المصمم اللبناني العالمي عبد محفوظ  لـ "هي": أروي حكاية العروس من خلال الموضة

  • 10/21/2022
  • 08:31
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

ليس بالأمر السهل أن يصل اسم أي مصمّم أزياء إلى العالمية! وراء مدرجات العروض تنتظره رحلة مفعمة بالتحديّات يواجه فيها تصاميم مبتكرة خلقها عمالقة الموضة؛ لا شكّ أنّ هذا التحدي يتطلّب عناصر عدّة، أبرزها الذوق الرفيع، الموهبة الفذة، الثقافة الواسعة، والحرفية اللامتناهية؛ تعمل هذه العناصر مجتمعة لتقديم رسالة هادفة ومهمة ناجحة، ما يتطلّب بذل جهود جبّارة تنافس خبرات ومهارات يمتلكها صنّاع الأزياء في العالم:  باريس، نيويورك، روما، ولندن_ عواصم أربعة تختصر اتجاهات الأزياء في عروض تشبه العالم الخيالي. عبد محفوظ صاحب دار عريق وصل إلى العالمية من خلال صناعة أفكار تصميمية لخياطة الأزياء الراقية؛ من قوام السيدة وطبعها وشخصيتها، إلى أصالة الأفكار المتجذّرة في الإرث التاريخي للدار، انطلقت قصة الإبداع. بين الأقمشة والخيطان والمقصّات، ترعرع عبد محفوظ في عائلة تعمل في الخياطة، فقرّر الغوص في عالم  صناعة الموضة من بابه الواسع عام 1982، ليصبح من أحد الأسماء الكبيرة على صعيد لبنان والعالم. تخصّص في الهندسة الكهربائية، وكان يساعد شقيقتيه ووالدته في الخياطة، ليقفز بعدها في خطوة مغامرة لامتهان تصنيع الأزياء، مؤسساً العلامة التجارية لدار محفوظ على مستوى عالمي؛ دار تصنّع الأقمشة بمشغلّيها المحترفين الذين يخيطون وينفذون التصاميم في مزيج خالص من الألوان  يحاكي أنوثة السيدة العصرية ويحفظ رصانة الزمن الجميل المحافظ. لعلّ أبرز ما يميّز هذه الدار هو الدمج الخلاّق بين الرسالة وراء التصاميم من خلال إظهار شخصية السيدة وطبعها وقوامها، والتنفيذ بطريقة انسيابية عبر التركيز على نوع الأقمشة واحترافية التفنن في التقطيع والخياطة النظيفة والألوان المنسقة بشكل ساحر.   عام 2009، احتلّ المصمم اللبناني العالمي عبد محفوظ المرتبة 78 في قائمة أريبيان بزنس لأكثر 100 شخصية عربية تأثيراً في العالم، وتم تكريمه من قبل أكبر عواصم الموضة في العالم. فماذا لدى هذا المصمم المخضرم ليقوله لـ "هي"؟ من الطبيعي أن تختلف الأفكار في الموضة بين أصحاب الخبرات في عالم الأزياء وفئة عمر الشباب، لكن الأفكار لا تنضب من الجهتين. فلنتقي وإياهم في أفكار تصاميم، وقد تختلف طريقة الطرح والتنفيذ. ما يهمني قوله بعد 40 عاماً من الخبرة، إنّ طريق صناعة الموضة محفوفة بالتحديّات والتعب والمنافسة؛ حقيقة ما يفتقده هذا الجيل هو الصبر والمثابرة للوصول، إذ يعتقدون أنّ سبل النجاح سهلة وخالية من التعقيدات، وأكثر ما يهتمون له هو الوصول السريع. لذا، أنصحهم بالتروّي والصبر والعمل الدؤوب للوصول، كما نسعى دائماً خلال التدريب على تشجيعهم وتوعيتهم على مصاعب المهنة لتحقيق النجاح. التطوّر الرقمي هو سيف ذو حدّين، له حسناته من خلال تقريب المسافات لناحية التواصل الإفتراضي بين العالم، والإطلاع على آخر التحديثات؛ إنّما ما يشكل تحديّاً  لنا هو أنّ صناعة الموضة تندرج في إطار العلاقات الإنسانية وتركّز على التواصل الإنساني المباشر، وهذا ما قد يهدّده العمل عبر "أونلاين". فعملنا يتطلب توطيد العلاقة بين المصمم والزبائن، لإحاطة العمل بلمسات إنسانية خلاقة. إلى ذلك، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ دولنا العربية على وجه التحديد، تشدّد على حرفية الموضة والتفنن في خياطة الملابس، فيما للأسف أغلب دول أوروبا والعالم يتجهون نحو التجارة في معظم الأحيان في هذا الإطار. هذا أمر آخر ننظر إليه كتحدٍ مباشر للمهنة بظلّ الانفتاح الحاصل،  فالخوف كبير أن يطغى الطابع التجاري على فنّ الموضة. كل بلد أضاف لي إلهاماً معيناً؛ بالنسبة لبلدي لبنان، أراه الرقم الصعب والأول على صعيد الموضة عربياً وعالمياً، والدليل إبداع المصممين اللبنانيين أينما حلّوا. بالنسبة إلى الإمارات، فقد وفرّت لي جواز سفر عالمياً، من خلال الإنفتاح على كافة الجنسيات والمرافق، وهذا ما أتنعّم به خلال إقامتي في دبي. أمّا باقي العواصم الأوروبية، فقد وفّرت لي فرصاً كبيرة، وأعدّت حفلات تكريمية لي، وهذا بالطبع أمر ملهم ومُقدّر من ناحيتي. صناعة الموضة هي إرث متواجد في العائلة منذ سنوات بعيدة. انطلاقتي في عالم الأزياء كانت خلال عام 1982، وانبثقت الفكرة من عائلتي، التي أراها القاعدة الأساسية لإنطلاقتي المهنية. كنت أساعد شقيقتي "خيرية" في الخياطة، حتى قرّرت خوض المغامرة والإنخراط في عالم صناعة الموضة. اليوم، وبعد 40 عاماً، يشرّفني أن دار محفوظ حضنت لأجيال، العديد من المصممين والمطرّزين والخياطين، الذين استفادوا من خبراتنا في هذا المجال.  امرأة عبد محفوظ هي التي تقدّر عملنا والاتجاهات التي نبتكرها في الموضة، والتي تتجنب عنصر المقارنة مع غيرنا؛ فنحن ندرس شخصية السيدة كي نصمم لها ما يناسبها، كما نحرص على الوقوف عند طلبها، ونخيط ما يناسب قوامها وشخصيتها، كما نأخذ في عين الإعتبار قصة كل عروس على حدى، كي تظهر بلوك متفرّد. نستعد اليوم لعرض في باريس يتضمن مجموعتنا الجديدة التي ستأتي بألوان متعددة كالابيض، والعسلي، والبيج، والأوف وايت. أجد نفسي أقرب إلى الموضة في الزمن الماضي، حين كانت تتضمن رسالة هادفة ونوعية جيدة. بالمقابل، أرى أنّ عالم الموضة يشبه إلى حد بعيد  الإختصاص الجامعي، حيث نتعلّم ونترقى ونتطوّر بشكل دائم. بشكل عام لا تتغيّر موضة فساتين الأعراس كل عام، بل تشمل تحديثات  تواكب التغيرات والاتجاهات. على سبيل المثال، أكمام الفساتين المنفوخة ترند في العام المقبل، وستتضمن مجموعتي هذه التصاميم. فستان الزفاف الفيكتوري هو رمز لنقاء وبراءة العروس؛ وهو يجسّد قصص الحب الرومانسية الجارفة في الأزمنة الغابرة، حيث كان يتم  تصميم الفستان الأبيض كرمز للبراءة والعذرية بدلاً عن المال والمادة. لذا، نستوحي من هذا النمط، مع اجراء تحديثات طبقاً للمعايير العصرية وبحسب العروس؛ فلكل سيدة قصتها الخاصة وشخصيتها المميزة وقوامها المختلف.  ننطلق من هذه العناصر كي نؤمن طلّة متكاملة في يومها الكبير. لكل قماش رونقه الخاص في الموضة؛ الدانتيل على سبيل المثال يرقى بالعروس. فالفستان الدانتيل المتقن ليس جميلًا فحسب، بل يضفي طابعاً نخبوياً. بالمناسبة، الملكة فيكتوريا ارتدت فستان زفاف بالدانتيل المصنوع يدوياً لفستان زفافها، وحذت الكثير من السيدات حذوها حينها. بالمقابل، أقمشة الساتان تخلق للعرائس مظهرًا ناعمًا وخالداً؛ كما هي نسيج مثالي لوصيفات العروس. لبنان سيعود بخير كما السابق وأفضل. أتوقع ولادة جديدة للوطن، وستعود بيروت إلى سابق عهدها كشعلة في الموضة والأناقة والضيافة والتطوّر.

مشاركة :