يعتقد العلماء الآن أنهم اكتشفوا الجينات المسؤولة عن «متلازمة الشعر غير القابل للانسدال». فمتلازمة «الشعر غير القابلة للانسدال» هي أكثر من مجرد شعر صعب، كما يوحي اسمها، حيث ان الشعر يبرز من جميع الزوايا، ما يجعل من المستحيل تقريبًا جمعه ناهيك عن تمشيطه. وهي تبدأ عادة عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة أشهر و 12 عامًا؛ إذ عادة ما يكون مائجًا وجافًا وهشًا. ومن خلال مظهره يطلق عليه أحيانًا «الشعر الزجاجي المغزول» أو «الشعيرات المثلثة». لم يتم إجراء الكثير من الأبحاث حول هذه الحالة النادرة التي ظهرت لأول مرة بمقالات منشورة في السبعينيات. ومنذ ذلك الحين، ظهر أقل من 70 منشورًا معظمها تقارير تبين الحالة. وواحدة من أحدث الدراسات التي أجريت على 11 طفلاً يعانون من شعر غير قابل للانسدال، أجراها علماء الوراثة بجامعة بون بألمانيا، وجدت أن الحالة بدت وكأنها تفسر من خلال طفرات بثلاثة جينات ترمز لبروتينات معروفة في بصيلات الشعر، وذلك وفق ما نشر موقع «theconversation» العلمي المتخصص. ومع ذلك، منذ أن تم الإبلاغ عن هذه الدراسة على نطاق واسع من قبل الصحافة، تقدم المزيد من العائلات التي لديها أطفال يعانون من هذه الحالة. من جانبهم، اعاد علماء علم الوراثة ابحاثهم مع أكثر من 100 طفل مؤكدين أنه في 76 منهم يرتبط السبب بطفرات في جين PADI3 بالإضافة إلى تورط جينين آخرين، وجميعها ترمز لبروتينات مهمة تشارك في تكوين ألياف الشعر. ان التباين البشري في المظهر، بما في ذلك الشعر، هو نتيجة للاختلافات الصغيرة العديدة في جيناتنا؛ فعندما تحدث طفرة في الجين فإنها تؤدي أحيانًا إلى تغيير في وظيفة البروتين. وإذا كان هذا البروتين موجودًا في بصيلات الشعر، فمن المرجح أن يبدو الشعر مختلفًا. لذلك يمكن أن يكون بنيا أو أشقر أو مجعدا أو سميكا أو مستقيما أو أحمر أو حتى أصلع. وهناك عدد قليل من الاختلافات الموروثة المعروفة في شكل وضفيرة ألياف الشعر. لكن نادرًا ما ترتبط بأي مرض خطير. ومن المثير للاهتمام أن البروتينات التي تتأثر غالبًا ما تكون في غلاف الجذر الداخلي (ثلاث طبقات من بصيلات الشعر تساعد في وضع الشكل بألياف الشعر). ووفق العلماء «نحن نعلم أيضًا أن الشعر غير القابل للتمشيط هو خاصية وراثية متنحية؛ بمعنى آخر، يجب أن يكون كلا الوالدين حاملين للجين المتحور، على الرغم من أنهما قد لا يحملانه بنفسيهما. وبعد ذلك، إذا ورث طفلهما نسخة واحدة من الجين المصاب من كل والد، فسيكون لديه المتلازمة». وعن سبب دراسة اضطرابات الشعر الوراثية، فان هذا النوع من الدراسات الجينية ينتج معلومات كافية بحيث يمكن للوالدين الآن طلب اختبار جيني قد يساعد في تهدئة أي مخاوف بشأن الحالات النادرة الأخرى التي يمكن أن تؤثر على الشعر. ومن المنظور العلمي، يساعد أيضًا مجتمع أبحاث بيولوجيا الشعر على فهم المزيد عن نمو الشعر الطبيعي وأهمية البروتينات المختلفة للتحكم بشكل الشعر ومظهره؛ فعلى سبيل المثال، يمكننا الآن شرح سبب تغيير «PADI3» لشكل الشعر من خلال معرفة المزيد حول كيفية عمله في البصيلة. يعد الشعر من أكثر السمات الشخصية تميزًا ثقافيًا؛ فشكله ولونه أو غيابه يفكر فيه الجميع كل يوم. جدير بالذكر ان الصناعة التي تهتم بالشعر تطورت بشكل كبير خلال القرن الماضي لمساعدتنا جميعًا على إدارة شعورنا. كما ان من السهل تقدير سبب رغبة العلماء في فهم كيفية حدوث ذلك لمساعدة العائلات التي لديها أطفال متأثرون بهذه الحالة والمساعدة على فهمها بشكل أفضل.
مشاركة :