رغم المكانة المتقدمة التي وصل إليها الفنان الإماراتي في شتى المجالات، تبقى إطلالته الموسيقية خجولة مقارنة بغيرها، فعدد الموسيقيين الإماراتيين معدود على الأصابع، ومشاركاتهم الفنية كعازفين تعد ضئيلة، رغم ما يمتلكونه من إبداعات ومواهب. فما السبب وراء إطلالة الموسيقي الإماراتي على استحياء، وهل يلقى دعماً من المجتمع، وإلى أي مدى يمتلك الجمهور ثقافة موسيقية سماعية لا يتسلل إليها الغناء من هنا أو هناك؟ البيان تواصلت مع موسيقيين إماراتيين على هامش مشاركتهم في مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية، ليؤكدوا بأن الجمهور يفتقر للثقافة الموسيقية، لافتين إلى عدم تعامل المدارس بجدية مع حصص الموسيقى، ومطالبين بأكاديميات تعزز المواهب وترقى بالذائقة السمعية، ما يشجع أبناء الدولة على الاحتراف في هذا المجال. جهل أكد عازف العود والمؤلف الموسيقي علي عبيد، أن الجمهور يعاني الجهل بالموسيقى، وقال: الجمهور لا يمتلك الثقافة الموسيقية، ودائماً ما يربط العزف على العود بالغناء، فأنغام العود وحدها لا تكفيه، ليبحث دائماً عن الغناء، ما جعل السوق متخماً بالأصوات على اختلاف جودتها ومستواها، لافتاً إلى أن ما نسبته 80% من الجمهور لا يمتلك ثقافة موسيقية، وهذا ما يجعل النخبوية طاغية في هذا الجانب. وذكر علي أن الجهل بالموسيقى ليس عيباً، وقال: أسعى بشكل دائم لتقديم خبرتي في مجال العزف على الآلات الموسيقية للناس، من خلال التعريف بعازف الصوليست والقطع الموسيقية والمقامات وغيرها، وهذا دوري كموسيقي. تهميش وعن سبب قلة الوعي الموسيقي قال: تختلط المفاهيم في بعض المجتمعات، ما يجعل النظرة للموسيقى يشوبها بعض الخلل والقصور، بالإضافة إلى أن مدارسنا تُهمش الحصص الموسيقية، لينشأ جيل لا يعرف قيمة الموسيقى ولا يقدر أهميتها، وهذه مشكلة كبيرة. وطالَب علي بتفعيل الحصص الموسيقية في المدارس، مؤكداً على ضرورة دعم الهيئات الثقافية للمبدعين، ومنادياً بالبحث عن المواهب وتنميتها لينشأ بيننا موسيقيون كبار يمثلون دولتهم، مشيراً إلى وجود عدد كبير من الموهوبين العازفين على آلات موسيقية متنوعة كالعود والقانون والناي، ولكن ليس هناك أي جهة تدعمهم، ما يجعل من وجود الأكاديميات ضرورة. وعن مشاركته في مهرجان الشارقة للموسيقى العالمية قال: سأقدم 3 مقطوعات، الأولى بعنوان حكاية وطن، بالإضافة إلى مقاطع أخرى سماعية بنكهة عالمية وبتوزيع غربي. مستقبل مجهول عبرت المطربة وعازفة الغيتار أروى أحمد عن ضيقها من الاستهتار الذي يتم التعامل به مع الموسيقى وقالت: على الرغم من تطور جميع أنواع الفنون لدينا، إلا أن النظرة للموسيقى لا تزال قاصرة، إذ يُنظر إليها على أنها أسهل الطرق للحصول على المال، وهذا أمر مؤسف. وأكدت أروى أن شغفها بالموسيقى دفعها للاتجاه نحوها بكل عاطفتها، رغم أنها خريجة علاقات دولية، وقالت: سعيتُ لدراسة الموسيقى كتخصص جامعي، ولم تعارضني عائلتي، لكني سُئلت عن مستقبلي في هذا المجال، ووقتها لم أجد إجابة، لألتحق بتخصص العلاقات الدولية، ويبقى الحلم بدراسة الموسيقى أكاديمياً هاجساً يلاحقني. وذكرت أروى أن المجتمع لا يمتلك الثقافة الموسيقية، والسبب يعود لعدم الاكتراث بالموسيقى أكاديمياً، وقالت: تعلمت العزف على الغيتار بنفسي، ولكن رغم براعتي فيه، إلا أنني لا أجرؤ على النقاش مع المختصين فيه حوله، كوني لم أدرسه ولا أمتلك الدراية الكاملة به. وأشارت إلى أن الدولة أكبر داعم للمواهب، لافتة إلى أن تخصص الموسيقى بدأ ينتشر في الآونة الأخيرة، وهذا أمر مبشر بالخير. استهتار التعامل بجدية مع الموسيقى أمر ضروري، هذا ما أكده المطرب وعازف العود حسن علي، لافتاً إلى أن قلة عدد الموسيقيين الإماراتيين ترجع إلى عدم وجود أكاديميات موسيقية، والاستهتار في تدريسها منذ الصغر، وقال: درسنا الموسيقى في المرحلة الابتدائية فقط، ولم تكن الحصص نظامية كحصص الرياضيات والتاريخ، بل كان فيها الكثير من الاستهتار، ما جعل الطلاب يتهاونون بها. ولفت حسن إلى ضرورة فرض الموسيقى كتخصص أكاديمي كما يحدث مع الطب والهندسة وغيرهما، وطالَب بأكاديمية تتبنى المواهب وتنشر الثقافة الموسيقية، مشيراً إلى أن البيئة الفنية ترتقي بالذوق والإبداع. وأوضح أن المرحلة التي وصل إليها الموسيقيون المحليون كانت باجتهادات شخصية، وقال: وصلنا في دولتنا إلى القمة في كافة المجالات، فماذا ينقصنا حتى نمتلك أكاديمية موسيقية تصل بالمواهب الحقيقية إلى الاحتراف؟ وعما إذا كان المجتمع يتقبل الموسيقي المحلي قال: مجتمعنا يتقبل ويدعم المبدع، وبالنسبة لي، أسعى دوماً لتقديم ما يليق بالمجتمع، وأحرص على التجديد والابتكار في فني. إيقاعات إماراتية وتركية في الشارقة للموسيقى من جزيرة العلم، وفي مهرجان الشارقة للموسيقى العربية انبعثت الموسيقى التركية لتعانق الفن الإماراتي الأصيل، إذ أطلت مساء الأول من أمس فرقة الثلاثي تقسيم التركية، لتقدم مقطوعات متميزة عزفها الموسيقيون حسين سينلنديريسي على آلة الكلارينت، واسماعيل تونكبيلك على آلة البزق، وآيتاك دوغان على آلة القانون، فقدموا خليطاً موسيقياً كلاسيكياً تنوع بين الغربية والشرقية، وحازت مقطوعاتهم على إعجاب الجمهور الذي تفاعل مع موسيقاهم بحواسه ومشاعره. كما تألق المطرب وعازف العود حسن علي بصوته الذي عانق أوتار العود، ليؤكد على حضور الفن الإماراتي وتفرده، وغنى بعض أغنيات الزمن الجميل مثل سيدي يا سيد ساداتي، ويا طيب القلب، وهات القلم، وإلي نساك نساه، وأبهر الجمهور ببراعته وحضوره.
مشاركة :