محمود الجاف ان الّلباقة واللياقة في الحديث من أهمّ الأمور التي تَجذب الناس إليك لان الكلمةَ الطيبةَ والأسلوب الصحيح يجد طريقه إلى قلوبهم ويسترعي انتباههم بسرعة ويجعلهم يستمعون إليك باهتمام ويفضلون مجالستك. لأنهم قد يقيمونك ويحكمون عليك من طريقة كلامك من الجلسة الاولى فإما أنّ يعجبهم حديثك او ينفروا منك ويزداد الأمر ضرورةً إذا كنت مُعلماً أو قائدا او قدوة . لان الثرثرة وكثرة الكلام تكشف العيوب وتزيد من إمكانية الوقوع في الخطأ . لهذا لابد أن يكون الحديث على قدر الحاجة وليس فيه إساءة أو تجريح او ضرر بالاخرين وألا نقول إلا ما ينفع ونُقلل من المزاح لأنهُ في كثير من الحالات قد يُؤدي إلى مشاكل كبيرة . قبل ان نلتقي باحد علينا ان نجلس مع انفسنا ونعمل اعداد مُسبق لكل ما نود قوله أو مُناقشته ومن المُؤكد ان لنا استراتيجية وقرارات مُسبقة تُنظم كل جانب من جوانب حياتنا وخطة خاصة في قيادة انفسنا وافكارنا ومشاعرنا دينيا وثقافيا وعلميا وامنيا واجتماعيا وقانونا يُحدد الاطر التي يُسمح لنا بالتحدث عنها وفيها وما هو الشيء الممنوع ... وعندما نكبر ونجلس على الكرسي الذي يُحدد القيمة والاهمية ( كرسي المسؤولية ) لابد ان نُرتب الاولويات لتكون دليلا ومنهاجا نسير عليه . ومنها لقاءاتنا واحاديثنا وعلاقاتنا وسلوكنا الخاص والعام . سواء في البيت او الحارة والمدرسة او مع زملائنا على مقاعد الدراسة او الوظيفة . بعد ان اجهز ما يُمكنني استخدامه من موضوعات عند النقاش ابدأ بازالة الشوائب الموجودة في كلامي من خلال مُراجعته في عقلي وتنظيم تسلسل الاحداث وعرضه على قائمة الممنوعات والمحذور من التحدث فيه ( الانتباه الى بعض المعلومات العائلية الخاصة او التي قد تكون غير صحيحة او اكشفها جهلا عند الحديث وتسبب لي مشاكل مع الافراد او الدول ) وبعد تنقيته نُخزنهُ في الذاكرة لاستخدامه عند اللقاء ان كان ذلك الموعد مُحدد مُسبقا . ويُمكنني استدعائها من عقلي في اي وقت اشاء لو احتجت اليها فجأة . لان من المفترض ان يكون لدي قانونا جاهزا للتعامل به في جميع الاحوال يحميني ويُبقيني في الاطار الذي يمنع وقوعي في اخطاء وان تعثرت يُمكنني الاعتذار والتصحيح الفوري او الاستفادة من فرصة اخرى سريعة ولكن المهم الا اترك المُتحدث معي على تصوراته الخاطئة ابدا . وان فوجئت بسؤال لاتعرف الاجابة عليه حاول ان تمنح نفسك بعض الوقت من خلال مُناورات بسيطة منها . النظر في عين السائل والابتسامة الهادئة في ذات الوقت وهكذا تصبح لديك بعض الثواني لتفكر كيف وما تُجيبه او يُمكنك ان تطلب منهُ اعادة السؤال مرة ثانية او اختلاق عذرا اخر كأن تدّعي انك بحاجة الى شرب الماء او الدخول الى الحمام او تُمثل انك تطلب شيئا من شخص اخر . مُمكن ان يكون منديلا ورقيا حتى تحصل على الوقت الكافي . المهم ان تفكر بالجواب قبل ان تتكلم وتذكر دائما ان تتحدث بالطريقة التي يفهمها الاخرون وليس بما تفهمه انت وانتبه من الجمل الغامضة التي قد تؤدي الى تفسيرات خاطئة أو لها اكثر من معنى خصوصا ان كنت تجلس مع اشخاص لاتعرف عنهم معلومات تفصيلية وقيِّم وقوِّم مسيرتك دائما وعدل وبدل الافكار وتريّث قبل ان تشترك باي حديث ولاتكن البادىء قبل ان تتعرف على كل الموجودين ولاتنسى ان الكلام صفة المُتكلم . ومن خلاله مع لغة الجسد والعيون وشكل ونوع الملابس يُمكنك ان تُحلل شخصية الانسان وتنجح في التعامل معه . ولا يهم مدى علمك أو معرفتك ومعلوماتك إنْ كنت لا تستطيع التعبير عنها لذلك عليك أنْ تبحث عن الوسيلة الصحيحة التي تَبدأ بها كلامك حتى لو كانت المعلومات بسيطة لان الكلام الذي ينساب كالنهر في مجرى محدد يجلب انتباه المستمع ويدخل إلى العقول بسهولة ويساهم في توطيد العلاقات الاجتماعية وترسيخها كما يزيد من المحبة والألفة بين الناس ويرفع من نسبةِ تأثرهم بك . وعليك ان تحافظ على نبرةِ صوتك فلا تكون عالية ولا مُنخفضة وليس فيها حدَّة وأعط من هو أكبر منك في العمر الأولوية في الكلام وتجنب التصنع ولا تتدخّل بأسرار الاخرين والتحدث في القضايا الخلافية حتى لا تصطدم مع احد ولا تتحدث عن ذاتك . ولاتنسى ان الكلام مهما كان مهما فهو من فضة ولكن السكوت في الوقت والمكان المناسب سيكون من ذهب .
مشاركة :