اتجاه لنشوء نموذج جديد للرأسمالية «1من 2»

  • 10/13/2022
  • 23:10
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في كتاب صدر في 2014، يزعم الاقتصادي الحائز جائزة نوبل جوزيف ستيجليتز وبروس جرينوالد، أن النعمة المجتمعية الأعظم أهمية على الإطلاق هي القدرة على التعلم. اليوم، بات من الواضح على نحو متزايد أن "مجتمع التعلم" لم يوجد فحسب، بل بدأ يدفع اقتصاداتنا إلى الأمام. منذ القرن الـ 19 حتى نحو 25 عاما مضت، استثمرت الشركات بشكل كبير في البنية الأساسية المادية والآلات، من السكك الحديدية إلى المركبات. لكن على مدار ربع القرن الأخير، ارتفع الاستثمار فيما يسمى الأصول غير المادية ـ مثل الملكية الفكرية، والبحوث، والبرمجيات، والمهارات الإدارية والتنظيمية ـ إلى عنان السماء. وجد بحث حديث أجراه معهد ماكينزي العالمي أن الأصول غير المادية كانت بحلول 2019 تمثل 40 في المائة من كل الاستثمارات في الولايات المتحدة وعشرة اقتصادات أوروبية، بزيادة قدرها 29 في المائة مقارنة بـ1995. ويبدو أن الاستثمار في الأصول غير المادية ارتفع مرة أخرى في 2020 مع تسارع التحول الرقمي في الاستجابة لجائحة مرض فيروس كورونا 2019 كوفيد - 19. ونحن نعتقد أن هذا الاتجاه يلمح بقوة إلى نشوء نموذج جديد للرأسمالية، حيث يقاس نجاح الشركات من خلال مهارات موظفيها وقدراتهم أكثر من آلاتهم أو منتجاتهم أو الخدمات التي يقدمونها. نعتقد علاوة على ذلك أن التراجع عن هذا الاتجاه أمر غير وارد. الواقع أن شركات مثل "أمازون"، "أبل"، "فيسبوك"، و"مايكروسوفت" تزداد توسعا بشكل كبير وتحقق نموا مفرطا. لعل الأصول غير المادية هي التي تدفع هذه الظاهرة. فمن المؤكد أن هناك علاقة ارتباط بين الاستثمار في الأصول غير المادية وزيادة الإنتاجية والنمو. وجد بحث معهد ماكينزي العالمي أن ما تستثمره الشركات في الربع الأعلى للنمو في الأصول غير المادية يعادل 2.6 ضعف ما تستثمره أدنى 50 في المائة من الشركات. على نحو مماثل، سجلت القطاعات الاقتصادية التي استثمرت أكثر من 12 في المائة من إجمالي قيمتها المضافة في الأصول غير المادية، نموا أسرع بنحو 28 في المائة مقارنة بالقطاعات الأخرى. كما أن الاقتصادات حيث يتزايد الاستثمار في الأصول غير المادية، تسجل نموا في إنتاجية عوامل الإنتاج الكلية. والجدير بالذكر أن الشركات الوحيدة التي تمكنت من الحفاظ على معدلات النمو لـ 2019 بعد اندلاع الجائحة في أوائل 2020، كانت تلك التي استثمرت بشكل كبير في النطاق الكامل من الأصول غير المادية، الإبداع، والبيانات والتحليلات، ورأس المال البشري والعلامة التجارية. في عالم غير مادي، ومتحول رقميا، وتدفعه المعرفة، سيزداد ارتباط عائدات الشركات وإنتاجيتها ونموها الاقتصادي بمثل هذه الأصول. لكن إطلاق العنان لقيمتها الحقيقية يتطلب ليس فقط الاستثمار فيها، بل يستلزم أيضا تطوير المهارات والدراية الإدارية، أو رأس المال البشري اللازم لاستخدامها والاستفادة منها بفاعلية. يشير استطلاع أجراه معهد ماكينزي العالمي وشارك فيه أكثر من 860 مسؤولا تنفيذيا إلى أن الفارق الرئيس بين الشركات سريعة النمو والشركات بطيئة النمو، هو أن الأولى لا تكتفي بزيادة الاستثمار في الأصول غير المادية وتقدير أهمية تعزيز الميزة التنافسية، بل تركز أيضا على توظيفها بفاعلية... يتبع.

مشاركة :