إنه كان غازياً - د. محمد ناهض القويز

  • 8/12/2013
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

كان رحمه الله غازيا.. نعم كان غازيا بحق. غزا بفكر التنوير الذي حمل مشعله لعقود وبالقلم المستنير الذي أجاد وأفاد. عاش مسلما فيه خليط من كل مافي البشر الأسوياء الناجحين، وتميز بنزاهته وحبه لوطنه. ومات رحمه الله بداءٍ مات به صحابة ومشايخ ودعاة. رغم قساوة المرض عاش الأسابيع الأخيرة من حياته متجلدا صابرا محتسبا لم يتصنع ورعاً لم يكن موجوداً ففيه ورع المؤمن وتواضع العالم. له بصمات على نهضة الوطن لا ينكرها إلا أعمى قلب أو ظالم لنفسه. أسأل الله أن يكون من المقبولين. مع اقتراب ذكرى وفاة الأديب الوزير الشاعر الوطني غازي القصيبي يأبى قلمي إلا أن يتشرف بذكر مناقبه والدعاء له بالرحمة. برغم اعتداده بنفسه وكاريزماته الطاغية إلا أنه كان متواضعا ذكيا حاضر البديهة. كان بيني وبينه لقاءات مذ كان وزيرا للصحة -رحمه الله- ثم تلت ذلك مكاتبات وعبارات لطيفة منه وكتب أهداها بخط يده قبل أن يكون سفيرا وخلال فترة سفارته وبعد أن عاد وزيرا للعمل. وفي الأخيرة كان بيني وبينه شعرا سأعرضه يوم الخميس إن شاء الله. وكان هناك اختلاف في بعض المواضيع اتسع صدره لها. غازي من الوزراء القلائل الذين يرحبون بالنقد وأذكر أنني كتبت سلسلة مقالات عن وضع رجال الأعمال والجادين في طلب الرزق وتجني وزارة العمل عليهم وأنهم ضحايا التسيب. وقتها طلب من وكيل الوزارة أن يتصل بي ويشرح سياسة الوزارة طويلة الأجل التي ستجعل توظيف المواطن أقل تكلفة من الأجانب. وعندما توقفت عن الكتابة قال لي: لِمَ توقفت؟ أخشى عندما يحجم الناس عن النقد أن يكونوا بلغوا مرحلة اليأس من الإصلاح والموت السريري للوزارة ولو بلغت هذا لتنازلت عن الوزارة. رحمه الله. قابلته قبل مرضه بسنة ولمحت في وجهه إعياء لم أعهده فسألته: أبا سهيل لست مرتاحا لوضعك الصحي البتة. فقال: لاتقلق أنا أنفذ حمية قاسية وقد تكون هي السبب فيما بدا لك. فقلت: الأمر أكثر من مجرد حمية وأقترح أن تجري فحوصات للتأكد من سلامة الوضع. فأكد لي أن كل شيء على ما يرام. وأكاد أجزم أن هم الوطن شغله عن حمل همه الصحي. لأننا ناقشنا موضوع تطوير التعليم الأساسي فأكد امتعاض ولي الأمر من بطء عملية التطوير. اللهم ارحم عبدك غازي القصيبي وتب عليه وألحقه بالأنبياء والصالحين..

مشاركة :