لم يعد خافياً على أحد أهمية وسائل وبرامج التواصل الاجتماعي في حياة المجتمع، حيث أصبحت جزءاً من واقع ثقافتنا اليومية المعاصرة، ووسيلة من وسائل تدفق الأفكار والأخبار والرسائل بكل مضامينها وأهدافها ومصادرها، وبالتالي لم يعد لنا من خيار سوى الاستمرار في استخدام هذه التقنية، التي فرضت نفسها علينا بقوة، من خلال تجسيد أهميتها في واقع حياتنا اليومية، لدرجة أنَّنا أصبحنا نستيقظ عليها، ونطوي صفحة ساعات يومنا مع الانغماس في معززات ودوافع الارتباط بها، يجذبنا إليها هذا الكم الكبير من محركات الوصول إلى ما يجعلنا نشعر أننا في غاية القرب من بعضنا البعض، وفي غاية القرب من المعلومة استقبالاً ونشراً لها، حتى وصلت هذه البرامج إلى أقصى أعماق خافي وظاهر حياتنا، كما أنَّها باتت بأيدي صغارنا وكبارنا. ومن خلال هذه الأهمية لتلك الوسائل والبرامج كان هناك سباق بين الخير والشر، لاستثمار هذه التقنية ومنجزها المعلوماتي في محيط حياة الفرد والجماعة، وكالعادة كانت الغايات تبرر الوسيلة، وممَّا يؤسف له أنَّ محور الشر في كل أبعاده وصوره وغاياته كان أكثر حضوراً من غيره، والأسرع في استغلال واستثمار هذه التقنية وهذه البرامج، لتسخيرها لأهدافه السلبية، يُعزِّز ذلك عدم وجود آليات فاعلة لمواجهة تدفق ما يتم تمريره عبر هذه البرامج من معاول هدم أخلاقي وفكري في كثير من الأحيان، إلى جانب ما يتم ضخه من حرب نفسية، يُراد من خلالها بناء قناعات، وتكريس صور سلبية تؤدي في نهاية المطاف إلى إحداث شرخ وخلل في فكر المتلقي، ليصبح في النهاية أداة طيّعة وليّنة بيد من يوجه ذلك الفكر، أو تلك المعلومة، ومن ثمَّ قيادته إلى مهالك التبعية الفكرية وما يراد منها. وكما يفعل من يدس السّم في العسل، فإنَّ المعلومة كانت تصل إلى المستهدفين، مغلفة بغلاف النصيحة تارةً، وبلغة الواعظ تارة أخرى، وبلغة الفكاهة الممجوجة في أحيان أخرى، وبلغة المتباكي على واقع الأمة والدعوة إلى استنهاضها من كبوتها في أحيان كثيرة، مع وضع وزر ذلك الخلل على كاهل قادة البلاد، أو العلماء، أو المصادر الفقهية، أو حتى مفكري الوطن، إلى جانب تسفيه الموروث الفكري والثقافي، وصولاً إلى إحداث خلل في تلك الثوابت التي نشأ عليها المجتمع، ومن ثمَّ تكون الكارثة. ومن هنا أصبح من الضروري في ظل هذا الواقع وهذه الظروف، التي لا يخفى على أحد حجم ومقدار ما تشهده من حرب مفتوحة مع الأعداء ضد بلادنا بكل الطرق والوسائل، أن نعيد سياسة استخدامنا لوسائل وبرامج التواصل الاجتماعي بمزيد من التثقيف والتحصين، مع تطوير استخدامها من لغة المواجهة والدفاع إلى أسلوب الهجوم على من يريد غزو مجتمعنا فكراً وتحريضاً، ولن يتم ذلك ما لم يكون لدى شبابنا ومستخدمي هذه الوسائل الإلمام بمدلولات وأهداف تلك الرسائل الموجهة، وكيفية مواجهتها، من خلال المشاركة الإيجابية القادرة على خلق رؤية تدحض تلك الأكاذيب وما تحمله من أهداف ودسائس سلبية. نحتاج لتطوير أدوات الرقابة التقليدية ولخطاب مضاد قادر على مواجهة من يريد غزو مجتمعنا فكراً وتحريضاً تحصين الشباب في البداية قال د.أحمد الرضيمان –عضو هيئة التدريس بجامعة حائل، ورئيس الأمن الفكري بالجامعة-: "إنَّ وسائل التواصل الاجتماعي قد تستعمل في الخير ونشر العلم وتحقيق المصالح ودرء المفاسد، كما أنَّها قد تستعمل في الشر ونشر الفتن والإفساد في الأرض، وذلك يكون بحسب مستعمل هذه الوسائل وديانته وأمانته وأفكاره ورؤاه، فإن صلح استفاد منها وأفاد، وإن فسد أو جهل ضل وأضل سبيل الرشاد"، مُضيفاً أنَّ هذه الوسائل الإلكترونية قد تستعمل بكثرة من أهل الأهواء، والجهات المعادية للإسلام، لاختطاف الشباب واستغلال حداثة سنهم وجهلهم ونقص تجربتهم في الحياة وحماسهم غير المنضبط أحياناً. وأوضح أنَّ أهل الأهواء والجهات المعادية للإسلام يستخدمون في سبيل تحقيق أهدافهم تلك، الكثير من الوسائل، كالمقاطع التي ينشرونها، والأناشيد الثورية التي يسمونها بغير اسمها، كقولهم: الأناشيد الجهادية، التي تدعو الى العنف، وتخريب بيوتهم بأيديهم، وتسليط الأعداء على المسلمين، وتضييقهم على أعمال الخير في بلاد العالم، مُشيراً إلى أنَّ ذلك لا يعني المطالبة بمنع تلك الوسائل، إنَّما المطلوب ايجاد المناعة وتحصين الشباب، لئلا يكونوا أتباعاً لكل ناعق ضد الدين والوطن والقيادة. فهم سقيم وشدَّد د.الرضيمان على أهمية اغتنام تلك الوسائل في نشر العقيدة الصحيحة، وترسيخ الأمن والاستقرار، ودحض الشبهات، وبيان حسنات وفضائل بلادنا، التي نشرت التوحيد ونصرته منذ عام (ه) -ولا تزال، وستظل بإذن الله-، مُضيفاً أنَّه لا مجال للمزايدة على بلادنا وولاة أمرنا في تطبيق الشريعة ونصرة الإسلام وتحقيق التوحيد، مُبيّناً أنَّه أصبح من المفهوم ما تقوم به الجهات المعادية، ومن ورائها من الدول المتربصة بديننا ووطننا، عبر تلك الوسائل الإلكترونية وغيرها، ذلك لأنهم أعداء، وهذا هو المتوقع من العدو. وأضاف قائلاً: "إنَّ ما يقض مضاجعنا، ويدمي قلوبنا، أن يكون بعض أبنائنا أدوات للأعداء، وخنجراً في نحور أهلهم ووطنهم وقادتهم، وقبل ذلك دينهم، ويعظم الأمر حينما يُتخذ الدين سلماً وغطاءً لتلك التصرفات الحمقاء، من تكفير وتفجير وبلاء وشر"، لافتاً إلى أنَّهم يفعلون تلك الجرائم ويستدلون بالأدلة من الكتاب والسنة، وهي لا تدل على مايريدون، موضحاً أنَّ آفة القوم من الفهم السقيم، وكما قال ابن عمر -رضي الله عنه- عن الخوارج: "انطلقوا إلى آيات تنزلت في الكفار فجعلوها في المسلمين"، مؤكداً على أنَّ وجود القرآن بين الخوارج لا يبرر أفعالهم. ترسيخ التفكير الناقد وبيَّن د.الرضيمان أنَّ وجود كتاب التوحيد وغيره من كتب السلف بين الخوارج لا يبرر أفعالهم ولا يطعن في مؤلفيها -كما يتوهم ذلك من يتصيد في الماء العكر من أهل الأهواء والبدع-، مُشيراً إلى أنَّه من الواجب على أهل العلم ورجال التربية والتعليم أن يدركوا عظم المسؤولية، وخطورة اختطاف بعض الشباب من بين أيديهم الى أماكن الصراع، مُضيفاً أنَّ عليهم أن يحاوروا الشباب، ويرسخوا فيهم التفكير الناقد والشخصية الإيجابية المعتزة بدينها ووطنها وقيادتها، التي ترى الانجازات وتشارك في بنائها، الحذرة من التشاؤم والنظرة السوداوية التي تكتم الإنجازات، وتضخم الاخطاء. وأكَّد على أنَّ كثيراً من الشباب يملك حساً وطنياً متميزاً، إلى جانب سلامة توجهه، مُضيفاً أنَّه من الأهمية بمكان الإفادة منهم في وسائل التواصل، وربطهم بأهل العلم الموثوقين الراسخين في العلم، ليدافعوا عن دينهم ووطنهم عن طريق هذه الوسائل الاجتماعية الحديثة، مُشيراً إلى أنَّ الشباب لديهم النشاط والحماس، والراسخون في العلم لديهم العلم والتجربة، فندمج حينئذ قوة الشباب بحكمة الشيوخ، مُبيّناً أنَّ كل ما ينشره أعداء الإسلام، من شبهات ومقاطع وأناشيد وأباطيل، لا تصمد أمام العلم الشرعي الصحيح، لإنَّ الحق يزهق الباطل، كما في قوله تعالى: "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق". ضعف داخلي ولفت صالح العبدالمنعم، -مدرب في الإدارة العامة للتعليم بمنطقة القصيم- إلى أنَّ الأمم لم تكد تتفق على حقيقة كاتفاقها على أنَّ تدهور الأمة -أيّ أمة- لن يكون إلاَّ حين يتسرب إليها الضعف من داخلها، مُضيفاً أنَّها حقيقة قابعة في الأذهان، ومُسطَّرة في كتب التاريخ الراصدة لحال الأمم قوةً وضعفاً، مشيراً إلى أنَّ تاريخ الإسلام حافل بالنصوص والأحداث، التي تسير موازيةً لتلك الحقيقة ومؤكدة لها، موضحاً أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يرسخ ذلك المفهوم في حادثتين منفصلتين من أحداث السيرة النبوية المباركة. وأضاف أنَّه -صلى الله عليه وسلم- حين ينتدب اليهود في المدينة أحدهم ليتخلل مجالس المسلمين ويذكرهم بيوم "بعاث"، الذي تقاتل فيه الأوس والخزرج قتالاً شديداً أيام الجاهلية، ولينشد فيهم الأشعار الحماسية التي تثير الحمية، حتى ثار المسلمون ودب فيهم الشر وكادوا يقتتلون، وعندها غضب النبي -عليه الصلاة والسلام- غضباً شديداً، حين رأى الضعف والتفرق يدب بين المسلمين من داخلهم، حيث قال قولته الشهيرة: "أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم، بعد أن هداكم الله إلى الإسلام، وأكرمكم به، وقطع عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم من الكفر، وألّف بينكم؟". وأشار إلى صورة أخرى مقابلة تحدث قبيل معركة الأحزاب، حين يصل خبر نقض يهود بني قريظة لعهدهم مع المسلمين، فيرسل -عليه الصلاة والصلاة- من يتأكد ممَّا حدث، فلما جاء الوفد وأكدوا له صحة الخبر، التفت -عليه الصلاة والسلام- فرأى أصحابه على خير حال من الوحدة والوئام، فابتسم -عليه الصلاة والسلام- وبشّر المسلمين، مُضيفاً أنَّهما حدثان متقابلان يكشفان خطورة أن تتفتت الأمة من داخلها، وأنَّها إن تفعل ذلك تضعف وتخور ويتداعى عليها الأعداء من كل جانب، محذراً من أنَّ الخور الداخلي في جسد الأمة يتجلى في صور عديدة في حياة المسلمين العملية. خطاب مضاد وأكَّد فهد حمد الصقري، -مدير ثانوية الأمير فيصل بن بندر ببريدة- على أنَّه يُستحسن أن يكون أسلوب الخطاب المضاد، الذي يتم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي, موجَّه بلغة سليمة يفهمها الشخص العادي والمثقف، وأن تخلو من بعض الكلمات المستهجنة أو المثيرة للعصبيات، والتي يلمس منها لمزاً في هوية أو وطنية أو جنسية أو عقيدة الشخص، مُشيراً إلى أنَّ هذه الوسائل من أكبر الأدوات التي تؤثر على صياغة فكر الإنسان، وعلى تحديد موقفه، كما أنَّ لها دوراً كبيراً في رفع معنويات الشعوب، أو هزيمتها داخلياً، لافتاً إلى أنَّ انتصار الدول يسبقه انتصار في قوة هذه الوسائل وما تحمله من آراء وأفكار يتلقاها الإنسان أحياناً بالقبول بدون أدنى تمحيص. وأشار إلى أنَّ الدول الكبرى قبل أن تلجأ إلى الأسلوب العسكري، تُمهِّد لانتصارها باستخدام وسائل الاتصال الحديثة، لتقنع شعوبها أولاً بأهمية العمل الذي ستقوم به، ثمَّ ترسل الفكرة للمستهدف، لتوصل له من خلالها رسالة تضعف معنويات المجتمعات التي تتلقى هذه الوسائل، لتكون فريسة سهلة أمام الخصوم، وقال: "إنَّ مثل هذا الموضوع يحتاج إلى نقاش طويل ومساهمة من كل من له قدرة على صياغة نموذجاً أمثل لسياسات استخدام هذه الوسائل، لجعل هؤلاء المستخدمين يؤثرون إيجاباً، بدلاً من أن يكونوا مجرد مستهلكين أو متلقين". رقابة تقليدية وبيَّن أنَّ قدرة هذه الوسائل تكمن في أنَّها تستطيع الوصول إلى أقصى نقطة على هذا الكون يتواجد عليها الإنسان بدون حسيب ولا رقيب، لافتاً إلى أنَّ الخطورة في هذه الوسائل تأتي من عجز وسائل الرقابة التقليدية من منع تدفق هذه المعلومات، التي قد يكون فيها جزء إيجابي أو يكون فيها أثر سلبي على تماسك ووحدة المجتمع، مُضيفاً أنَّ ذلك يستدعي استخدام وسائل حديثة "تفلتر" هذا الكم الهائل من التدفق المعلوماتي، سواءً عن طريق الرقابة الذاتية -وهي الأهم-، إلى جانب محاولة كشف كل ما سيكون له تأثير على فكر الشباب وعموم المجتمع. وأضاف أنَّه ينبغي أن ننتقل من مرحلة الأخذ والتلقِّي إلى المساهمة بالعطاء والمشاركة الإيجابية، بنشر كل ما يؤدي إلى إبراز هويتنا وثقافتنا وحضارتنا للآخر، بحيث نكون أداة فاعلة وإيجابية في كل ما يفيد تطور وتحصين المجتمعات، مؤكداً على أنَّ هذه الخطوات تحتاج من الخبراء والمثقفين وأساتذة الإعلام الأخذ بالاعتبار النقاط السابقة ليحصنوا هذا المجتمع من الداخل، ممَّا يعطي هيبة له في الخارج، لافتاً إلى أنَّه ما لم تساهم هذه الوسائل في وحدة الأمة، فإنَّ أثرها سيكون سلبياً، وهو ما لا نتمناه لديننا ووطننا ومجتمعنا. بث الشائعات وأوضح مشيقح المشيقح، أنَّ الخبراء يرون أنَّ هناك سوء استخدام لوسائل الإعلام الجديد في مناقشة القضايا الاجتماعية والثقافية في المجتمع، مشيرين إلى أنَّ السبب يكمن في عدم إدراك شريحة كبيرة من المجتمع لمساوئ ومحاسن هذه الوسيلة، مُضيفاً أنَّ مواضيع الطائفية عنصر مهم للوصول إلى محاولة تدمير المجتمع وشق عصا اللحمة الوطنية، لافتاً إلى أنَّ هناك دولاً حولنا تمَّ تدميرها بسبب الطائفية، وأنَّ أعداء الوطن يحاولون تصدير هذه الطائفية إلى بلادنا، لتدمير اللحمة الوطنية، التي بناها الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله-، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل. وأضاف أنّ الأعداء يحاولون ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وعندما فشلت هذه الممارسات لجأوا إلى بث الشائعات، لتدمير الأمن في هذه البلاد الطاهرة، كما يلاحظ ذلك في التغريدات التي تبث على "تويتر" وغيره، مشيراً إلى أنَّه عندما تتعالى نبرة التشكيك والشائعات المغرضة تجاه هذه البلاد الطاهرة ولحمتها، نجد أنَّ هناك أسلوباً يتخذه أعداء هذا الوطن وينساق له الضعفاء والبسطاء، الذين لا يستوعبون هذه الحركات والممارسات، وذلك من خلال التشكيك بالعقيدة الإسلامية الصحيحة، التي تمثل الحصن الحصين لهذه البلاد. وأكَّد على أنَّ هذه المحاولات -ولله الحمد- تبوء بالفشل، عندما تستهدف التشكيك بالعلماء وولاة الأمر، من خلال انتقاد العلماء، لبث الفرقة لدى هؤلاء الشباب الذين لا يستوعبون هذه الممارسات الماكرة، وقال: "كما هو معلوم، فإنَّ التشكيك بالعلماء هنا هو الخطر الحقيقي على المجتمع، لذلك يجب على المصلحين أن ينتبهوا للأمر، وعدم السماح لمثل هذه التجاوزات، فنحن -ولله الحمد- نرى أنَّ بقاء اللحمة الوطنية تنبعث من بقاء وقوة التلاحم بين الراعي والرعية، وبين العلماء، لذلك فهم يرون أنَّ هذه الأمور هي أهم المسببات لخلخلة المجتمعات العربية، ومن ضمنها المجتمع السعودي المتماسك بعقيدته وأخلاقه. مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد أوضح صالح العبدالمنعم، مدرب في الإدارة العامة للتعليم بمنطقة القصيم، أن وسائل التواصل الاجتماعي التي بين أنامل شبابنا، تتربع على قائمة المسؤولين عنها، لافتاً إلى أنه في الوقت الذي يتناقل فيه الشباب بسذاجة ظاهرة كل ما يقع تحت أبصارهم من المقالات والطرائف والصور والتعليقات ومقاطع الفيديو، فينشرونها بلا وعي ولا تمحيص، فإن الشباب هنا يكونون عنصراً يروج بضاعة أعداء أمته ووطنه من حيث لا يشعرون أنها تكون قد تم تصميمها في دهاليز الأعداء، الذين يتربصون بنا ويحاولون تحطيم الروح المعنوية لدينا. وبين أن هناك صوراً أخرى مما يتم ترويجه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تحمل في طياتها النيل من العلماء والناصحين الذين يحوطون المجتمع بنصحهم وتوجيههم، ما يدعو الشباب للالتفات إلى النكرات والمجهولين، الذين ينشرون ضلالاتهم، ويعملون على انحراف الشباب وإيقاعهم في فخاخ الأفكار الضالة والأهواء المنحرفة، مؤكداً أنه حينما تروج المقالات والطرائف التي تجرئ العامة على حكامهم، وتدعو للاستخفاف بأحكام الشريعة والأنظمة الضابطة للمجتمع، فإن الوهن يدب حينها في المجتمع، وتكون الأمة على حافة الانهيار. وأكد أن الشريعة العظيمة جاءت لتعظيم أمر الحاكم والسمع والطاعة له وتحريم الخروج عليه، بل والصبر على ما يصدر منه من ظلم أو ضيق، إذ إن مصلحة الجماعة مقدمة على المصلحة الفردية، وقائمة الأشواك التي توهن جسد الأمة تطول لتشمل خطورة الشائعات صناعةً وترويجاً، وتجيء الشريعة بالتشديد في أمر التثبت وعدم الانجرار خلف الأخبار، خصوصاً حين يكون راويها فاسقاً أو غير معروف، لافتاً إلى أن نصوص الشريعة تبدع في وقاية الأمة من التنازع والتفرق، فتفتح المجال مشرعاً للتعايش بين أصحاب الديانات المختلفة، كل له حقوق وعليه واجبات، ولا إكراه في الدين، إذ للكافرين دينهم ولنا ديننا، وكل صوت يدعو إلى الطعن في وحدة المجتمع هو صوت نشاز يجب ضربه دون هوادة. تعزيز الهوية الذاتية وقيم المواطنة الحقيقية أوضح فهد حمد الصقري، مدير ثانوية الأمير فيصل بن بندر ببريدة، أن هذه الأيام تشهد ثورة في عالم الاتصالات، ما استدعى بدء نشوء ثقافة جديدة باستخدام هذه الوسائل الحديثة، لافتاً إلى أن هذه الثقافة التي بدأت تنشأ بين مختلف الأجيال، تستدعي من علماء الفكر والثقافة والاجتماع وعلماء النفس إعطاء هذه الظاهرة ما تستحقه من دراسة، من أجل أن تستخدم هذه الوسائل فيما يعزز الهوية الذاتية لهذا المجتمع ويعزز أيضاً قيم المواطنة الحقيقية، التي ستعيد صياغة توجهاتنا وأفكارنا ونظرتنا إلى طبيعة أوضاعنا، ثم إلى العلاقة بين مكونات هذا المجتمع. وأضاف أن هذا يستدعي من الخبراء أن يعطوا هذا الموضوع ما يستحقه من اهتمام ومعالجة، سواء على مستوى الأسرة أو على مستوى المدرسة والجامعة، أو على المستويات الأخرى، إلى جانب وضع إشارات أو ضوابط منهجية توضح مسار طريقة التعامل مع وسائل التواصل الحديثة. وقال: "إن هذا لا يعني وضع القيود المحكمة على هذه الوسائل، بقدر ما يعني إعطاء الفرد فرصة التحكم بطريقة التعامل الإيجابية لمثل هذه الوسائل". وأشار إلى أن من تلك التي يجب أن تنال نصيبها من التعليم والتثقيف لهؤلاء المستخدمين، عدد من الضوابط والمرتكزات منها ما يخص المحتوى، بحيث يتعلم الأفراد أنه لا يمكن المساس بأي شيء يتعرض للوطنية أو العنصرية أو الطائفية، التي تعد من القضايا ذات الخط الأحمر، مشدداً على أهمية تعلم النشء هذه الثقافة، من خلال التعليم في بعض حصص مادة الوطنية أو حتى اللغة العربية والأدب، أو حتى أحياناً حصص المواد الدينية.
مشاركة :