صدر الأمر الملكي الكريم بتكليف معالي الأستاذ يوسف بن عبد الله البنيان وزيراً للتعليم، وهو أهل لهذا المنصب بإذن الله. معالي الوزير قبل أن تخطو خطوتك الأولى في رحلتك المهنية الجديدة أردت كمواطن أولاً، وكممتهن لمهنة التعليم لأكثر من 30 عاماً أن أشاركك همومي والتي طرحتها أكثر من مرة عبر صفحات جريدة الجزيرة، أو عبر الكتابة في وسائل التواصل الاجتماعي. معالي الوزير الحمل ثقيل جداً، فأنت تحمل على كتفيك مستقبل أمة كاملة، أمة تبحث عن تغيير واقعها بيد أبنائها، وحتى يتم هذا التغيير لابد أن يتسلح هؤلاء الأبناء بالعلم والمعرفة، ومن قبلها المهارات كما سبق وذكر سمو سيدي ولي العهد -حفظه الله-، وحتى يتحقق هذا الهدف نحتاج إلى مراجعة سياستنا التعليمية بشكل واضح ودقيق، ونسأل أنفسنا هل هذه السياسة ستحقق أهدافنا المرجوة؟، هل سنجد في نهاية الطريق قادة المستقبل الذين سيحملون راية ما بعد 2030؟، هل سنتمكن من المنافسة عالمياً في ظل الصراعات التي تسود العالم؟ أم سنظل ننتظر العالم أن يفعل ثم نستورد المنتج لنستخدمه ويظل دورنا هو الشراء فقط. معالي الوزير إن أنظمة التعليم في العالم كله تظل ثابتة لفترات طويلة من الزمن، وتحدث حسب الحاجة، أما لدينا فإن نظام التعليم يتغير بدون أي سبب سوى التغيير فقط، فمن نظام المطور في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، إلى نظام الفصلين في بداية التسعينيات منه، إلى نظام المقررات في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ثم نظام الفصلين مرة أخرى، ثم نظام المقررات، وأخيراً وأتمنى أن تكون آخراً نظام المسارات. معالي الوزير في نظم التعليم يتم التغيير بالتدريج وكنوع من التجربة ويرافقه دراسات تربوية وإحصائية ومقارنات بين النظام الحالي والنظام الجديد حتى نتأكد من مناسبته، ولكننا هنا نتغير بقرار ومع كل تغيير نجد التصفيق والتهليل وما أن يأتي النظام الجديد إلا وتبدأ العجلة في الدوران محلها والمحصلة لا شيء، فعلاً لا شيء، لا نحن أبقينا نظامنا، ولا نحن استفدنا من الجديد. معالي الوزير في وزارة التعليم هناك المئات من السياسات والقوانين، ويتبع كل منها ما يمكن أن يستثنى، وللأسف نجد أن المطبق هو الاستثناء، وأن القانون أو السياسة نفسها قد نسيت، وما أن نتدارك الوضع إلا وتجد القانون نفسه أو السياسة قد تغيرت وجاء معها استثناؤها، ويظل الوضع على ما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء لله تعالى. معالي الوزير لقد كانت قافلة التعليم الإلكتروني تسير في طريقها الصحيح وكان لدينا مشروع قائم للتحول الرقمي في التعليم تحت مسمى مبادرة دعم الطالب والمعلم، وفجأة تغيرت أهداف المبادرة وخرج منها عشرات المشاريع الأخرى تحت مظلة المبادرة اسماً، أما فعلاً فالله أعلم ما الهدف منها، بل والأكثر غرابة أن تبدأ مشاريع وينفق عليها الملايين، ثم فجأة تختفي كأنها ما وجدت أصلاً. معالي الوزير في ظل توجه الدولة نحو تعظيم مشاركة القطاع الخاص مع الوزارة لدعم العملية التعليمية وضعنا الكثير من الأطر التي يمكن أن يتم من خلالها هذا الشكل من التعاون، ثم وضعنا الكثير من المعيقات لتطبيقه، فإذا أردنا أن نخفف العبء عن كاهل الوزارة في توفير شراكة حقيقية بينها وبين القطاع الخاص فيجب أن نهيئ البيئة الإدارية الصحيحة لتعظيم هذه المشاركة وتحقيق أهدافها لا أن نوجد المعيقات ونقول لماذا لا يساعدنا القطاع الخاص. معالي الوزير أعلم أن حملكم ثقيل، وأعباء ومشاكل الوزارة كثيرة، لكني أعلم أن قادتنا ما كانوا يكلفونكم بهذا الحمل ما لم يكن لديهم ثقة في الله تعالى ثم فيكم وفي قدرتكم على قيادة الوزارة في هذا الوقت العصيب، فأتمنى أن تكون جميع الخطط القائمة محل فحص وتمحيص واختيار الصالح منها، كما أتمنى أن تعطوا الأولوية لكثير من المشكلات الأخرى التي تعكر صفو المجتمع التعليمي والتي سبق وأن أشرت لها في كثير من مقالتي في هذا الصدد ولعل من أهمها، نقل المعلمين، هذه المشكلة التي تؤرق كل بيت في المملكة يعمل أو تعمل فيه معلمة أو إدارية. معالي الوزير لا أريد أن أزيد همومكم هماً بهذه الرسالة، ولكني أردت أن أشارككم بعض همومي كمواطن أولاً وكتعليمي ثانياً فاعذرونا إن أطلنا عليكم ودعواتنا أن يوفقكم الله ويسدد خطاكم. ** ** - مستشار تعليم وتدريب
مشاركة :