قررت بريطانيا مؤخراً منع دخول كبد الأوز الفرنسي (FOIE GRAS) إلى أراضيها، لقلقها إزاء سوء معاملة الأوز والبط في فرنسا، وكان سوء المعاملة عبارة عن إطعام الأوز الذرة بالإكراه. مسكت رأسي بعشري وأحسست صدقا بغصة تخنقني أمام تلك العبارة السالفة- كما يحس بها كثير من أبناء الأمة الشرفاء - على حالها هذه الأيام وعلى حال الإنسان العربي (فيما يسمى بلاد الربيع العربي تحت وطأة الجوع والعذاب) الذي يتمنى أن يكون (وزة) في أوروبا، لأنه يحتاج إلى أزمنة كي يعالج من الآثار النفسية بسبب مشاهد الترويع والتقتيل والتهجير وماأفرزته حالة الفوضى من طرق جديدة للموت تجاوزت وحشيتها الخازوق والمقصلة والفرم والسحل في التاريخ الإنساني، حال تشكى إلى الله وحده ابتداء من سوريا ريحانة التاريخ والتي تم تدمير حضارتها بالكامل ليشهد العالم كل مساء على شاشات التلفزة بكاء قاسيون المطل على حبيبته دمشق وهي تحترق كما احترقت روما ذات زمان غابر على يد طاغيتها نيرون ليستمتع بقطعة موسيقية سخيفة، ومرورا بسواد العراق الذي تم تجريفه ليتصحر أيضا ذلك السواد الذي تحول إلى هشيم تذروه الرياح، وكان قبلا يسمى سوادا من شدة خضرته وتشابك أغصانه، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل تعكر صفاء دجلته وفراته في هذا الواقع الموجع بدماء العروبة المستباحة على يد أبناء جلدته وليس بحبر مخطوطات دار الحكمة على يد الغازي هولاكو المغولي الذي أعلن آنذاك سطوة الغزاة، كما يعلن واقع العراق اليوم أن لاحكمة تشهدها الساحات ولادار يستظل بها الإنسان العراقي من هجير الطائفية المقززة، وانتهاء بمصر العبقرية والحضارة والتي يكاد يسقط كبرياؤها من أهراماتها الشاهقة وهو يردد عبارة سعد زغلول بعد محاولاته الحثيثة للملمة الخلافات التي استعصت على الحل واستعصى أطرافها على الالتقاء فقال لزوجته ذات مساء حزين حينما اختار لزوم سريره :”غطيني ياصفية... مافيش فايدة” إعلانا لحالة الإفلاس والهزيمة وعدم التفاهم مع من حوله على الأصعدة كلها، وهي حالة من الإحباط تشبهها حالة شيخ الأزهر أحمد الطيب حينما أعلن اعتكافه في بيته حتى انتهاء أعمال العنف بمصر قبل أيام.
مشاركة :