هذا مايراه البعض ممن لديهم نظرة قاصرة حول طبيعة عمل أسواق المال، ويريده أن يحدث عند أي هبوط عنيف قد يصادف السوق مستقبلاً، وذلك إسوة بأسواق الأسهم الصينية. ومثل ذلك أجزم أنه لن يتم أبداً في المملكة، ولا أحد يحبذه أو يؤيده، فالتبصر بعواقب مثل تلك الإيقافات وأنها تبعث برسائل غير جيدة، وربما تكون خطيرة هو ما يحول دونه، ولم يسبق أن تم إيقاف السوق عن التداول وتعليقه ولو ليوم واحد، بما في ذلك فترة الانهيار الكبير في فبراير 2006م وما تلاه من سنوات حتى يومنا هذا، فالكل يشارك في القناعة بأن تدخل الحكومة في السوق في ذلك الوقت ليست في صالح السوق، وأنه من الضروري أن لا يتم أي تدخل في السوق، وإبقائها وفق عملها المعتاد، وأن تمضي على طبيعتها هو الأفضل، لأنها كانت في ذلك الوقت ذات أسعار متضخمة وكفقاعة أخذت شكلها الطبيعي في الانفجار. فشتان مايحدث في الصين وما يحدث في سوق الأسهم السعودية، فأسواق المال في الصين ما تزال في قمة صعودها، بينما السوق السعودية عكس ذلك، ومن يلقي نظرة فاحصة على الرسوم البيانية للمؤشرات الصينية الرئيسية سيرى أن ماحصل للصين من انهيار في أسواقها بداية من أغسطس الماضي لم يكن إلا غليانا أوليا لفوهة البركان، أخذت حممه تتطاير مع بدء العام الجديد. أما السوق المالية السعودية فلم يحصل لها مثل ماحصل للصين من تضخم للأسعار، فمنذ سنوات طويلة بقيت مؤشراتها الرئيسية في مسار أفقي، ويتخلل ذلك المسار موجات صعود ومن ثم يعقبه موجات هبوط، دون وجود محفزات قوية تدعم السوق وتُوجِد لها رواجاً وحضوراً قوياً، الى أن أتى الانتعاش في النصف الثاني من عام 2014م وبدأت تأخذ حقها من الارتفاع حتى قفزت فوق مستوى 11000 نقطة وصولاً الى 1154.29 نقطة لأعلى مستوى في 10 سبتمبر 2014 وبكميات تداول كبيرة لذلك اليوم بلغت 376.6 مليون سهم وقيمة كبيرة أيضاً وصلت الى 11.8 مليار ريال بعد السماح للمستثمر الأجنبي بالاستثمار حيث اُعتبر كمحفز للسوق، ومن ثم بدأت بالتراجع حتى وصلت الى ما تراجعت اليه حالياً. أما الآن، فان مجرد التفكير في أمر كالإيقاف، والسوق المالية في ذروة مستوياتها الدنيا ليس أمر سابق لأوانه فحسب، بل مرفوض من الأكثرية الساحقة، ولن يقف أحد معه أو يؤيد هذا التوجه، بل أقول هو تفكير ليس في محله، حتى لو كانت سوقنا المالية تقف في قمة مستوياتها، فإيقاف التعاملات هو أمر مضر وغير مرغوب به. الكل رأى بالأمس أن العوامل الضاغطة على سوق الأسهم السعودية مستمرة من نزيف لأسعار النفط والتوترات، والأخبار السيئة التي تأتي من الصين وتوابع تلك الأخبار من انعكاسات سلبية على أسواق اوروبا والولايات المتحدة، وما لحق بأسعار النفط بالأمس من هبوط والمنطقة تموج في ذروة توتراتها وأحداثها قد تكون مؤشرات أولية ربما تهوى بسعر البرميل الى مستوى العشرينات، وقد يفاقم ذلك من المخاوف على مستوى العالم، وربما يرسم خارطة أسعار جديدة للأسهم في الأسواق العالمية وأيضاً السوق السعودية، فالأغلبية تدرك أن قاع سوق المال السعودية هو قاع سعر النفط.
مشاركة :