القرآن الكريم من أوله لآخره يدور حول أمور ثلاثة: توحيد وأحكام وقصص، فهو مليء بالقصص التي فيها من العظات والعبر ما ينير طريق كل مسلم، ونحن قبل ذلك مطالبون بتدبر القرآن وتعلمه والعمل به، ففي سورة القصص عندما خرج موسى عليه السلام من مصر متوجها الى مدين دروسٌ وعبرٌ حري بالمرأة المسلمة أن تعيها وتعمل بمقتضاها. ففي هذه القصة نرى أن موسى عليه السلام عندما ورد ماء مدين وجد رجالاً يخرجون الماء من البئر للسقيا ووجد بعيداً عنهم في إحدى النواحي امرأتين واقفتين وهذا دليل على أنهما لا تريدان الاختلاط بالرجال (لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء) وبينتا سبب خروجهما أن أباهما رجل كبير في السن ولا يوجد لهما أخوة ذكور (وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ)، وفي خروجهما معاً للسقيا سد لحصول الخلوة من إحداهما بأحد من الرجال، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: (ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما) ولعل مجيئ إحداهما الى موسى دون الأخرى اختبار لأمانته وأخلاقه (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء)؛. فالاستحياء والحياء من أجمل صفات المرأة وحتى في التخاطب مع الرجل الأجنبي يجب عليها التأدب في الحديث لكي لا يفهم الأمر على غير مراده، فأشارت إلى أن الدعوة من أبيها (قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَمَا سَقَيْتَ لَنَا)، ونلاحظ حرصهما الشديد على عدم الخروج إلا للضرورة، فلما رأت إحداهما من موسى عليه السلام القوة عندما سقى لهما، ورأت منه الأمانة عندما أتت إليه لوحدها أشارت إلى أبيها أن يستأجره للسقيا ورعي الغنم لهم بدلاً من خروجهما، وهذا دليل على أن الأصل في المرأة بقاؤها في البيت وعدم الخروج منه إلا إذا دعت الحاجة (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ). فلعلكِ أختي المسلمة أن تراجعي نفسك وتحاولي عمل مقارنة بين حالك في الخروج من البيت وركوبك مع السائق لوحدك والحديث مع الرجال ومخالطتهم في الأسواق وغيرها وحال هاتين الفتاتين. فشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه.
مشاركة :