التحويلات النقدية أفضل من أنظمة الدعم «1من 2»

  • 9/28/2022
  • 00:09
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تتميز دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالتركيز الشديد على دعم السلع الاستهلاكية، ولا سيما المياه والغذاء والطاقة. وفي الأغلب ما يكون القصد من تطبيق أنظمة الدعم هو حماية الفئات الفقيرة والأكثر احتياجا، لكن فاعليتها في الحد من الفقر محدودة. وعادة ما تعود إعانات الدعم التي تهدف إلى حماية الفقراء بالنفع على الطبقات المتوسطة والأغنى أكثر من غيرها. وقد تأكد هذا بالنسبة لإعانات دعم الطاقة. لكن حتى بالنسبة إلى دعم المواد الغذائية، يبدو أن تسرب إعانات الدعم إلى غير الفقراء شائع على نطاق واسع. ففي مصر، يغطي نظام دعم السلع الغذائية معظم الفئات الفقيرة والأكثر احتياجا وذوي الدخل المتوسط، ومع أن آلية توجيه الدعم قد تحسنت، فإن أكثر من نصف الأسر في شريحة أغنى 20 في المائة من السكان يتلقى إعانات الدعم. وفي تونس، يبلغ متوسط نصيب الفرد من إعانات دعم المواد الغذائية والطاقة الذي تحصل عليه الأسر الأكثر ثراء ثلاثة أمثال ما تحصل عليه الأسر الأشد فقرا. وتؤدي إعانات الدعم إلى تخفيض الأسعار بشكل مصطنع، الأمر الذي يوجد تشوهات اقتصادية كبيرة. وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار العالمية للحبوب، على سبيل المثال، فإن الأسعار المنخفضة بشكل مصطنع للخبز تؤدي إلى الإفراط في الاستهلاك، إذ يزداد الطلب عليه عما لو كان الحال بخلاف ذلك. ويؤدي دعم السلع الغذائية إلى إساءة توجيه الاستثمارات في جانب الإنتاج، ويحفز على إنشاء أسواق موازية. وتؤدي إعانات دعم الوقود والمياه إلى الإسراف في استهلاكها، وذلك بعدم إعطاء المستهلكين وكذلك الشركات الإشارات الصحيحة لتقليص اعتمادهم على هذه المنتجات. ويؤثر هذا بدوره في تنافسية الاقتصاد، كما يحد من اعتماد تكنولوجيات أكثر نظافة وكفاءة. تفرض إعانات الدعم عبئا ثقيلا على المالية العامة يزداد مع ارتفاع الأسعار العالمية، ويوجه الموارد العامة الشحيحة بالفعل بعيدا عن أولويات مثل الاستثمارات في الرعاية الصحية والتعليم. وينفق بلد مثل مصر نحو 1.4 في المائة من إجمالي ناتجه المحلي على برنامجه لدعم السلع الغذائية، و2.6 في المائة على دعم الطاقة "مراجعة الإنفاق العام الاجتماعي لمصر، وبيانات صندوق النقد الدولي لـ2020". وفي 2021، أنفقت الحكومة التونسية نحو 1.7 في المائة من إجمالي ناتجها المحلي على دعم السلع الغذائية، و2.5 في المائة على دعم منتجات الطاقة "وزارة المالية، 2022". وعلى الرغم من العيوب التي تنطوي عليها إعانات الدعم، فإن إصلاح أنظمة الدعم قلما يلقى تأييدا لدى متخذي القرار، لأسباب عدة ليس أقلها الإخفاق في شرح مبررات الإصلاح للمواطنين. والحجة التي طالما تتردد على الأسماع هي أن إلغاء الدعم قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات وأعمال شغب. ولأن الأشخاص الموسرين هم الأكثر استفادة من إعانات الدعم، ولهم صوت مسموع ولديهم القدرة على تنظيم احتجاجات، فإن هذا مبعث قلق مفهوم للقادة السياسيين. بيد أنه توجد سبل تجعل من إصلاح أنظمة الدعم أمرا مقبولا حتى لدى الطبقة المتوسطة. وأحد هذه السبل هي الاستعاضة عن الدعم بتحويلات نقدية إلى جميع المواطنين تقريبا... يتبع.

مشاركة :