إن الضوابط السعرية، أو الدعم غير الموجه، أو حظر التصدير، جميعها إجراءات تفرض تكلفة باهظة على المالية العامة وتؤدي إلى فرط الطلب، ونقص الإمدادات، وسوء التوزيع، وترشيد الاستهلاك، بل نادرا ما تحقق الغرض منها. وعوضا عن ذلك، ينبغي أن تستهدف سياسة المالية العامة حماية الفئات الأكثر عرضة للمخاطر من خلال صرف تحويلات موجهة ومؤقتة. وثالثا، يمكن لسياسة المالية العامة مساعدة الاقتصادات على التكيف مع زيادة التقلبات من خلال الاستثمار في تعزيز الطاقة الإنتاجية: رأس المال البشري والتحول الرقمي والطاقة الخضراء وتنويع سلاسل الإمداد. فالتوسع في هذه الاستثمارات من شأنه جعل الاقتصادات أكثر صلابة في مواجهة الأزمات المقبلة. غير أن السياسات الحالية لا تسترشد دائما بهذه المبادئ المهمة مع الأسف. وبشأن تداعيات ارتفاع قيمة الدولار يواجه عديد من الأسواق الصاعدة تحديات جسيمة. وبلغ الدولار في الوقت الحالي أعلى مستوياته منذ أوائل العقد الأول من القرن الـ21، وإن كان هذا الارتفاع يبدو واضحا للغاية مقابل عملات الاقتصادات المتقدمة. حتى الآن، يبدو أن هذا الارتفاع ناتج في معظمه عن عوامل أساسية، مثل تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة وأزمة الطاقة. حتى الآن، يبدو أن هذا الارتفاع ناتج في معظمه عن عوامل أساسية، مثل تشديد السياسة النقدية في الولايات المتحدة وأزمة الطاقة. وفي معظم دول الأسواق الصاعدة والنامية، تكمن الاستجابة الملائمة في معايرة السياسة النقدية للحفاظ على استقرار الأسعار، مع السماح بتعديل أسعار الصرف، والاحتفاظ باحتياطيات النقد الأجنبي القيمة لاستخدامها إذا ما ساءت الأوضاع المالية للغاية. والآن وقد بات الاقتصاد العالمي قريبا من مواجهة موجة عاصفة، حان الوقت لقيام صناع السياسات في الأسواق الصاعدة بسد الثغرات. فعلى الدول أن تنظر فورا في تعزيز مستويات السيولة الوقائية، بما في ذلك من خلال طلب الاستفادة من الأدوات الوقائية التي يوفرها الصندوق شريطة استيفائها شروط الاستفادة وسلامة سياساتها. علاوة على ذلك، ينبغي أن تستهدف الدول الحد من تأثير الاضطرابات المالية المستقبلية من خلال مزيج من التدابير الوقائية الملائمة على جانب سياسات السلامة الاحترازية الكلية والتدفقات الرأسمالية، وفق إطار السياسات المتكامل الذي وضعه الصندوق. وعديد من الدول منخفضة الدخل بلغ بالفعل نقطة المديونية الحرجة أو بات قريبا منها. لذلك علينا الآن أن نمضي قدما في إعادة هيكلة الديون بصورة منظمة من خلال "الإطار المشترك لمجموعة العشرين" لمصلحة الدول الأكثر تضررا لتجنب موجة من أزمات الدين السيادي. فربما يفوت الأوان قريبا. وفي أزمات الطاقة والغذاء، وما اقترن بها من ارتفاع حاد في درجات الحرارة خلال فصل الصيف، تذكرة قاسية بما قد تحمله لنا التحولات المناخية من تحديات ما لم ننجح في السيطرة عليها. وبتقدمنا على صعيد سياسات المناخ، وتسوية الديون، والقضايا الخاصة الأخرى متعددة الأطراف، سنثبت أن الجهود المركزة متعددة الأطراف من شأنها بالفعل أن تحقق التقدم للجميع، وأن تتصدى بنجاح للضغوط الناجمة عن التشتت الجغرافي ـ الاقتصادي.
مشاركة :