانيين كثر إلى المخاطرة بأرواحهم بحثاً عن بدايات جديدة. وأضافت الوكالة الفرنسية أن التدابير التي اتخذتها القوى الأمنية لم تسهم في الحد من الظاهرة. وتُعلن الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية مراراً عن إحباط محاولات هجرة غير شرعية، خصوصاً من منطقتي طرابلس وعكار شمالاً، الأكثر فقراً في لبنان. وأعلن الجيش اللبناني، يوم السبت، أنه أوقف، الأربعاء، شخصاً للاشتباه في تورطه بتهريب مهاجرين غير شرعيين عبر البحر، وقد «اعترف بالإعداد لعملية التهريب الأخيرة من لبنان إلى إيطاليا». وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، في بيان: «هذه مأساة مؤلمة أخرى»، داعياً المجتمع الدولي إلى تقديم المساعدة الكاملة لـ«تحسين ظروف النازحين قسراً والمجتمعات المضيفة في الشرق الأوسط». وأضاف في بيان مشترك مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين ومنظمة الهجرة الدولية: «الكثيرون يدفع بهم نحو حافة الهاوية». وقال المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة أنطونيو فيتورينو: «لا يجدر بالأشخاص الباحثين عن الأمان أن يجدوا أنفسهم مضطرين لخوض رحلات هجرة محفوفة بالمخاطر ومميتة». واعتبر المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني أن «لا أحد يصعد على مراكب الموت بسهولة. يتخذ الأشخاص هذه القرارات الخطيرة، ويخاطرون بحياتهم بحثاً عن العيش بكرامة». وأضاف: «علينا أن نفعل المزيد (...) لمعالجة الشعور باليأس في لبنان والمنطقة».
مشاركة :