تبرز أهمية القمة العالمية للاقتصاد الأخضر التي عقدت في دبي يوم 28/ سبتمبر/2022 من طبيعة الموضوعات التي نوقشت فيها وتركزت حول أربعة محاور رئيسة: الطاقة، التمويل ،الأمن الغذائي، والشباب. بالإضافة إلى أنها تعقد في ظل تنامي حضور منطقة الشرق الأوسط على أجندة الاستدامة العالمية، حيث تستعد جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات لاستضافة الدورتين الـ27، والـ28، من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ خلال العام الحالي والعام المقبل، كما شهدت القمة عقد المؤتمر الإقليمي للشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا 2022، فضلا عن تكريم الفائزين في الدورة الرابعة من جائزة الإمارات للطاقة التي ينظمها المجلس الأعلى للطاقة في دولة الإمارات والتي عقدت تحت شعار «تعزيز الابتكار لطاقة مستدامة». وعلى صعيد دولة الإمارات العربية المتحدة تبرز أهمية القمة وفقا لما أشار إليه معالي سعيد محمد الطاير نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي، ورئيس القمة العالمية للاقتصاد الأخضر من أنها تجمع مجموعة من كبار صناع القرار والخبراء والمتخصصين، لمناقشة سبل تسريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر. وتدعم النهج الاستباقي الذي اعتمدته دولة الامارات في مسيرة العمل المناخي، لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والشاملة. وقد شهدت القمة العديد من الجلسات البحثية المتميزة مثل الجلسة النقاشية الرئيسية الأولى والتي كانت تحت عنوان «تطبيق اتفاقية باريس: بناء إرث العمل المناخي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» وناقشت الخطوات والإجراءات المستقبلية اللازمة لتحقيق أهداف اتفاقية باريس، ودفع عجلة العمل المناخي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من خلال توسيع نطاق تبني الممارسات المستدامة من قبل كل شرائح المجتمع. وكذلك جلسة بعنوان «التزام دولة الإمارات في التحول نحو سلاسل إمداد خضراء وأكثر ذكاء»، وتناولت بالتحليل أهمية ذلك على قطاع التجارة، بوصفه أحد الركائز الرئيسة لاقتصاد الدولة، كما يتضح ذلك بظهور اتفاقيات تجارية ثنائية جديدة. وأشار المتحدثون في الجلسة إلى أهمية اعتماد سلاسل إمداد أكثر استدامة وذكاء، تتيح تحقيق رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة بالتوسع التجاري، مع الالتزام بتحقيق مستهدفاتها، والتزاماتها تجاه التغير المناخي. كما جاءت الجلسة التي حملت عنوان «الهيدروجين: وقود المستقبل» الخبرات والتجارب الإقليمية والمشاريع المتعلقة بالبحوث والتطوير، لتؤكد أهمية تبني الهيدروجين بوصفه أحد الممكنات الرئيسية للتحول إلى عالم صفري الانبعاثات. وأكد الرئيس التنفيذي لشركة سيمنس للطاقة في منطقة الشرق الأوسط والإمارات في حديثه في الجلسة: أن الهيدروجين يكتسب شعبية متزايدة في عالمنا الراهن، وأوضح تجربة شركة سيمنس للطاقة في هذا المجال والتي حرصت على تطوير أهم التقنيات التي ستسهل عملية إزالة الكربون من الطاقة، كما أشار إلى خطة الشركة في التوسع باعتماد حلول الطاقة النظيفة ومنها تسخير طاقة الرياح. فيما سلطت الجلسة التي حملت عنوان إزالة الكربون من أنظمة الطاقة بنجاح، الضوء على أهمية إزالة الكربون من أنظمة الطاقة وإجراء تغييرات شاملة في توزيع الطاقة على مستوى العالم لدعم العمل المناخي وخفض انبعاثات غازات الدفيئة وتحقيق أهداف الحياد الكربوني، وضمان أمن الإمدادات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودور ذلك في تطوير مصادر الطاقة المحلية بطريقة مستدامة بيئياً ومسؤولة مجتمعياً، فضلا عن بيان أهمية إسهام القطاع الخاص في دفع وتسريع أجندة تحول الطاقة. فيما ركزت الجلسة المعنونة بـ«الاستثمار في التكيف المناخي والاستثمار في النمو والمرونة» على الحاجة إلى تحقيق التوازن والمواءمة بين النمو الاقتصادي قصير الأمد من ناحية، والتقدم في تحقيق الأهداف المناخية لضمان النمو المستدام طويل الأمد من ناحية أخرى. أما الجلسة التي جاءت تحت عنوان «تسريع عجلة نمو الاقتصاد الأخضر العالمي» فقد بحث المتحدثون خلالها العوائق الاقتصادية الناجمة عن شح الموارد، والحاجة إلى تقليل المدة الزمنية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما تطرق المتحدثون إلى الضرورة الملحة لبناء الاقتصاد الأخضر، في ظل التحديات الكبرى التي طالت مختلف المناطق حول العالم، نتيجة التغير المناخي. وناقشت الجلسة آفاق التحول لمستقبل مستدام وصديق للبيئة. وعموما فقد وضعت القمة العالمية للاقتصاد الأخضر العالم أمام مسئولياته التاريخية في أهمية تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على استدامة الموارد وإتاحتها عند الطلب إلى جانب الحفاظ على بيئة نظيفة خالية من الملوثات، وتعزيز المرونة، والقدرة على التكيف مع المتغيرات البيئية والاقتصادية والاجتماعية. وإمكانية بناء المدن المرنة في المستقبل، وتعزيز قدرتها على الحد من المخاطر عند التعرض للكوارث الطبيعية، أو الجوائح العالمية. فضلا عن تعزيز دور المدن المبتكرة، التي توظف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتقنيات المرتبطة بها، والقادرة على تحسين جودة الحياة وفعالية العمليات والخدمات الحضرية، إلى جانب تعزيز تنافسيتها، مع ضمان الحفاظ على بيئة مستدامة، ستسهم في بناء مستقبل صحي ومزدهر للأجيال القادمة. { أكاديمي وخبير اقتصادي
مشاركة :