مجتمعنا أكثر المجتمعات محافظة بلا شك. ودائماً مانفتخر بهذه الخصوصية ونلبسها لباس الدين. وبغض النظر عن مدى صحة تلك المحافظة من عدمها إلا أن المتوقع من مجتمع محافظ أن يصبغ سلوكه بمحافظته. وبينما يظهر ذلك في المظاهر الخادعة أحياناً، إلا أننا نستغرب من عدم تأثير المحافظة على سلوكيات المجتمع بالقدر المتوقع. قد يقول البعض إن السلوكيات المنحرفة شاذة ولا يمكن وصم المجتمع بها. ولا شك أن هذا صحيح ولكن الصحيح أيضا أننا لا ندري مدى انتشارها ولكني سأسجل هنا عدة ملاحظات قد تعطي الموضوع بعداً أكثر من مجرد حالات شاذة. إماطة الأذى عن الطريق صدقة. كلنا يؤمن بذلك ولكن لو ألقينا نظرة على الحدائق العامة والشواطئ والبراري والطرقات لوجدنا أن الاستثناء هي الإماطة. حسن الخلق من مقومات الإيمان وأحد أهم أهداف بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم هي إتمام مكارم الأخلاق. ولكن الاطلاع على وسائل التواصل الاجتماعي تعج بكل شيء سوى مكارم الأخلاق. بل إن هناك بعض برامج الاتصال العام اللاسلكي التي تمتلئ ببذيء القول من سب وشتم وعنصرية. هل يمكن أن نعتبر وسائل التواصل الاجتماعي سيلاً من نوع آخر كشف عوار خصوصيتنا ومسخ محافظتنا تماما كما فضحت السيول ضعف بنيتنا التحتية والفساد برغم البريق والجعجعة. من السهل أن نلوم أنفسنا كما أنه من السهل الدفاع عن المجتمع لسهولة وجود المندسين ووجود من يستخدم مئات الأسماء المستعارة للسب والشتم، ولكن الظاهرة تستحق من علماء الاجتماع دراسة مستفيضة لهذا المجتمع المحافظ جداً ومدى تأثير محافظته على أخلاقه وسلوكياته أو بالأصح عن سبب عدم تأثير هذه المحافظة على أخلاقه وسلوكياته. ولئن كانت السيول بحاجة إلى تصريف كي لا تغرق مدننا فالمجتمع كذلك يحتاج إلى تنمية بشرية وأن لا ندعه يسير بشكل عشوائي يخلط الدين بالعرف بالعادات فيبتدع إصرًا وأغلالاً ما أنزل الله بها من سلطان. في المقابل لا يفوتني الإشادة بمجموعات من الشباب تتميز بأخلاق عالية تساهم بشكل كبير في نشر الوعي الفكري والسلوكي.
مشاركة :