كشفت الحكومة المغربية عن عزمها على توسيع دروب التنمية في الأقاليم الصحراوية من خلال مشروع طموح لتحويل جهة الداخلة إلى منصة صناعية ولوجستية وسياحية ستساهم مع اكتمال أعمال التطوير في جعل المنطقة قبلة لأسواق أفريقيا. الرباط - أعلن المغرب عن استعداده لتنفيذ برنامج خاص لإعادة تأهيل البنية التحتية وإطلاق مشاريع متنوعة بجهة الداخلة وادي الذهب للفترة الممتدة بين 2022 و2025. ومن المتوقع أن تطلق الحكومة مشروع إنجاز منطقة صناعية في الداخلة على مساحة 30 هكتارا في المرحلة الأولى، على أن يتم توسيعها لاحقا. وكشف وزير الصناعة والتجارة رياض مزور أنه تجري حاليا المصادقة على الاتفاقية الخاصة بتنفيذ هذا البرنامج، من أجل رصد تمويل إنجازه. وأشار إلى أن ذلك يأتي في إطار بحث الحكومة عن إطلاق مشاريع تنموية ضخمة في الأقاليم الجنوبية، من بينها محطات تحلية مياه البحر وإنشاء مناطق صناعية وزراعية. وتهدف هذه المشاريع إلى مرافقة المشروع الضخم المتعلق ببناء ميناء الداخلة الأطلسي، والطريق السريع تزنيت – الداخلة بطول 1055 كيلومترا، والذي وصلت نسبة الأشغال فيه إلى 80 في المئة. رياض مزور: قريبا سيتم الانتهاء من إعداد البرنامج ورصد التمويلات وأكد إدريس الفينة، المحلل الاقتصادي، في تصريح لـ”العرب” أن جهة الداخلة تملك مؤهلات اقتصادية وسياحية وفي مجال الطاقة المتجددة واعدة. ومن بين المشاريع الكبرى التي ستعمل باستمرار على تعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية بين المغرب وبلدان أفريقيا ميناء الداخلة الأطلسي، الذي سيتطلب استثمارا بقيمة تقديرية تصل إلى 12.4 مليار درهم (1.1 مليار دولار). وتعليقا على هذا المشروع الضخم قال الفينة إن “ميناء الداخلة الأطلسي سيساهم في إعادة هيكلة اقتصاد المنطقة، وآثاره الإيجابية اقتصاديا ستكون متعددة وستساهم في توفير المزيد من فرص العمل للشباب”. وإلى جانب ذلك هناك مشاريع لتطوير المناطق المستقبلية للتوزيع والتجارة في الكركرات وبئر كندوز، والطريق السريع تزنيت – الداخلة، وربط مدينة الداخلة بالشبكة المحلية للكهرباء. وحسب الحكومة تشكل هذه البنية التحتية للميناء، المجهزة بمنطقة لوجستية صناعية ومنطقة للتبادل التجاري وأخرى مخصصة لأنشطة الصيد البحري، محورا اقتصاديا حقيقيا قائما بذاته، بإمكانه إعادة وضع الجهة كلها على مسار الطرق البحرية. وفي لقاء للترويج والاستثمار تم عقده سابقا بمدينة الداخلة، أكد القنصل العام للسنغال في مدينة الداخلة بابو سيني أن “الجهة في طريقها لأن تصبح منصة اقتصادية حقيقية ومحورا موجها نحو المحيط الأطلسي وأفريقيا جنوب الصحراء”. وأشار إلى أن تحقيق ذلك سيتم مع إنشاء ميناء الداخلة الذي سيتم تدعيمه بمنطقة صناعية ولوجستية تقام على مساحة تصل إلى 1650 هكتارا. وتركيزا على ميناء الداخلة الإستراتيجي أكد الفينة أن انعكاساته على الجهة والمناطق الجنوبية بصفة عامة ستكون هائلة من خلال تطوير النقل البحري نحو الدول الأفريقية وجلب استثمارات محلية وأجنبية. إدريس الفينة: الداخلة تملك مؤهلات سياحية وفي مجال الطاقة المتجددة وقال إنه “فرصة لتطوير مناطق صناعية من الحجم الكبير وتغيير البنية الديموغرافية للداخلة والجهة ككل، كما أنه يسمح بتطوير قطاع السياحة والمناجم والقطاعات الأخرى التي يمكن أن تتطور بفضل هذا الميناء”. وتشهد الجهة نقلة اقتصادية شاملة بفضل الرؤية التي تتبعها الحكومة، حيث تتضمن مشاريع ضخمة لتطويرها ضمن قطاع الطاقة المتجددة. وأكدت الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية أنها تعمل على تشجيع الاستثمار في عدة قطاعات، كالسياحة والصيد البحري وتربية الأحياء البحرية والطاقة المتجددة، ضمن مقاربة استباقية للتنمية المستدامة. وأوضحت أنه للقيام بذلك تم الأخذ بعين الاعتبار المحافظة على النظام البيئي المحلي بخلق تمويل مخصص للاقتصاد الأخضر، وموجه لفائدة التنمية المستدامة. وسيمكّن إنجاز الربط البري، من خلال الطريق السريع تزنيت – الداخلة، من إرساء محور تجاري قوي بين المغرب وموريتانيا في اتجاه أفريقيا جنوب الصحراء، وبالتالي استعادة تدفق حركة النقل من خلال تمكين مئات المركبات من العبور عبر هذا الطريق. وتعتبر هذه المشاريع حسب مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب بمثابة رافعة للنهوض بالجهة وتطوير إمكانياتها الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يجعلها أكثر تنافسية وجاذبية. ويقول المجلس إن هذه المشاريع تأتي بالنظر إلى أن الجهة تتمتع بموقع إستراتيجي هام وفرص استثمار وشراكة ممتازة، في جميع القطاعات الإنتاجية مثل صيد الأسماك والزراعة والسياحة والطاقة المتجددة والتجارة والخدمات اللوجستية. كريستوف دي فيغيريدو: فرص الاستثمار والتجارة التي توفرها الجهة واعدة وأكد رئيس مجلس جهة الداخلة – وادي الذهب الخطاط ينجا أن البرنامج التنموي المندمج للجهة، والمستمد من النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية وكذلك مخطط التنمية الجهوية، يشمل كافة القطاعات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية. وقال إن “ذلك يأتي بهدف خلق مشاريع مهيكلة بالجهة لتصبح محورا رائدا يربط المغرب بعمقه الأفريقي، وهو ما سيمكن من خلق فرص هامة للاستثمار لفائدة الفاعلين المغاربة والأفارقة والأجانب”. ويرى مزور أن الجهة التي تزخر بمؤهلات اقتصادية مهمة ومتنوعة تشكل مصدر استثمار للعديد من الفاعلين الاقتصاديين الأجانب. وأشار إلى أنها تتوفر على أحد أفضل المؤهلات الشمسية وعلى حقل استثنائي لطاقة الرياح، ما يجعلها خيارا مثاليا لتطوير قطاعات صناعية جديدة لاسيما في مجال الطاقة المتجددة، وكذلك القطاعات الأخرى المرتبطة بإنتاج الهيدروجين الأخضر. وعلى هذا الأساس عبّر رئيس غرفة التجارة السويسرية في المغرب كريستوف دي فيغيريدو عن رغبته في استكشاف أسواق جديدة والاطلاع على فرص الاستثمار والتجارة التي توفرها الجهة، مذكّرا بأن الشركات السويسرية تعمل بالفعل في الجهة. ولدعم الاستثمار في الصناعة والتجارة والزراعة بهذه المنطقة ستتم زيادة الطاقة الإنتاجية لتحلية مياه البحر إلى 37 مليون متر مكعب سنويا. ومن المرجح أن يكون لها وقع أكبر خلال السنوات المقبلة، حيث ستتمكن جهة الداخلة – وادي الذهب من تعزيز موقعها كمركز اقتصادي محلي وقاري. وتراهن الجهة على إقامة منطقتين متطورتين للتوزيع والتجارة في المعبر الحدودي الكركرات وفي بئر كندوز جنوبا، لجذب المستثمرين المغاربة والأجانب على حد السواء. وستعزز المنصتان، اللتان خصصت لهما استثمارات بقيمة 160 مليون درهم (14.5 مليون دولار) على مساحة 30 هكتارا، قدرة المغرب على التصدير والاستيراد من الدول الأفريقية. كما ستساهمان بشكل كبير في تطوير المعبر الحدودي، باعتباره منطقة عبور تضطلع بدور رئيسي في الاقتصاد والمعاملات التجارية الخارجية.
مشاركة :