امرأة في الثلاثين - سعد الحميدين

  • 1/9/2016
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

" تمييز الرواية عن الأسطورة بانتمائها إلى كاتب محدد معروف، وعن الحكي التاريخي (أو الواقعي المباشر) بطابعها الخيالي، وعن الملحمة باستعمالها للنثر، وعن الحكاية والقصة بطولها، وعن الحكي البسيط بطابعها السردي المركب". (محمد فري * محمد أحميد) *** توجهت بعض دور النشر العربية في الآونة الأخيرة إلى ترجمة أو إعادة ترجمة بعض الروايات العالمية للكُتاب العالميين، وخصوصا الروايات الشهيرة والقديمة، مثل دنكشوت لسرفانتس، وأعمال شكسبير، ومولير، ونيتشة، وميلتون، وبرخت، ومدام بوفاري لفلوبير، وربما كافة أعمال دوستويفسكي مثل الاخوة كرمازوف، المراهق، وذكريات بيت الأموات، والأبله، والجريمة والعقاب، واعمال تشالز ديكنز. قصة مدينتين، والفر توست، وفيكتور هيجو البؤساء، وعمال البحر، وأحدب نوتردام، ولم تقف عند القدماء حيث عمدت الى كتاب من العالم المعاصرين، كما هي أعمال التركية اليف شافاك، أورهان باموق، وحنيف قريش، وغيوم ميسو، وغيرهم من الشرق والغرب، فاصبح المهم الروايات في زمن التوجه إلى الرواية قراءة وكتابة. (امرأة في الثلاثين) رواية الكاتب الفرنسي أنوريه دي بلزاك، صدرت ضمن سلسلة روايات عالمية عن دار الحرف العربي، وقد تميزت بتقديم وتحليل المترجم د. رحاب عكاوي الذي عرّف بالكاتب والرواية في دراسة مطولة تضمنت إشارته التعريفية بالروائي: "يعتبر بلزاك من أشهر كتاب الرواية قاطبة، فعلى يديه اكتمل تحول الرواية من مجرد حكاية أو سرد أحداث واقعية أو خيالية إلى بناء أدبي فني متكامل يزخر بالحياة والأحداث، ويخضع لمعايير فنية جلية، وهو لم يفعل ذلك كما يفعل النقاد من طريق صياغة النظريات، وإنما صنعه عملا من طريق عشرات الروايات التي وضعها خلال حياته القصيرة التي لم تزد على واحد وخمسين عاما، وليس أدل على منزلته الأدبية من أن أعماله قد تخطت منذ أمد بعيد إطار أدب الفرنسيين، ونقلت إلى كثير من لغات العالم". وفي هذه المكانة الرفيعة تكون الصورة متسعة الإطار التي تبرز أن من استطاع أن يقدم هذه الأعمال الكثيرة التي لفتت الأنظار لم يكن إلا أنه بقدرته قد لامس في الناس ماكانوا يبحثون عنه ويريدون أن يتحسسوه باللمس والذهن ليس كتسلية وإنما كوقائع معاشة يحسها الفرد عندما تصافح عيناه تلك السطور التي كان خلفها من يدفع بقوة خارقة إلى المضي في السير لإدراك الغاية التي كانت وسيلتها تلك الكلمات المستمدة من روح خلاقة موهوبة تفجرت إبداعاً متتابعاً مع الحرص على أن تكون في جودتها متساوية وربما متخطية لأعمال سبقتها وكانت لها مكانتها العالية في أذهان المتلقين، فبلزاك " إلى جانب نقل أعماله للغات عديدة هو إلى جانب شكسبير، وديكنز أكثر الأدباء نشرا في مختلف اللغات، علما أنه عاش فترة – كما يقول دارسه ومقدمه - من أغنى الفترات التاريخية في بلاده من حيث التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ما كانت لتفلت من نظره الثاقب وفكره الوثاب" في (امرأة في الثلاثين) بالرغم من جنوحه وتوجهه إلى الرومانسية التي كانت تسود تلك الفترة بين الكتاب المشاهير إلا أن في أعماقه لم تتجذر إلا صورة الواقع الذي عجنه بالخيال والرؤى التي تضفي الجمالية ويحيل إلى التفرد بالخصوصية الدالة عليه دون سواه، فهو يرى أن الخصوصية هي الميزة التي تحدد المربع الذي يطل من خلاله الكاتب وهو فوق خشبة مسرح أعماله يقدم للمتلقي ما يقتضيه اللازم من عطاء يضيف إلى المعاني الحياتية معاني أخر لها نكهة تميزها في الفرادة الشادة بحبلها الوهمي روح المستقبل والمتلقي من كافة الأعمار المرحلية في التدرج القرائي، هو لا يكتب للنخبة فالقارىء العام هو في نظره المقياس، فلذلك كان التوجه بما تمليه عليه قناعته المتأتية من المعايشة، ولهذا كانت الصورة في الرواية تعبر عن امرأة في الثلاثين من العمر استمدها من الواقع كانت تراسله تقديرا لأعماله اللافتة، فدخل في تصور حياتها كما المحلل النفساني وسردها في اسلوب جمالي يمتاز بالمتعة والذوق الرفيع.

مشاركة :