الإنجاب ثمرة الحصاد لمن اختار إكمال نصف دينه، والأمومة غريزة جُبلت عليها كل أنثى منذ أن شاء القدر، فخلقها أماً في مهدها، حتى تربي وتنشئ جيلاً يتربى بين راحات أيديها، ويتناول من حضنها جرعاته الأولى، التي تلم شتاته وتعلمه من دفئها فن المواجهة، لكل ما يعترض طريقه من صعوبات، ومن رحم تلك الصعوبات تولد المعجزات، التي تتغلب عليها كل زوجة، لتهدي للمستقبل أيدي بارعة، من شأنها أن تضيف إلى عجلة الحياة تقدماً وازدهاراً. عايّنت الخليج آراء وخبرات شريحة من الأمهات، ورصدت أبرز التحديات التي واجهنها بمجرد أن أتت تلك اللحظة، التي شكلت النقلة النوعيّة في حياتهن، معلناتٍ للعالم أجمع أمومتهن، كما سلطت الضوء على أبرز الصعوبات التي تمت مواجهتها، وكيفية التعامل معها عبر فقرات التحقيق التالي: كشفت نجوان العمري أم لطفلتين وولد، أنها لم تكن على درايّة تامة بكيفية التعامل مع مولودها الأول، وقالت: شعور من الفرح ممزوج بالخوف كان يعتريني، بخصوص التعامل مع ذلك الفرد الصغير البريء، الذي يسكن أحشائي، وهذا ما جعلني أبكي لحظة ولادتي طفلتي الأولى شهد، ومن أجل تخفيف حدة هذا التوتر المسيطر علي، لجأت إلى تثقيف نفسي وقراءة الكتب الخاصة بالتربية والأمومة، والتمعن فيها، وبما تكتنزه من أساليب عدة؛ للتعامل مع الأطفال بشخصياتهم المتنوعة، بهدف كسر حاجز الخوف الذي كان يتملك أحاسيسي في تلك الفترة. وبيّنت العمري أن تجربة حملها الثانية، كانت أخف وطأة عليها؛ كونها تعلمت الكثير من الدروس في حملها الأول، وأضافت: أعايش حالياً تجربتين مختلفتين كون طفلي الثاني صبياً، وهذا ما أكسبني خبرتين متنوعتين في كيفية التعامل مع كلا الجنسين، وانعكس ذلك بقوة على كل طفل في العائلة، من خلال منح الجميع مساحة خاصة تشبع الرغبات المُتباينة لكل واحد منهم، فمسألة الأمومة برأيي تحتاج إلى وعي حقيقي يتبلور حول خوض التجربة ذاتها، والتمكن من طرق الاهتمام بتربية الطفل. وأكدت شيخة سيف أم لطفل يبلغ العاميّن، أن أصعب ما واجهها في رحلة الأمومة التي دخلت قطارها في الآونة الأخيرة، هو بكاء طفلها وعدم معرفة سبب بكائه الحقيقي، كونه لا يتكلم ولا يستطيع التعبير عن وجعه بصراحة، حتى بلغ عمر السنتين تقريباً. وتبين أن المرحلة الأولى في حياة كل طفل، وبخاصة الأول، هي الأشد صعوبة على الإطلاق، وتابعت: قدرت قيمة أمي بعد أن أنجبت طفلي الأول طارق، لأنني كنت أحب أمي من دون أن أدرك مدى التعب الذي بذلته في تربيتي، لكنني عندما عايشت التجربة وحدي، شعرت بقيمة أمي ومدى عظمتها، وكل ما تحملته من أجل أن نصل إلى ما وصلنا إليه أنا وباقي أخوتي. مشاعر فيَّاضة في حين اعتبرت لطيفة الزرعوني أم لأربعة أطفال، أن الأم الناجحة في عملية التواصل مع ابنها يمكنها أن تُميز بين أنواع متباينة من البكاء، أو حتى نبرة الصراخ، وذلك قُبيل وصول الطفل سن التكلم حتى، حيث ميز الله سبحانه وتعالى الأم بمشاعر فياضة تجاه مولودها، تستطيع من خلالها الشعور بنفس المشاعر التي يحس بها الطفل، خاصة ما إذا كان يعاني ألماً في بطنه، أو في جسده ككل، واستطردت: الشعور بالأمومة للمرة الأولى شعور جميل لا يمكن وصفه بالكلمات، بالرغم من المسؤولية تجاهه وتجاه تأمين احتياجات الطفل على اختلافها، والخوف من إيذائه بقصد أو بدون قصد. وأوضحت وفاء عبد الكريم أن انتظارها الآني لمولودها الأول، تغلب عليه مشاعر الخوف والتوتر، باعتباره الأول في رحلة أمومتها، لكن متابعتها المستمرة مع الدكتورة المشرفة على حالتها منذ الأيام الأولى لحملها يطمئنها، بالإضافة إلى سيل توجيهات ونصائح والدتها، وأردفت: وجود الرجل المُساعد غالباً ما يدفع المرأة لتحمل كل صعوبات الحمل وآلام الولادة؛ لذلك ينبغي على الزوج تفهم هذه المسألة ومساندة زوجته في أمومتها، حتى تمر مدة التغير، التي يمر كلاهما فيها، بسلام تام دون أن تخلف أيّة رواسب سلبية على نفسيتهما. وأشادت نادية راتبأم لطفلتين، برأيّ وفاء عبد الكريم، وبضرورة وجود الزوج المُتفهم، وأضافت: مع قدوم المولود الجديد تصبح الحياة العائلية غير مُنتظمة، ما يؤدي إلى حصول بعض المشاحنات الزوجية، خصوصاً إذا كانت الأم تركز فقط على علاقتها بالطفل من دون إعطاء أهمية للأب، فمن الممكن حينها أن يشعر الأب بنوع من العزلة والتهميش، وبالتالي سيفضل البقاء مدة طويلة خارج البيت، ما قد يؤثر سلباً في العلاقة الزوجية، ولكي يستطيع الثنائي تخطي هذه المرحلة يجب أن يعتمدا أسساً جديدة وضرورية للتحاور والتفاهم بشكل دائم. أساليب بناء علاقة جيدة أشارت اختصاصية علم النفس ليلى اليازجي، إلى أن التغيرات النفسية، التي قد تطول المرأة عندما تصبح أماً، كثيرة لذا فإن التأقلم واعتماد لغة تواصل مع الطفل يعتبران من الأمور المهمة، بالإضافة إلى مساعدة المحيطين لها، كي تخف الأعباء الواقعة على كاهلها، وتتمكن من أخذ قسط من الراحة يمكنها من استعادة طاقتها ونشاطها، وإلّا سوف يؤدي الأمر إلى إطالة مدة اكتئاب ما بعد الولادة، الذي من الطبيعي أن تُصاب به، لكنه من غير الطبيعي أن تستمر فترته إلى مدة زمنية طويلة، محذرةً بدورها من العواقب السلبية التي قد تنجم عنه، وأولها الخوف من الحمل ثانية أو ما يسمى فوبيا الحمل والولادة. وفصّلت اليازجي أن هناك عدة أساليب يُمكن للأم اتباعها من أجل بناء علاقة جيّدة بين الأم وطفلها على المدى البعيد، ومنها: التقرب منه، واحتضانه باستمرار، والغناء له بنبرة مميزة تجعله يتعرف إلى أمه ويقرنها بها، فضلاً عن التركيز على حاستي الشم والسمع لدى الطفل، لأنه يعرف رائحة أمه، واعتاد التجاوب مع ذبذبات صوتها، وهو داخل الرحم جنيناً، وقالت: الفتاة في مجتمعاتنا ومنذ صغرها تتربى على كيفية رعاية الطفل وإعطائه الحنان، فنحن دائماً ما نعطي البنت لعبة، كي تهتم بها، وهذا يساعدها بلا أدنى شك على إعطاء الحنان والتواصل في هذه العلاقة الحميمة بجدارة عندما تتوج أماً.
مشاركة :