شبح «الفراغ الرئاسي» يخيم  على لبنان

  • 10/2/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

رجّحت مصادر نيابية  في بيروت، أن يدعو رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى الجلسة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية في منتصف  الشهر الجاري..وكانت «الورقة البيضاء» هي سيدة  الجلسة الأولى -الأسبوع الماضي- بأن يقترع 63 نائباً من أصل 128 بأوراق بيضاء.. و«الورقة البيضاء»، وفق مختلف الاعتبارات، تعني إما «الفراغ الرئاسي» الذي  يحذر منه  كثيرون، وإما انعدام الكفاءات الوطنية التي يتوافق عليها الشعب وممثلوه، أو استحالة تلاقي الرؤى  بين القوى والأطراف السياسية..وفي مجمل الأحوال ربما يصل مجلس النواب إلى عقد جلسة ثالثة فيما بعد!! مخاوف الشغور  الرئاسي وا ل جلسة الأولى لانتخاب رئيس الجمهورية، كشفت الكثير من المعاني والمعطيات أبرزها أن الشغور الرئاسي بدأ يلوح في الأفق تماماً كما حصل بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال سليمان وقبل انتخاب الرئيس ميشال عون.. وبينما يتخوّف  رأس الكنيسة المارونية ، البطريرك  بشارة الراعي، من أن يؤدي أي شغور رئاسي إلى إسقاط الجمهورية أولاً، خدمة لمشاريع خارجية وتمهيداً لتغيير هوية لبنان، وثانياً لإفقاد التوازن الوطني وإقصاء الدور المسيحي والماروني تحديداً عن السلطة. وقد جاء سؤال نائب رئيس مجلس النواب الأرثوذكسي، الياس بو صعب، خلال جلسة الانتخاب حول «إذا كان الدستور يفرض انتخاب ماروني لرئاسة الجمهورية؟» ليعزّز هواجس البطريركية من وجود نوايا خفية للانقلاب في المستقبل على العرف الذي يوزّع الرئاسات الثلاث بين الموارنة والشيعة والسنّة، ولو كان سؤال بو صعب لا ينطلق من خلفية سياسية معينة إنما مجرّد طرح السؤال يبيّت ما يدور في أذهان البعض، بحسب صحيفة اللواء اللبنانية. رئيس قادر على قيادة لبنان وحماية اتفاق الطائف من هنا، يأتي تركيز البطريرك الراعي الدائم على انتخاب رئيس قادر على قيادة البلاد بالأصالة وليس عن طريق تسليم البلاد إلى حكومة مستقيلة أو معوّمة، لئلا يؤدي تكرار الشغور الرئاسي المفتوح إلى تغيير في النظام والدستور ويسفر عن الاطاحة باتفاق الطائف. لذلك أعاد البطريرك التشديد على التمسك باتفاق الطائف بعد دعوة سابقة ويتيمة منه إلى عقد اجتماعي جديد من وحي الميثاق الوطني، إذ لاحظ أن البعض وتحديداً أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله استغل دعوته للمناداة بمؤتمر تأسيسي عنوانه إعادة بناء الدولة. البحث عن رئيس يقود ولا يُقاد..يوحد الوطن ويعلو فوق المٍحن وليس سراً أن هناك خلافاً مستحكماً بين بكركي ( مقر رئاسة الكنيسة المارونية) وبعبدا (مقر القصر الرئاسي) ، بحسب تعبير صحيفة اللواء اللبنانية، لذلك يستعجل الراعي انتخاب رئيس جديد ينهي حقبة عون ويفتح صفحة جديدة، منادياً برئيس حر واعد غير مرتبط بأحد ينتشل لبنان من القعر ويكون قادراً على وضع البلاد على طريق الانقاذ الحقيقي والتغيير الإيجابي. رئيس يجسّد حلم الآباء والأجداد يقود ولا يُقاد، لا يَستفزّ ولا يُستفَز، يوحّد الوطن ويعلو فوق المٍحن. ومن المعروف أن علاقة غير ودية تسود بين البطريركية المارونية وتيار العماد عون منذ تنفيذ أنصاره اعتداء على البطريرك صفير على خلفية دعمه اتفاق الطائف الأمر الذي اضطر صفير إلى مغادرة بكركي إلى الديمان. وبقيت العلاقة غير ودية في ظل اتهامات من جمهور «التيار الوطني الحر» لبكركي بدعم رئيس حزب القوات سمير جعجع! عدم انتخاب رئيس جديد هو فعل تخريبي !! وحذر البطريرك بشارة الراعي، في عظة اليوم الأحد، إذا لم ينتفض النواب على أنفسهم وينتخبوا رئيسًا سياديًّا، فلا يجب لوم الشعب إذا انتفض عليهم..وأضاف: إن «الغليان الشعبي اليوم أدرك أن عدم انتخاب رئيس جديد هو فعل تخريبي لضرب المركز الأساس في الدولة، ويجدر بالقوى اللبنانية أن تحافظ بجميع الوسائل على لبنان التعددي المدني في كنف دستور توافقنا عليه». قلق من تكرار تجربة 1989 ويخشى البطريرك الراعي، من امكانية بقاء رئيس الجمهورية بعد انتهاء ولايته في قصر بعبدا لئلا يؤدي هذا الأمر إلى الدخول في مغامرات جديدة على غرار ما حصل عام 1989 مع الجنرال ميشال عون نفسه، حيث انقسم البلد بين حكومتين واندلعت حربان. ولذلك لا يرى البطريرك مانعاً دستورياً من تسلّم حكومة كاملة الأوصاف صلاحيات رئيس الجمهورية، لكنه في الوقت ذاته لا يرى طبيعياً ألا تتم الانتخابات الرئاسية وألا يتم تداول السلطة من رئيس إلى رئيس، رافضاً «خلق تنافس مصطنع بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة فيما المشكلة هي في مكان آخر وبين أطراف آخرين». الغموض يلف تشكيل الحكومة وبات واضحا، أن  الغموض يطغى على ملف  تشكيل الحكومة، وبينما نُقل، يوم أمس، عن رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي «أن الأجواء حتى الساعة جيدة، والأمور في خواتيمها»، فقد قرأ كثيرون في الموقف الصادر عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، يوم الجمعة الماضي، وقوله: «يبدو أن الأمور لم تنضج تماماً بعدُ في الملف الحكومي، والبعض يناور»، إشارة سلبية توحي بأن الأمور عادت إلى التعقيد والجمود !! ومن طرف ثالث، تؤكد مصادر مطلعة ومقربة من قصر بعبدا الرئاسي، أن «المشاورات الحكومية لم تكن متوقفة للتحرك من جديد، باعتبار أن النقاش كان يحصل بهدوء ولا يزال عن طريق مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الناشط على خطي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، من خلال حمله الأفكار والطروحات المتبادلة لإنجاز عملية التشكيل». وعلى الرغم من حرص البطريرك الراعي، على إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده، إلا أن البطريرك ينأى بنفسه عن الدخول في موضوع تسمية أو تزكية مرشح بعينه ويكتفي بالتحذير من خطورة الفراغ أمام عدد من المرشحين الطبيعيين الذين يزورونه سواء في المقر الصيفي في الديمان أو في الصرح البطريركي في بكركي.

مشاركة :