أكد آية الله محمد جواد العلوي البروجردي، أحد أبرز رجال الدين الشيعة في إيران، حق الناس في “انتقاد” السلطات، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية، اليوم الجمعة، في وقت تشهد البلاد احتجاجات على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني. وقال العلوي البروجردي إن “للشعب حق انتقاد قادته في المجتمع الإسلامي، أكان الانتقاد مبررا أم لا”، وفق ما نقلت عنه وكالة “شفقنا” الإيرانية. وأضاف إن “للناس أمورا يريدون قولها، وهم غير متفقين مع ما تقومون به”. ورجل الدين البالغ 68 عاما، هو حفيد الراحل آية الله العظمى حسين البروجردي، أحد أبرز مراجع الدين الشيعة خلال القرن العشرين. وشهدت مدن إيرانية عدة تحركات على مدى الأسابيع الماضية، في ما يعد أوسع احتجاجات تشهدها البلاد منذ التحركات ضد رفع أسعار الوقود في العام 2019. وتوفيت الكردية الإيرانية مهسا أميني (22 عاما) في 16 سبتمبر/أيلول، بعد ثلاثة أيام من توقيفها في طهران من قبل شرطة الأخلاق لعدم التزامها القواعد الصارمة للباس في إيران . واندلعت منذ وفاتها، احتجاجات واسعة قضى خلالها العشرات بينهم عناصر من قوات الأمن. وأعلنت السلطات توقيف مئات من “مثيري الشغب”. وقال آية الله العلوي البروجردي في التصريحات التي أوردتها “شفقنا”، إن “بعض الأشخاص تم توقيفهم وهم حاليا في السجن عاملوهم بتعاطف”. وكان المرجع البارز آية الله حسين نوري الهمداني حضّ السلطات في سبتمبر/أيلول على “الإصغاء للشعب”، معتبرا في بيانه نشره موقعه الإلكتروني أن على القادة “أن يصغوا لمطالب الشعب وأن يحلوا مشاكله وأن يبدوا إكتراثا بحقوقه”. علي عكس ذلك قال أحد كبار رجال الدين في إيران إنه ينبغي على القضاء الإيراني اتخاذ تدابير صارمة ضد المتظاهرين، وإن أي شخص يظن أن حكام الدولة سيسقطون حالم. وأفادت وسائل إعلام إيرانية بأن رجل الدين المتشدد أحمد خاتمي قال في خطبة، اليوم الجمعة، في طهران “ينبغي للقضاء التعامل مع مثيري الشغب، الذين خانوا الأمة وسكبوا الماء في طاحونة مياه العدو، وذلك بشكل يردع الآخرين حتى عن الرغبة في إثارة الشغب مجددا”. وأضاف “قالوا للفتية المخدوعين إنهم إن بقوا في الشوارع لأسبوع، فسيسقط النظام الحاكم. واصلوا أحلامكم! ينبغي للقضاء التعامل مع مثيري الشغب بشكل يردعهم عن التطلع إلى إثارته مجددا”. وأنحت إيران باللائمة على “عناصر إجرامية” ذات صلة “بالأعداء الأجانب” في الاضطرابات. وفي ظل تواصل الاحتجاجات في عدة مدن، نشر موقع (1500 تصوير) مقطع فيديو قال إنه يعرض مظاهرة في مدينة أصفهان في وسط البلاد ومقطع يفترض أنه يعرض المتظاهرين وهم يشعلون حرائق في شوارع مدينة مهاباد الواقعة في شمال غرب البلاد في وقت متأخر من مساء أمس الخميس. وقال ناشطون إن مقاطع فيديو المتظاهرين تأخرت بسبب القيود التي تفرضها السلطات على الإنترنت في إيران. وفي سياق متصل خرج مئات المتظاهرين إلى شوارع مدينة زاهدان جنوب شرق إيران، اليوم الجمعة، بعد ثلاثة أسابيع على مقتل العشرات في احتجاجات “الجمعة الدامية”، حسبما أظهرت مقاطع فيديو نُشرت على الإنترنت. وشهدت مدينة زاهدان في محافظة سيستان-بلوشستان أعمال عنف استمرت أياماً عدّة، بدأت بتظاهرات نُظّمت في 30 سبتمبر/أيلول على أثر تقارير أفادت بتعرّض فتاة للاغتصاب على يد شرطي. وأسفرت أعمال العنف عن مقتل 93 شخصاً على الأقل، وفقاً لمنظمة حقوق الإنسان في إيران. من جهتها، وصفت وسائل الإعلام المقرّبة من الحكومة الإيرانية مواجهات زاهدان بأنها “حادثة إرهابية” موجّهة ضدّ مركز للشرطة، مشيرة إلى أنها أدت إلى مقتل خمسة من عناصر الحرس الثوري. وأظهر مقطع فيديو تمّ تداوله على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، الجمعة، متظاهرين تجمّعوا خارج مركز للشرطة وهم يهتفون “الموت للديكتاتور”، في إشارة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي. وفي مقطع فيديو آخر نشرته إذاعة “فاردا” وهي محطة تبثّ بالفارسية مموّلة من الولايات المتحدة، ظهر محتجّون متجمعين بعد صلاة الجمعة وهم يهتفون “الموت لخامنئي” و”وحدة، وحدة”. وتقع سيستان بلوشستان قرب الحدود مع أفغانستان وباكستان، وهي واحدة من أفقر المناطق في إيران، التي تسكنها أقلية البلوش السنية في جنوب شرق البلاد. ولطالما أشار نشطاء ومنظّمات غير حكومية إلى أنّ هذه المنطقة تواجه تمييزاً من قبل السلطة الدينية في طهران، حيث يُقتل عدد من البلوش في اشتباكات مع سلطات إنفاذ القانون كل عام، أو يُدانون أو حتى يُعدَمون.
مشاركة :