عمّان - بينما تزدهر حركة الترجمة إلى العربية، لا تزال جهود ترجمة الكتابات العربية نحو لغات أخرى قليلة لا ترتقي إلى خلق حراك فعّال ومؤثر في المشهد الفكري العربي والعالمي. وانطلاقا من هذه النقطة، انعقدت ندوة “شاهد على الترجمة” في جامعة إربد بالأردن حيث ناقش المتدخلون والمشاركون مجموعة من المفاهيم حول تشخيص واقع الترجمة ومأسستها في الأردن، وسياق الترجمة في مدينة إربد، ودور الترجمة في بناء جسور التواصل الثقافي بين الشعوب والمحافظة على روح النص وهويته، وكذلك الحفاظ على قنوات التواصل بين المترجمين المحترفين من جهة وبين الأكاديميين من جهة ثانية، والترجمة والتعريب والمصطلحات. وفي هذا السياق قالت وزيرة الثقافة الأردنية هيفاء النجار إن الترجمة تعد “عملية نقل انتقائي نقدي عقلاني للمعرفة والثقافة، وعملية نقل روح النص وفلسفته وفكره”، مؤكدة أن موضوع الترجمة يقع في قلب المشروع الثقافي الأردني. الترجمة في الأردن لا تحظى باهتمام رسمي كبير حيث تظهر الأرقام أن نصيب الأسد ناجم عن مبادرات فردية وأشارت النجار خلال رعايتها لفعاليات ندوة “شاهد على الترجمة” التي نظمتها جامعة اليرموك وجمعية المترجمين الأردنيين، ضمن فعاليات إربد العاصمة العربية للثقافة 2022، إلى أن الترجمة جزء أساسي بكل ما يتصل بالحياة الثقافية. بدوره أكد عميد كلية الآداب الدكتور موسى الربابعة أهمية الترجمة في تفاعل الحضارات والتواصل بين الجامعات التعليمية، وأنها غدت شكلا جوهريا من أشكال المثاقفة التي تنفتح على الآخر لفهمه وإدراك عالمه وعلومه، كما أنها علم لا يعرف حدوده وأركانه إلا الذي خبر الترجمة وعانى في سبيلها، فهي علم وثقافة وكنوز من المعرفة. وأشار الربابعة إلى أن للترجمة دورا أساسيا في حياتنا اليومية لأنها قادرة على اختراق الجغرافيا لتصل إلى الثقافة والمعرفة عند الآخر، وفتح الآفاق أمام بيئات وثقافية ولغوية مجهولة، لافتا إلى أن المترجم ليس عبارة عن وسيط يتعامل مع أنظمة لغوية، بل إنه وسيط ثقافي. وألقى رئيس جمعية المترجمين الأردنيين محمد عبيدات كلمة أشار فيها إلى أن انعقاد الندوة جاء احتفاء باليوم العالمي للترجمة الذي يصادف الثلاثين من سبتمبر من كل عام. واستعرض عبيدات نشأة جمعية المترجمين الأردنيين عام 1993 بهدف الارتقاء بالترجمة في الأردن من خلال ضبط جودتها ورفع كفاءة المترجمين، والعمل مع الجهات المعنية لحماية المترجمين، بالإضافة إلى تهيئة المترجمين المعتمدين، وتبادل المعارف والخبرات الخاصة بالترجمة، وعقد الندوات والمؤتمرات العلمية في مجالات دراسات الترجمة للارتقاء بكفاءة المترجمين والأكاديميين على حدٍ سواء. Thumbnail وأكد عبيدات أن الترجمة مثاقفة بين الأمم والحضارات وهي ظاهرة إنسانية ووسيلة اتصال بين الأمم والشعوب، لافتا إلى أن العرب قد ترجموا عن اليونان والفرس والهنود، حيث قاموا بترجمة فلسفة أرسطو وأفلاطون وطب أبقراط عن اللغة اليونانية، وترجموا عن الفارسية كليلة ودمنة والشاه نامة الفارسية للفردوسي، وعن الهندية الحكم والأمثال وعلم الأصوات، ومن جهة أخرى قام الغرب في العصور الوسطى بترجمة الفلك والرياضيات والعلوم الأخرى عن اللغة العربية ومن أبرزها كتاب الطب لابن سينا والخوارزميات وغيرها. ولا تحظى الترجمة في الأردن باهتمام رسمي كبير حيث تظهر أرقام دائرة المكتبة الوطنية، مثلا، أن نصيب الأسد من الكتب المترجمة ناجم عن مبادرات فردية نتج عنها ترجمة نحو 230 كتاباً بينما لا يوجد أي كتاب واحد مترجم برعاية جهة رسمية خلال العامين 2017 و2018، مما يعني بحسب هذه الإحصائية البسيطة أن ما يُترجم في الأردن، وحتى في غيره من الدول العربية التي لا تبدو أفضل حال منه، لا يواكب ولا يجاري ما يتم إنتاجه من علوم في العالم الغربي.
مشاركة :