بينما تعصف التظاهرات بإيران، قصفت طهران إقليم كردستان العراق مستهدفة المعارضة الكردية الإيرانية المنفية منذ عقود، والتي تكافح ضد تهميش الأقلية الكردية في بلدها والتمييز الذي تواجهه. وتصنّف إيران التنظيمات المسلحة الكردية الموجودة في العراق منذ ثمانينيات القرن العشرين، على أنها «إرهابية» وتتهمها بشن هجمات على أراضيها. ووصل الأمر إلى حد أن مسؤولاً عسكرياً إيرانياً اتهم تلك التنظيمات المعارضة بالتواطؤ في «أعمال شغب» خلال الحركة الاحتجاجية الضخمة التي تشهدها إيران منذ منتصف سبتمبر الماضي. ويرى عادل بكوان، مدير المركز الفرنسي للأبحاث حول العراق، أنه كان لابد من «إيجاد عدو»، مشيراً إلى أن «الحلقة الضعيفة التي يمكن ضربها دون عواقب أو ضوابط، هم الأكراد». وتحتفظ هذه التنظيمات الكردية ومعظمها ذات توجه يساري وحظيت بمباركة صدام حسين خلال الحرب العراقية ــ الإيرانية، حتى الآن بمقاتلين هم أشبه بـ «احتياط» يجري تدريبهم على حمل السلاح، لكنها أوقفت بشكل شبه تام أي نشاط عسكري منذ التسعينيات بعدما كانت، لعقود، تشن تمرداً عسكرياً، وفق خبراء. وهي تركز حالياً عملها على النشاط السياسي. ومنذ التسعينيات، يحمي «تفاهم» بين هذه التنظيمات وحكومة إقليم كردستان، وجودها «مقابل عدم انخراطها في عمل عسكري لتفادي زعزعة علاقة الإقليم مع إيران»، وفق الصحافي الكردي الإيراني رضا منوجري، الذي يعيش في العراق منذ 8 سنوات. ولا تزال الأقلية الكردية التي تعد نحو 10 ملايين نسمة من 83 مليون إيراني، تعاني التهميش. ويشرح شيفان فاضل، الباحث في معهد ستوكهولم الدولي للسلام: «في إيران، الأكراد محرومون من الحقوق السياسية والثقافية الأساسية»، مضيفاً «لا يزال حقهم في التعلم بلغتهم الأم أمراً ممنوعاً قانونياً». وتبدو الصورة قاتمة لأكراد إيران مقارنة بالأكراد في دول أخرى بالشرق الأوسط: في تركيا، دخلوا البرلمان عام 2015، وفي سورية، يتمتعون باستقلال ذاتي بحكم الأمر الواقع في شمال شرق البلاد، ولديهم حكم ذاتي في شمال العراق. ويؤكد آسو صالح، العضو في اللجنة التنفيذية في الخارج للحزب الديموقراطي الكردستاني الإيراني، أن حزبه، الذي تعرض للقصف في 28 سبتمبر «لم يستخدم أبدا الأراضي العراقية»، لشن هجمات على القوات الإيرانية. ويقول هذا المسؤول الذي يعيش في السويد إن الحزب موجود «بشكل رئيسي» في كردستان إيران ويقوم بأنشطة ينبغي أن تبقى «سرية»، فيما تتمركز في العراق فقط «الإدارة والجهاز البيروقراطي» للمجموعة. ومن السليمانية، يقول إدريس العبادي، المسؤول في حزب «كومله - كادحون» الكردي الإيراني إنه «ليس لدينا نشاط عسكري». ويلخّص سبب وجود معارضة كردية بالقول: في إيران «الأكراد مواطنون من الدرجة الثانية». ويشير الباحث في جامعة السليمانية، هردي مهدي ميكه، إلى أنه حتى في المحافظات التي يشكلون فيها غالبية «لا يشارك الأكراد في السلطات المحلية». ويشرح أن «المناطق الكردية هي الأكثر فقرا من حيث النمو الاقتصادي والبطالة». ويعبر عمال أكراد إيرانيون بشكل يومي الحدود بحثاً عن عمل بأجر يومي أعلى مما يتقاضونه في بلدهم الذي يعيش أزمة اقتصادية فاقمتها العقوبات الأميركية.
مشاركة :