المضادات الحيوية الذكية ومقاومة الجراثيم الأكثر ذكاء

  • 1/9/2016
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

يظن البعض أن المضادات الحيوية تُعدّ بمثابة حل سريع وسهل الاستخدام في كثير من حالات الالتهاب، حتى انه قد أصبح أصحاب المنزل يصفون هذه المضادات لبعضهم البعض ولمن يعرفونهم ويبقونها في متناول اليد ليتم استخدامها عند أول ظهور لأعراض التهاب أو حرارة بدون الوعي بنتائج هذه الممارسة الخاطئة، والخطيرة جدا. ما لا يعلمه الكثير من الأشخاص، أن الجراثيم ذكية جداً!.. وهي قادرة على مقاومة المضاد وإبطال فعاليته بعد استخدامات متعددة، لذلك، تعد مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية من أكبر سلبيات وأضرار الاستخدام غير الصحيح لها، فما يحدث فعلياً هو التالي: في كل مرة تتعرض الجراثيم في جسم الإنسان إلى المضاد الحيوي تبدأ بالتعرف عليه تدريجياً وعلى طريقة عمله ثم تقوم بتغيير تكوينتها الجينية تبعا لذلك بحيث تصبح المضادات غير فعالة في حالات هجومها المقبلة عليها، يكون ذلك إما لعدم قدرة المضادات الحيوية على الوصول والتواجد بتركيز عالٍ داخل الخلايا الجرثومية أو لأنه يتم إبطال مفعولها تماما من قِبَل إنزيمات تفرزها الخلايا الجرثومية، أشهر الأمثلة عليها هي بكتيريا (ESBL) المقاومة لمعظم المضادات في مجموعة (البيتا لاكتامز)؛ أو لأن الجرثومة تُغير تركيبة البروتين بداخلها والذي يعمل المضاد عليه بشكل أساسي فيؤدي ذلك إلى عدم تعرف المضاد عليها وبقاء الجرثومة حية، ومن أشهر الأمثلة على ذلك هي بكتيريا (MRSA)، فيكون الوضع تماما كمحارب يهجم دائما بنفس الأسلحة ونفس الخطط على عدوٍ اعتاده وكشف كل نقاط قوته واستعد له بخطط بديلة تفاجئه. بعد الدراسات المتعددة، ثبت أنّ العوامل المحفزة على المقاومة هي إما بسبب عدم وجود أو عدم تطبيق المعايير التنظيمية للسيطرة على انتشار الاتهابات ومكافحة العدوى في المستشفيات وسهولة وصفها وصرفها، بالإضافة إلى عدم وعي مقدم الرعاية الصحية الذي يصف المضاد الحيوي بحجم المشكلة إن وقعت، وكذلك عدم وعي المستهلك في المجتمع والذي عادة ما يكون المريض نفسه أو من حوله بمضار الاستهلاك الخاطئ. إن الاستهلاك الخاطئ للمضاد يكون إما بزيادة وتكرار الاستخدام، أو في حال إعطاء جرعات أقل من الجرعات الفعالة أو في حالات الاستخدام لمدة أقل أو أكثر من المدة المعتمدة في المعايير العالمية لعلاج الالتهاب.، تماماً كما لو كان المحارب يخوض معركة بعدد قليل من الأسلحة أو لمدة أقل من المدة اللازمة للقضاء على العدو.. أو حارب لمدة طويلة لدرجة أنه تعب وانكشفت جميع خططه وأصبح من السهل مقاومته، ويمكن أن تحدث هذه المقاومة عند أي شخص دون استثناء، فتصبح الحلول لالتهاباته محدودة إنْ أصيب بها في وقت لاحق – لا قدر الله -. إن حدوث المقاومة أمر جلل!.. حيث ان ذلك يقلل من الخيارات العلاجية الفعالة ضد الالتهابات مع العلم أن معظم الالتهابات تعتبر حالات طارئة (إن لم تكن خطيرة) ولابد من علاجها لتفادى مضاعفاتها الشديدة، كما أنّ الوقت اللازم لاكتشاف ودراسة واعتماد أي دواء بديل ليصل إلى ساحة التسويق والاستخدام في المؤسسات الصحية يستلزم بمعدل يتراوح بين 7 إلى 10 سنوات على الأقل، والتي تعتبر مدة طويلة لانتظار حلّ بديل لمضاد حيوي أصبحَ مقاوَماً من معظم الجراثيم. لمقاومة المقاومة ضد المضادات الحيوية، على المؤسسات والأطباء أن يطبقوا معايير الاستهلاك لها في المؤسسات الصحية مع وضع ضوابط لوصفها ومدة صرفها، بالإضافة إلى دقة اختيار المضاد الحيوي بناء على نوع الجرثومة المصاب بها المريض فور العلم بها، كما أنه علينا كأفراد في المجتمع أن نتعامل معها على أنها خطوط دفاعية/علاجية ثمينة جداً وخطيرة بنفس الوقت بحيث لا يتم المساس بها إلا تحت إشرافٍ واعٍ من مقدم الرعاية الصحية واستخدام صحيح ودقيق من المستهلك أو من يقوم على رعايته. * قطاع الرعاية الصيدلية

مشاركة :