القاهرة - اعتبر وزيرا خارجية مصر واليونان الأحد أن مذكرة التفاهم الموقعة بين سلطة طرابلس وتركيا بشأن التنقيب عن النفط والغاز في المتوسط "غير قانونية". وقال وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس خلال زيارة للقاهرة إن هذه الاتفاقية "تهدد الاستقرار والأمن في البحر المتوسط"، مضيفا أن طرابلس "لا تتمتع بالسيادة على هذه المنطقة" التي وقعت اتفاقية التنقيب فيها، مؤكدا أنها "غير قانونية وغير مقبولة". وقال ديندياس "سنلجأ إلى كل الوسائل القانونية من أجل الدفاع عن حقوقنا". وشدد وزير الخارجية المصري سامح شكري على أن حكومة طرابلس "المنتهية ولايتها ليس لديها الشرعية لتوقيع مثل هذه الاتفاقيات". ومذكرة التفاهم التي وقعت الاثنين الماضي خلال زيارة وفد تركي رفيع المستوى لطرابلس برئاسة وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، جاءت بعد ثلاث سنوات على إبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية المثير للجدل في 2019 والذي أثار حفيظة الاتحاد الأوروبي حينها. ويسمح الاتفاق البحري لأنقرة بتأكيد ما تقول إنها حقوقها في مناطق واسعة في شرق البحر المتوسط، الأمر الذي يثير استياء اليونان والاتحاد الأوروبي. وتعتبر قبرص واليونان وأيضا مصر أن اتفاق 2019 ينتهك حقوقها الاقتصادية في هذه المنطقة حيث أثار اكتشاف حقول غاز شاسعة في السنوات الماضية مطامع دول المنطقة. ومقابل هذا الاتفاق، ساعدت تركيا عسكريا حكومة طرابلس السابقة في صد هجوم منتصف عام 2020 على العاصمة شنه رجل الشرق القوي المشير خليفة حفتر. وأرسلت أنقرة إلى ليبيا آنذاك مستشارين عسكريين وطائرات مسيرة، ما أتاح إلحاق سلسلة هزائم على أبواب طرابلس بقوات المشير حفتر المدعوم من روسيا ومنافسين إقليميين لأنقرة. ورفض الاتفاقية كذلك رئيس مجلس النواب ومقره شرق ليبيا، وحكومة فتحي باشاغا المعينة من قبل المجلس، معتبرين أن توقيع الاتفاق "غير قانوني و"مرفوض". وتتنافس حكومتان على السلطة في ليبيا منذ مارس/اذار، الأولى هي حكومة طرابلس التي ولدت عام 2021 كجزء من عملية سلام برعاية الأمم المتحدة ويقودها عبدالحميد الدبيبة، والثانية يقودها منذ مارس/اذار 2022 وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا بدعم من حفتر. وكان باشاغا ذاته مقربا من تركيا حين كان وزيرا للداخلية في حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج والتي وقعت مع تركيا اتفاقية ترسيم الحدود البحرية كمكافأة لأنقرة على تدخلها العسكري لإنقاذها من السقوط. ويخوض الطرفان صراعا على الشرعية، حيث يتمسك الدبيبة بعدم تسليم السلطة إلا لحكومة شرعية ويرفض الاعتراف بشرعية حكومة باشاغا المعينة من قبل البرلمان. وتقول الأخيرة إن حكومة الدبيبة انتهت ولايتها بمجرد فشل إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في نهاية العام الماضي، وبالتالي لا تمتلك الأهلية القانونية لتوقيع أي اتفاق مع أي جهة. وأظهرت تركيا انحيازا على ما يبدو للدبيبة في صراعه مع باشاغا، بينما سبق لرئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها أن دافع بشدة عن اتفاقية ترسيم الحدود التي وقعتها أنقرة وطرابلس في 2019 على الرغم من اعتراضات قادتها فرنسا واليونان ومصر ودول الاتحاد الأوروبي. ومن شأن الاتفاقية الأخيرة بين أنقرة وطرابلس أن تؤجج الانقسامات والصراعات في ليبيا وكذلك التوتر في شرق المتوسط.
مشاركة :