احترت وترددت من أين أبدأ في موضوع الفلسفة، الموضوع شائك ومتشعّب. في البداية دعونا نتعرَّف من أين جاءت كلمة فلسفة؟ وكلمة فلسفة (philosophia) هي كلمة يونانية قديمة مركبة من مقطعين، هما (فيلو) بمعنى حب أو محبة، و(سوفيا) بمعنى حكمة، وتفسيرها: محبة الحكمة، فلما عُرِّبت قيل: فيلسوف؛ فالفيلسوف هو محب للحكمة، والمقصود بالحكمة: المعرفة العقلية الراقية، والإدراك الكلي للحقائق. أما تفسير الفلسفة لغوياً فهي Philo-Shophia» والتي تعني حبّ الحكمة، وفي اختصار كلمة الفلسفة: كَلِمَةٌ تَعْنِي فِي الأَصْلِ الْحِكْمَةَ، مَحَبَّةَ الْحِكْمَةِ، وَصَارَ يُقْصَدُ بِهَا كُلُّ الأَفْكَارِ الْمُسْتَنْبَطَةِ بِالْعَقْلِ وَإِعْمَالِ الْفِكْرِ حَوْلَ الْمَوْجُودَاتِ وَمَبَادِئِهَا وَعِلَلِهَا الفلسفة هي سلاح العقل لفحص الآراء والأفكار التي تصل إليه من الآخرين ونقدها وتمحيصها وفلترتها، يتساءل البعض عن مفهوم الفلسفة في الإسلام الكلمة الأقرب لكلمة فلسفة هي كلمة «حكمة»، وهي مستخدمة في النصوص الإسلامية الأساسية (القرآن والسنة)، لهذا نجد الكثير من الفلاسفة المسلمين يستخدمون كلمة «حكمة» كمرادف لكلمة «فلسفة» التي دخلت إلى الفكر العربي الإسلامي. كلمة «الفلسفة» هي كلمة يونانية الأصل. هل توجد فلسفة في الشريعة الإسلامية للشيخ ابن عثيمين - رحمه الله-. فكان ردة الفلسفة بحث يوناني مستقل يتعمّق فيه أصحابه حتى يؤول بهم إلى تحكيم العقل، ورد ما جاء في الكتاب والسنة، والفلسفة على هذا الوجه منكرة لا يجوز الخوض فيها ولا الدخول فيها، وأما الفلسفة بمعنى الحكمة فهذه موجودة في الشريعة الإسلامية والشريعة الإسلامية كلها مبنية على الحكمة.. قال الله تبارك وتعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (50) سورة المائدة. لقد حاول الفلاسفة المسلمون أمثال: الكندي والفارابي وابن سينا، التوفيق بين الإسلام وبين الفكر اليوناني لكن دون جدوى ولم يفد من هذه المحاولات أي من الجانبين، ولا شك أن هذه نتيجة منطقية، فإن من أهم أسباب التضاد بين الطّرفين هو التناقض فيما تخص الأسس والغايات والوسائل، فكان من المستحيل التوفيق بين دين مصدره الإله وفكر مصدره الإنسان. للأسف تحول هذا المفهوم في عصرنا الحالي إلى أن الإنسان الفيلسوف هو ذلك الشخص الذي يدّعي العلم بكل شيء ويجيد فعل أي شيء وهناك من توسع في تعريف الشخص المتفلسف فأضاف له الشخص المتكبِّر الذي يحب أن يرى الناس ما عنده وهو منتشر في كل الأوساط. وهم في الواقع ينصبون أنفسهم على أنهم حكماء. وهذه الكلمة منتشرة في تفاصيل حياتنا الاجتماعية. ونقول: لا تتفلسف. مع العلم بأن الفيلسوف يقدّم حلولاً وأفكاراً غير متوقَّعة. ترى هل هناك طريقة للتعامل مع الفيلسوف؟ هناك طرق ومنها، عامله بلباقة ولطف وأظهر مواقفه السلبية بذكاء ووجه إليه أسئلة حول الموضوع الذي يتحدث عنه. فربما لديه الحل للجواب. إنّ مادة الفلسفة إحدى المواد التي درسها المسلمون، لأنها عبارة عن «معرفة الحقائق عن طريق العقل»، منوهًا إلى أنّ المسلمين مارسوها قديمًا وحديثًا وهضموا الفلسفات الأخرى اليونانية والرومانية وحتى الهندية، وأكسبوها الصبغة الإسلامية. الفلسفة مفاتيح العقل الناقد، والعقل المتسائل والعقل المفكر ومدى انعكاسات ذلك على سلوك الإنسان. من الطبيعي أنْ نواجه الإنسان المتفلسف في حياتنا والذين يفرضون وجهات نظرهم ويظنون أنهم على حق لذا علينا أنْ نحاورهم ونضع النقط على الحروف ونصل معهم إلى النهاية التي لا يحبونها. إن عبقريتي تكمن في أنفي إنني أتشمم آفات البشر) الفيلسوف الألماني نيتشه. (مِنَ العدل أن يأتي الرجل من الحجج لخصومه بمثل ما يأتي به لنفسه) ابن رشد فقيه مسلم. علينا التمتع بحسن الاستماع للإنسان الفيلسوف فربما لديه الحكمة والدراية التي نجهلها فالعجلة على الحكم على الآخرين طريق شائك. وعلينا ألا نرمي بعضنا البعض ونقول: هذا يتفلسف. فالفلسفة الإسلامية هي الحكمة. قال أحمد شوقي (فخذوا العلمَ على أعلامه واطلبوا الحكمةَ عندَ الحكماء). تدريس الفلسفة أي فلسفة يجب أن يتم تدريسها: الفلسفة الغربية الفلسفة العربية الإسلامية، أو شيء يجمع بين جميع التقاليد الفلسفية؟ بالتأكيد الفلسفة الإسلامية هي الأولى والأجدر أن تّدرس. من قراءاتي هناك تخصصات كثيرة في علم الفلسفة ومنها علم الأخلاق، والفلسفة الاجتماعية، والفلسفة النظرية، وفلسفة الثقافة، وفلسفة السياسة، وفلسفة العلوم، وفلسفة الجمال، والفلسفة الطبيعية، وفلسفة اللغة، إضافة إلى أنها تتقاطع مع علم النفس والاجتماع. (حسبنا ما كُتِب من شروح لمذاهب القدماء، فقد آن لنا أن نضع فلسفة خاصة بنا) ابن سينا. أخيرًا عمرها لا يتجاوز السنتين (نوفمبر 2020) هي جمعية الفلسفة السعودية وهي أول جمعية تعنى بالشأن الفلسفي تهدف إلى تمكين المهتمات والمهتمين بالفلسفة من المشاركة المجتمعية في المجال الفلسفي. رؤيتها واضحة أن تساهم الفلسفة في رفع مستوى الوعي الإنساني والأخلاقي لتعزيز قيم التعايش والتسامح في المجتمع من خلال الحوار وبناء المعرفة وتطوير مهارات التفكير، ومن أهدافها التأهيل الثقافي والفني لفئات المجتمع المختلفة في مجال الفلسفة وابراز الجانب الإبداعي لدى الفلاسفة والمثقفين وتمكين الكفاءات الشابة من المساهمة في الحركة الفلسفية والثقافية ودعم المبادرات الثقافية في مجال الفلسفة.
مشاركة :