تكاثف الغيوم على الاقتصاد العالمي إيذانا بالعاصفة «2 من 3»

  • 10/22/2022
  • 23:09
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يمكن أن تكون الموجة التضخمية أطول أجلا من المتوقع، كما حدث في السابق، ولا سيما إذا استمرت حالة الضيق الشديدة في أسواق العمل. ولا تزال الحرب في أوكرانيا على أشدها، ويمكن أن تؤدي مواصلة التصعيد إلى تفاقم أزمة الطاقة. كذلك يتضمن أحدث تقاريرنا تقييما لحجم المخاطر المحيطة بتوقعات السيناريو الأساسي. فحسب التقديرات، هناك احتمالية بنسبة 1 إلى 4 تقريبا لتراجع النمو العالمي خلال العام المقبل دون مستوى 2 في المائة، وهو أقل مستوياته على الإطلاق. فحال تحقق عديد من المخاطر المذكورة في التقرير، قد يتراجع النمو العالمي إلى 1.1 في المائة، وتظل مستويات نصيب الفرد من الدخل شبه ثابتة خلال 2023. ووفقا لحساباتنا، تبلغ احتمالية تحقق هذه التطورات المعاكسة، أو ربما أسوأ منها، 10 في المائة إلى 15 في المائة. وحول أزمة تكلفة المعيشة، تظل الضغوط السعرية المتزايدة تشكل التهديد الأكثر إلحاحا لرخاء الأجيال الحالية والمستقبلية بسبب دورها في تقليص الدخول الحقيقية وتقويض استقرار الاقتصاد الكلي. وفي الوقت الحالي، تعمل البنوك المركزية بكامل طاقتها على استعادة استقرار الأسعار، ما أدى إلى تسارع حاد في وتيرة التشديد. غير أن التساهل أو الإفراط في التشديد يؤدي كلاهما إلى مخاطر عدة، فالتساهل قد يؤدي إلى استمرار ترسخ القوى التضخمية، وتراجع مصداقية البنوك المركزية، وانفلات ركيزة التوقعات التضخمية. وكما تعلمنا من التاريخ، لن يؤدي ذلك سوى إلى تحمل تكلفة أكبر في نهاية المطاف لكبح جماح التضخم. أما الإفراط في التشديد، فقد يؤدي إلى دفع الاقتصاد العالمي نحو حالة من الركود الحاد بلا داع. وقد تعاني الأسواق المالية بدورها من أجل التكيف مع التسارع الحاد في وتيرة التشديد. وما بين التساهل والإفراط، تتفاوت تداعيات هذه السياسات المغلوطة. فالبنوك المركزية قد تتراجع مصداقيتها التي اكتسبتها بشق الأنفس إذا أساءت تقدير الطبيعة المزمنة للتضخم مجددا، وهو ما سيكون أكثر خطورة على استقرار الاقتصاد الكلي مستقبلا. وعلى السياسة المالية أن تضمن استمرار الاستقرار في الأسواق عند الضرورة، وإن كان يتعين على البنوك المركزية الاستمرار بقوة وحسم في توجيه سياساتها النقدية نحو ترويض التضخم. وتكمن تحديات جسيمة في صياغة سياسات المالية العامة الملائمة للاستجابة لأزمة تكلفة المعيشة. وأذكر هنا عددا قليلا من المبادئ المهمة. أولا، ينبغي ألا تتعارض أغراض سياسة المالية العامة مع مساعي السلطات النقدية في خفض التضخم، وإلا سيطول أجل الموجة التضخمية، ما قد يخل بشدة باستقرار النظام المالي، كما اتضح في الأحداث الأخيرة. ثانيا، فإن أزمة الطاقة، ولا سيما في أوروبا، ليست مجرد صدمة انتقالية، فإعادة توزيع إمدادات الطاقة على نطاق جغرافي وسياسي واسع في أعقاب الحرب أصبحت واقعا دائما. وسيحمل لنا عام 2022 شتاء صعبا، لكن شتاء 2023 سيكون أسوأ على الأرجح. وتمثل الإشارات السعرية أداة مهمة لكبح الطلب على الطاقة، وزيادة العرض في المرحلة المقبلة... يتبع.

مشاركة :